قفزة الين الياباني.. تحركات غير متوقعة في سعر صرف العملة مقابل الدولار اليوم

توقعات أسعار الفائدة في اليابان أصبحت الشغل الشاغل للمستثمرين في الآونة الأخيرة؛ إذ تمثل هذه التحولات الرقمية والسياسات النقدية المحرك الجوهري لأسواق المال العالمية، بينما تشهد الجلسات الحالية محاولات جادة من العملة اليابانية لاستعادة توازنها بعد فترات من الهبوط الحاد، ويأتي هذا التعافي الملحوظ في توقيت يتسم بالحساسية البالغة حيث ترصد المؤسسات الاستثمارية الكبرى بدقة متناهية المواعيد المحتملة لتحركات البنك المركزي الياباني المقبلة، وذلك لتفادي أي سيناريوهات مفاجئة تتعلق بالتدخل المباشر لحماية قيمة الين من الانزلاق أمام سلة العملات الدولية.

توقعات أسعار الفائدة في اليابان والارتباط بحركة الدولار والين

سجلت منصات التداول تحركات لافتة في أسعار الصرف خلال الأيام القليلة الماضية؛ فقد تراجع الدولار الأمريكي بنسبة وصلت إلى 0.26% ليستقر عند 156.3 يناً، وذلك بعد موجة صعود سابقة بلغت 0.45% سجلتها التداولات في وقت سابق، وفي الوقت ذاته حافظ الين على استقراره النسبي عند مستوى 105.02 أمام الدولار الأسترالي، وهو رقم يقترب وبقوة من القاع التاريخي الأخير الذي لامسه عند 105.08، مما يبرز حالة الترقب والقلق التي تسيطر على مديري المحافظ المالية حيال ما ستحمله توقعات أسعار الفائدة في اليابان من بيانات جديدة قد تغير خارطة المراكز الاستثمارية، كما أن سيولة التداول المحدودة التي ترافق إغلاقات العام تركت أثرها على اليورو والإسترليني والعملات الأوروبية التي لم تشهد تبدلاً كبيراً في قيمتها الشرائية، بينما سجل مؤشر الدولار الذي يقيس قوة العملة الخضراء انخفاضاً طفيفاً ليبلغ مستوى 97.95 نقطة، وتتجلى أهمية هذه المستويات السعرية في كونها انعكاساً مباشراً لقرارات الفائدة التي تُصاغ خلف الأبواب المغلقة في طوكيو والولايات المتحدة لارتباطها بمعدلات التضخم والقدرة التنافسية الاقتصادية.

قرارات المصرف المركزي ومستقبل توقعات أسعار الفائدة في اليابان

شهدت السياسة النقدية اليابانية تحولاً جذرياً غير مسبوق بعدما قرر بنك اليابان رفع أسعار الفائدة إلى 0.75% بعد أن كانت مستقرة عند 0.5%، وتعد هذه النسبة هي الأعلى التي يتم تسجيلها منذ قرابة ثلاثة عقود كاملة؛ إلا أن هذه الخطوة الجريئة لم تمنع العملة من التراجع بشكل كافٍ لتهدئة الأسواق، حيث انحدر الين لمستويات 157.78 مقابل الدولار في منتصف ديسمبر السابق، وهو الأمر الذي جعل السلطات المالية تطلق تحذيرات شديدة اللهجة حول جاهزيتها للتدخل الفوري في سوق الصرف الأجنبي، وتعيد هذه الأجواء للأذهان ما حدث في شهر يوليو من عام 2024 حين اضطرت الحكومة لشراء كميات ضخمة من الين لإنقاذه بعد وصوله إلى أدنى مستوى منذ 38 عاماً عند 161.96 يناً؛ وبناءً على ذلك يربط الخبراء والمحللون باستمرار بين استقرار الاقتصاد الكلي وبين مدى دقة توقعات أسعار الفائدة في اليابان في كبح جماح التقلبات العنيفة التي قد تضر بسلاسل الإمداد والخدمات، ويمكن تلخيص البيانات الرقمية المتعلقة بهذه المرحلة في الجدول التوضيحي التالي:

المؤشر الاقتصادي أو العملة القيمة المسجلة ونوع الإجراء
سعر الفائدة في اليابان (لشهر ديسمبر) 0.75% (الذروة السنوية خلال 30 عاماً)
سعر صرف الدولار مقابل الين 156.3 يناً للدولار الواحد
أقصى هبوط للين (يوليو 2024) 161.96 يناً مقابل الدولار الأمريكي
مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) 97.95 نقطة أساس

آلية التنسيق الدولي وتأثير الفيدرالي على توقعات أسعار الفائدة في اليابان

تتجه أنظار المتداولين حول العالم هذا الأسبوع صوب محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؛ حيث يسعى الجميع لالتقاط أي إشارات تلمح إلى توجهات واشنطن النقدية التي تلقي بظلالها حتماً على توقعات أسعار الفائدة في اليابان، ورغم أن الجانب الأمريكي قد بدأ بالفعل في مسار خفض الفائدة مع توقعات بخفض يتيم في العام القادم، إلا أن القراءة الفنية للسوق تشير إلى أن المستثمرين يراهنون على خفضين متتاليين على الأقل؛ وقد اشتملت التقارير الصادرة عن اللجنة الفيدرالية على جملة من المعطيات الحيوية التي يجب وضعها في الاعتبار عند تحليل الموقف الحالي ومن أهمها النقاط الآتية:

  • إدخال تعديلات لغوية على البيانات الرسمية لتؤكد ضرورة وجود معايير اقتصادية صارمة قبيل اتخاذ أي قرار بخفض إضافي للفائدة.
  • رسائل جيروم باول التي اتسمت بالتشدد المبطن في محاولة منه للسيطرة على سقف طموحات الأسواق المالية ومنع التذبذب العالي.
  • ثبات نسبي في العملات الرئيسية حيث استقر اليورو عند 1.1780 دولار والجنيه الإسترليني عند مستويات 1.3503 دولار.
  • بروز قوة الفرنك السويسري الذي وصل إلى 0.787 للدولار مقابل حالة من الاستقرار شهدها الأسترالي عند 0.6717 دولار.

ويرى المحللون الماليون في بنك غولدمان ساكس أن المتغير الأساسي الذي يحرك الأسواق هو الفجوة الواسعة بين سياسات واشنطن وطوكيو؛ إذ إن المعلومات المسربة تشير إلى أن المصرف الأمريكي لن يتسرع في تيسير سياسته النقدية، وهو ما يضع ضغطاً مضاعفاً على توقعات أسعار الفائدة في اليابان ويجبر صناديق الاستثمار على مراجعة حساباتها للوقاية من مخاطر أي تدخل ياباني مباغت يستهدف حماية المدخرات الوطنية.