«تدفقات قياسية» للاستثمارات الصينية تعزز الازدهار في صناديق الذهب عالميًا

يحظى الذهب بأهمية كبرى في الأسواق المالية باعتباره ملاذاً آمناً ومستقراً في وجه الأزمات الاقتصادية واضطرابات الأسواق، ويتزايد الطلب على المعدن الأصفر في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية، خاصة في الصين التي أصبحت اليوم المركز الأكبر لشراء الذهب على مستوى العالم، حيث يعكس هذا الطلب المتزايد التفاؤل حيال استقرار الأصول وحماية رؤوس الأموال من مخاطر التضخم والركود المتزايدة.

تصاعد الطلب في الصين على الذهب

تشير البيانات الأخيرة الصادرة عن مجلس الذهب العالمي إلى ارتفاع غير مسبوق في شراء صناديق الذهب المتداولة داخل الصين، حيث سجلت التدفقات النقدية في شهر أبريل وحده 70 طناً بقيمة تُقدر بحوالي 7.4 مليارات دولار، وهو ما يعادل ضعف الرقم القياسي المعتاد، وتأتي هذه الزيادة بالتزامن مع الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ما زاد من قلق المستثمرين وسبّب زخماً استثمارياً كبيراً في الأصول الآمنة.

وقال جون ريد، كبير استراتيجيي الأسواق في مجلس الذهب العالمي، إن الطلب على الذهب في الصين شهد ارتفاعاً حاداً خلال الشهر الماضي، حيث تشكّل الصين الآن 6% من إجمالي صناديق الذهب العالمية، مقارنة بنسبة 3% فقط في بداية العام، وبهذا الحجم، شكّل الطلب الصيني أكثر من نصف التدفقات العالمية إلى صناديق الذهب خلال الفترة الأخيرة.

العوامل المؤثرة في ارتفاع استثمارات الذهب

يُعتبر الذهب وحدة استثمارية جذابة، لا سيما في وقت تشهد فيه بعض الخيارات الأخرى مثل سوق العقارات والأسهم في الصين أداءً ضعيفاً نسبياً، ويُضاف إلى ذلك القيود الصارمة على حركة رؤوس الأموال، وكذلك القلق العام من الإجراءات الاقتصادية للبيت الأبيض، ما أدى إلى تحفيز المستثمرين نحو توجه مشترك يتمثل في تعزيز حيازاتهم من المعدن النفيس كملاذ وسط شبح ركود عالمي محتمل.

كما ساهمت الارتفاعات القياسية في الأسعار العالمية للذهب، التي لامست 3500 دولار للأونصة ثم استقرت عند 3300 دولار، في زيادة الإقبال، وقد تواكب ذلك مع تنامي فارق السعر المحلي للذهب بالصين ليصل إلى 100 دولار للأونصة مقارنة بالسعر العالمي.

مستقبل الذهب في ظل الطلب العالمي المتزايد

رغم تسجيل الذهب زيادات متواصلة في الطلب الاستثماري طيلة العام الأخير، ما زالت هناك توقعات تشير إلى إمكانية استمرار هذا التصاعد، فقد ارتفع الطلب العالمي على الذهب بنسبة 1% في الربع الأول من 2023، بينما ازداد الطلب الاستثماري بنسبة 170% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وتعد توقعات مجلس الذهب العالمي مؤشراً على أن التحول نحو الذهب كأصل استثماري سيبقى مستداماً.

وفي الختام، تعكس القوى المتزايدة لشراء الذهب من الصين والعديد من الدول الأخرى حاجةً ملحّة للتكيف مع التقلبات الاقتصادية والسياسية، ما يجعل المعدن النفيس خياراً حكيماً للمستثمرين الباحثين عن حماية رؤوس أموالهم من مخاطر السوق.