زيادة 2.54 دينار.. تحركات سعر الدولار في السوق الموازية خلال عام واحد

سعر صرف الدولار في السوق الموازية في ليبيا سجل خلال العام 2025 قفزات تاريخية غير مسبوقة وضعت الدينار الليبي أمام اختبار قاسي؛ حيث بدأت رحلة الصعود من مستوى 6.24 دينار في مطلع يناير لتنتهي عند ذروة مرتفعة بلغت 8.78 دينار في اواخر ديسمبر، محققة زيادة إجمالية قدرها 2.54 دينار، وهو ما يعكس حجم التحديات الهيكلية والضغوط الاقتصادية التي طالت المالية العامة للدولة، وأثرت بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطنين وسط حالة من الترقب لسياسات مصرف ليبيا المركزي الرامية للسيطرة على هذا التذبذب الحاد وتضييق الفجوة السعرية مع السوق الرسمي الذي لم يرتفع سوى بمقدار 47 قرشًا فقط طوال العام.

تذبذبات سعر صرف الدولار في السوق الموازية خلال النصف الأول

انطلقت تداولات العملة في يناير بصعود مفاجئ بدأ من 6.19 دينار ليصل إلى 6.77 دينار بنهاية الشهر، مما أعطى مؤشرًا مبكرًا على عام مضطرب، ورغم الهدوء النسبي الذي خيم على شهر فبراير بتراجع السعر إلى 6.47 دينار، إلا أن وتيرة الارتفاع عادت تدريجيًا في مارس ليستقر عند 6.92 دينار؛ ومع حلول شهر أبريل، شهدت الأسواق قفزة كبيرة بوصول السعر إلى 7.40 دينار، وهو الشهر الذي اتخذ فيه المصرف المركزي قرارًا بتخفيض قيمة الدينار بنسبة 13.3% أمام حقوق السحب الخاصة، مما زاد من حدة الضغوط على العملة المحلية، واستمرت المعاناة في شهري مايو ويونيو بمواصلة الدولار زحفه نحو مستويات أعلى اقتربت من حاجز الثمانية دنانير، مسجلًا 7.87 دينار في ختام النصف الأول من العام، وسط تحذيرات خبراء الاقتصاد من أن ليبيا باتت عالقة في “مصيدة الدولار” وأن الحل الجذري يكمن في تعزيز الإنتاج والتصدير وليس فقط في الحلول النقدية الموقتة.

أسباب قفزة سعر صرف الدولار في السوق الموازية بنهاية السنة

تراكمت العوامل التي أدت إلى بلوغ الدولار أعلى مستوياته في ديسمبر، حيث أرجع مصرف ليبيا المركزي هذا التسارع إلى تنامي عمليات المضاربة الناتجة عن إغلاقات بعض الأسواق الحيوية، وتطبيق ضوابط رقابية مشددة تتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي بدأت في نوفمبر، مما دفع السعر للارتفاع من 7.56 دينار في أكتوبر ليصل إلى 7.95 دينار بنهاية نوفمبر؛ ثم جاء ديسمبر ليشهد الذروة بتجاوز السعر حاجز الثمانية دنانير في أسبوعه الأول وصولًا إلى 8.78 دينار، ويؤكد مراقبون أن الإنفاق الموازي وغياب الرقابة الفعالة ساهما في تعزيز هذه السوق البديلة، فيما اعتبر الخبير الاقتصادي “أبوسنينة” أن هذه السوق هي نتيجة لخلل أعمق وليست السبب الرئيسي، مشددًا على أن سحب بعض الأوراق النقدية قد يكبح الارتفاع مؤقتًا لكن توحيد المؤسسات السيادية هو المطلب الأساسي لضمان استقرار نقدي مستدام يحمي الاقتصاد الوطني من التقلبات المزمنة.

• تأثير عمليات المضاربة الناتجة عن الإغلاقات المتكررة للأسواق والمنشآت.
• غياب التنسيق الفاعل بين السياسات المالية والنقدية لتقليص الفجوة السعرية.
• تشديد إجراءات المراجعة الموحدة وضوابط الرقابة على التحويلات المالية.
• الزيادة في حجم الإنفاق خارج الإطار الرسمي المعتمد للدولة.

رؤية مصرف ليبيا المركزي لإدارة سعر صرف الدولار في السوق الموازية

حاول المصرف المركزي تنظيم المشهد عبر حزمة من الإجراءات التنظيمية شملت إعادة ترخيص مكاتب الصرافة الرسمية وتحديد هوامش ربح محددة لعمليات البيع، مراهنًا على أن إغلاق الكيانات غير المرخصة التي تفرض رسومًا غير قانونية سيساهم في خفض التضخم، ومن جهة أخرى، دخل صندوق النقد الدولي على خط الأزمة بتوصيات صريحة للسلطات الليبية بضرورة الإلغاء التدريجي لضريبة النقد الأجنبي وتخفيف القيود المفروضة مع حماية الاحتياطيات الدولية؛ ويرى الصندوق أن الحل الأمثل يكمن في ضبط الإنفاق المالي العام بوصفه الوسيلة الوحيدة القادرة على استعادة التوازن، وضمان ألا يظل سعر صرف الدولار في السوق الموازية عرضة للتلاعب الذي يكلف ميزانية الدولة والمواطن أثمانًا باهظة في ظل اقتصاد يعتمد بشكل كلي على الإيرادات النفطية المتذبذبة التي لم تنجح وحدها في كبح جماح الصعود المكوكي للعملات الأجنبية.