تحرك سعر الصرف.. كيف صمد الجنيه أمام سداد ٤ مليارات دولار ديون خارجية؟

صمود الجنيه المصري أمام الدولار وسط تحديات سداد الديون الخارجية يعد الملف الأبرز الذي يشغل بال المراقبين والمواطنين مع إسدال الستار على العام الراهن، حيث أثبتت العملة المحلية قدرة لافتة على التماسك رغم النزيف المستمر للسيولة الدولارية لتلبية الالتزامات الدولية المفروضة؛ إذ تحرك سعر صرف الورقة الخضراء في نطاق مرن ومسيطر عليه مابين 47.67 و51.73 جنيهًا، ما يعكس نجاح السياسات النقدية في امتصاص الصدمات التمويلية العنيفة وضمان استقرار سوق الصرف الأجنبي في ظل الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية المحيطة بالمنطقة.

أسباب صمود الجنيه المصري أمام الدولار في ميزان المدفوعات

تحليل البيانات الرسمية يكشف عن حجم الضغوط التي واجهها الاقتصاد القومي، فقد أكد الدكتور أحمد شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء، أن العملة الوطنية حافظت على استقرارها بالرغم من الارتفاع الملحوظ في فاتورة خدمة الدين الخارجي والتي سجلت نحو 38.7 مليار دولار خلال العام المالي 2024-2025؛ وهذه الحصيلة التي تشمل أقساط القروض والفوائد قفزت بمقدار 5.8 مليار دولار عن العام السابق له، ويُعزى هذا التنامي بشكل رئيسي إلى زيادة مدفوعات أصل الديون التي وصلت إلى 30.2 مليار دولار وفقًا لتقرير الوضع الخارجي الصادر عن البنك المركزي المصري، بينما سجل إجمالي الدين الخارجي نموًا بنسبة 5.5% ليصل إلى 161.2 مليار دولار بنهاية يونيو 2025، ما يضع صمود الجنيه المصري أمام الدولار في اختبار حقيقي نجحت الدولة في إدارته من خلال تنويع مصادر التدفقات النقدية الأجنبية وزيادة فاعلية قنوات الدخل التقليدية.

عوامل تعزيز السيولة ودعم صمود الجنيه المصري أمام الدولار

تضافرت عدة روافد اقتصادية حيوية لتوفير الغطاء الدولاري اللازم لمواجهة الالتزامات الدولية، حيث لعب قطاع السياحة دورًا محوريًا بتوقعات تشير إلى جني 17.8 مليار دولار بنهاية عام 2025 مع استقبال ما يزيد عن 18 مليون سائح، وبالموافقة مع ذلك حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج طفرة استثنائية بنمو قدره 45.1% لتصل إلى 30.2 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري مقابل 20.8 مليار في الفترة المثيلة من العام الماضي؛ كما ساعد صمود الجنيه المصري أمام الدولار القفزة المسجلة في صافي الاحتياطيات الدولية التي بلغت 50.215 مليار دولار بنهاية نوفمبر، بالإضافة إلى استقرار عوائد الصادرات عند مستوى 40 مليار دولار، وهي تدفقات مكنت مصر من الوفاء بتعهداتها المالية دون إحداث ارتباك في القوة الشرائية للعملة المحلية أو السماح بوجود فجوات تمويلية تؤدي إلى تدهور سعر الصرف في السوق الرسمي.

• تحسن إيرادات القطاع السياحي بفضل افتتاح مشروعات قومية كبرى مثل المتحف المصري الكبير وتطوير المناطق الأثرية.
• نمو تحويلات المصريين بالخارج نتيجة ثقة المغتربين في استدامة السياسات النقدية وجاذبية الأوعية الادخارية المحلية.
• ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي كحائط صد أساسي للدفاع عن استقرار العملة الوطنية.
• توسيع قاعدة الصادرات المصرية واعتماد مبادرات تحويل الديون إلى استثمارات مباشرة لدعم التنمية المستدامة.

رؤية المحللين حول صمود الجنيه المصري أمام الدولار خلال 2026

تتجه التوقعات نحو انفراجة أكبر في المشهد الاقتصادي خلال العام القادم مع ترقب إدراج مصر على جدول أعمال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في الخامس من يناير المقبل للموافقة على صرف دفعات تمويلية بقيمة 2.4 مليار دولار، ويرى الخبراء أن صمود الجنيه المصري أمام الدولار سيتعزز بقدرة العملة على تحقيق تحسن تدريجي قد يصل إلى 6.2% مدفوعًا بخفض أسعار الفائدة وتخفيف أعباء الدين المحلي؛ كما أن التوجه نحو استبدال القروض بمشروعات استثمارية على أرض الواقع سيقلل من الضغط على الموارد الدولارية، ومع دخول إيرادات جديدة من تطوير الصناعات اليدوية المحلية واستغلال الزخم السياحي العالمي المصاحب لافتتاح الصروح الثقافية الجديدة، ترسم المؤشرات لوحة إيجابية لمستقبل سعر الصرف، بحيث يظل الجنيه قادرًا على مواجهة موجات السداد الخارجي بأقل قدر ممكن من التذبذبات السعرية في الأسواق المالية.