استقرار حذر.. أسعار الفضة تترقب تحركات السوق بعد أكبر تراجع منذ سنوات

توقعات أسعار الفضة والذهب والاتجاهات المستقبلية للسوق العالمي تظل الشغل الشاغل للمستثمرين في ظل التقلبات الأخيرة، حيث استقر المعدن الأبيض تدريجياً بعد أن شهد أكبر موجة تراجع يومي يواجهها منذ أكثر من خمسة أعوام، إذ اندفع المتعاملون نحو عمليات جني أرباح مكثفة عقب قفزات سعرية استثنائية سجلتها الأسواق مع اقتراب نهاية العام الحالي؛ مما عكس حالة من الحذر والترقب لمدى استدامة الصعود السعري القوي قبل الانتقال إلى مرحلة التصحيح الحالية.

وحافظت أسعار الفضة على ثباتها فوق مستوى 72 دولاراً للأونصة خلال تعاملات يوم الثلاثاء، ويأتي هذا الثبات عقب هبوط حاد قُدّر بنحو 9% في الجلسة الماضية، بالتزامن مع استقرار نسبي في أسعار الذهب التي لم تشهد تغيرات جذرية بعد تعرضها لأكبر انخفاض شهري في غضون شهرين؛ حيث يرى الخبراء أن تراجع المعادن النفيسة كان نتيجة منطقية لمؤشرات فنية أكدت أن الارتفاعات السابقة تجاوزت الحد الطبيعي وسارت بوتيرة أسرع من المتوقع، كما ساهمت مستويات السيولة المنخفضة في زيادة حدة هذه التقلبات السعرية المفاجئة، وهو ما دفع بعض المؤسسات المالية والبورصات الكبرى إلى مراجعة سياسات كبح المخاطر الجسيمة؛ إذ قررت بورصة “كومكس” اعتباراً من مطلع الأسبوع رفع متطلبات الهامش على عقود الفضة الآجلة، مما فرض التزامات مالية جديدة على المتداولين لضمان استمرار مراكزهم المفتوحة، الأمر الذي أدى لتصفية صفقات واسعة من قبل المضاربين الذين افتقروا للسيولة الكافية.

توقعات أسعار الفضة والذهب وتحليل الأداء السنوي القياسي كأقوى مستويات منذ عقود

وعلى الرغم من الهزات الأخيرة في السوق، فإن توقعات أسعار الفضة والذهب تشير بوضوح إلى أن كلا المعدنين يسيران بثقة نحو تسجيل أفضل أداء سنوي لهما منذ عام 1979؛ حيث استمدت الأسعار قوتها من عدة ركائز استراتيجية ساهمت في الحفاظ على هذا الزخم التصاعدي، ولعل أبرز هذه العوامل ما يلي:

  • الزيادة المطردة في مشتريات البنوك المركزية العالمية لتعزيز احتياطاتها من المعادن.
  • تدفق رؤوس أموال ضخمة نحو صناديق المؤشرات المتداولة المخصصة للمعادن النفيسة.
  • تأثير سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعد تنفيذه ثلاث تخفيضات متتالية للفائدة.
  • انخفاض تكاليف الاقتراض الذي يعزز جاذبية السلع والسلع التي لا تقدم عائداً دورياً.

وهذا الصعود الأخير لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بعد ضغوط شديدة تعرضت لها بورصة لندن نتيجة تقلص المخزونات إلى مستويات حرجة بفعل الطلب الهندي المتزايد، وبينما بدأت التدفقات تعود لخزائن لندن، لا تزال كميات ضخمة من الفضة حبيسة المستودعات في نيويورك انتظاراً لنتائج تحقيقات تجارية أمريكية قد تفرض رسوماً جمركية جديدة، وتؤكد تقارير شركة “موتيلال أوسوال” أن الشح الحقيقي في العرض هو المحرك الأساسي لهذه الموجة؛ حيث باتت العجوزات المادية والقيود المفروضة على الإمدادات تلعب دوراً محورياً في إعادة تعريف كيفية تسعير وتداول المعدن الأبيض في الأسواق الدولية خلال الفترة القادمة.

توقعات أسعار الفضة والذهب في ظل الاهتمام الاستثماري المضاربي الصيني

تلعب الأسواق الآسيوية دوراً قيادياً في توقعات أسعار الفضة والذهب الحالية، حيث تحول النشاط المضاربي في الصين إلى محرك جوهري للأسعار العالمية في الآونة الأخيرة؛ إذ أدى تزايد طلبات الشراء على عقود الفضة في بورصة شنغهاي خلال شهر ديسمبر إلى ارتفاع العلاوات السعرية لمستويات تاريخية لم يسبق لها مثيل، مما ألقى بظلاله على الأسعار الدولية ودفع صندوق الفضة المتخصص الوحيد في الصين إلى إيقاف استقبال عملاء جدد بعد تجاهل المستثمرين لتحذيرات المخاطر المتكررة، وفيما يخص البيانات الرقمية لأسعار التداول الفورية، يوضح الجدول التالي المستويات السعرية التي سجلتها المعادن المختلفة في أحدث جلسات التداول:

المعدن النفيسي السعر الحالي (دولار للأونصة) نسبة التغير أو المستوى القياسي السابق
الفضة (معاملات فورية) 73.06 دولار سجلت سابقاً 84.01 دولار
الذهب 4343.16 دولار ارتفاع طفيف بعد خسارة 4.4%
البلاتين والبلاديوم تراجع متباين هبوط تجاوز 10% في جلسة الإثنين

وشهدت الفضة في سنغافورة ارتفاعاً بنسبة 1% لتعوض جانباً من خسائرها، بينما بقي مؤشر الدولار التابع لبلومبرغ مستقراً دون تغييرات تذكر مما وفر بيئة هادئة نسبياً لاستيعاب الصدمات السعرية السابقة، ومع تزايد التحليلات التي تشير إلى وجود فجوات في العرض العالمي، تظل توقعات أسعار الفضة والذهب مرتبطة بمدى قدرة البورصات العالمية على إدارة تقلبات السيولة وتأمين التدفقات المادية الكافية لتلبية الطلب الصناعي والاستثماري المتنامي؛ إذ أن التحول في هيكلية السوق يعكس رغبة المستثمرين في التحوط ضد عدم اليقين الاقتصادي والسياسات الجمركية التي قد تظهر مستقبلاً.