تراجع طفيف.. أسعار الذهب تتأثر بجني الأرباح والفضة تسجل قمة قياسية جديدة

توقعات أسعار الذهب العام المقبل تسيطر على اهتمامات المستثمرين في الأسواق العالمية حاليًا، خاصة بعد أن شهد المعدن النفيس حالة من التذبذب الملحوظ مطلع تداولات الأسبوع الجاري، حيث سجلت الأسعار تراجعًا طفيفًا يوم الاثنين عقب بلوغها مستويات تاريخية غير مسبوقة في الجلسة الماضية؛ وذلك نتيجة عمليات جني أرباح سريعة نفذها المتداولون بالتزامن مع انتعاش بسيط في مؤشر الدولار الأمريكي، ورغم هذه الضغوط البيعية قصيرة المدى، إلا أن المناخ الجيوسياسي المتوتر والرهانات المستمرة على خفض الفائدة الأمريكية لا تزال تمنح الذهب زخمًا قويًا يعزز من مكانته كملاذ آمن مفضل للتحوط ضد تقلبات العملات والمخاطر الاقتصادية العالمية الراهنة.

توقعات أسعار الذهب العام المقبل في ظل قرارات الاحتياطي الفيدرالي

يعتقد الخبراء أن المحرك الأساسي الذي يحدد مسار وتوقعات أسعار الذهب العام المقبل هو التوجه المرتقب للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو تبني سياسة نقدية أكثر مرونة، فحسب القراءات الأخيرة للسوق، هناك قناعة متزايدة بأن البنك المركزي سيتجه إلى خفض أسعار الفائدة بمعدلات أكبر خلال عام 2026، وهو أمر منطقي مع ظهور بوادر واضحة على تباطؤ معدلات التضخم؛ إذ إن هذه البيئة النقدية تقلل بشكل مباشر من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالسبائك التي لا تدر عائدًا مقارنة بالسندات، كما أن ضعف الدولار المتوقع نتيجة هذه السياسات يصب دائمًا في مصلحة المعدن الأصفر، ويدفع المستثمرين إلى زيادة مراكزهم الشرائية ترقبًا لمكاسب إضافية تتجاوز المستويات القياسية التي سُجلت مؤخرًا.

تتأثر توقعات أسعار الذهب العام المقبل بمجموعة من الركائز الجوهرية التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • الطلب التاريخي الضخم من قبل البنوك المركزية العالمية لتنويع احتياطياتها النقدية بعيدًا عن العملات التقليدية.
  • تدفق السيولة الكبيرة نحو صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب الفعلي، مما يعكس ثقة المؤسسات المالية في صعود الملاذ الآمن.
  • استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي، خاصة مع تعثر الوصول إلى اتفاقات سلام نهائية وشاملة تنهي النزاعات القائمة في مناطق الاضطراب العالمي.
  • رغبة الأفراد والمؤسسات في الاحتماء من التقلبات العنيفة التي قد تشهدها الأسواق المالية نتيجة التغيرات في بنية الاقتصاد الكلي.

تأثير التطورات الجيوسياسية على توقعات أسعار الذهب العام المقبل

لا يمكن فصل توقعات أسعار الذهب العام المقبل عن المشهد السياسي العالمي، خاصة بعد أن فشلت الجولات الأخيرة من المفاوضات التي قادتها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا في تحقيق أي اختراق ملموس، وهذا الإخفاق دفع الأسعار للتراجع قليلًا عن قممها المسجلة يوم الاثنين لكنه أبقى على حالة القلق التي تغذي الطلب؛ فالمحللون يرون أن أي تهدئة حقيقية في حدة التوترات الدولية قد تشكل ضغطًا هبوطيًا مؤقتًا على المعدن، ولكن حتى هذه اللحظة، تبدو التطورات الميدانية والسياسية داعمة لاستمرار موجة الارتفاع، خاصة أن الذهب حقق بالفعل أداءً استثنائيًا في عام 2025 بنسبة صعود فاقت 72%.

يستعرض الجدول التالي حركة أسعار المعادن النفيسة والعقود الآجلة في الأسواق العالمية خلال الساعات الأخيرة:

المعدن / العقد السعر الحالي / القيمة نسبة التغير وملاحظات
سعر الذهب الفوري 4,513.55 دولار للأوقية تراجع بنسبة 0.4% بعد قمة قياسية
عقود الذهب (فبراير) 4,536.80 دولار للأوقية انخفاض بنسبة 0.3% في التداولات الآجلة
الفضة (مستوى قياسي) 83.62 دولار للأوقية استمرار الزخم الصاعد والطلب الصناعي
البلاتين (ذروة قياسية) 2,478.5 دولار للأوقية تحسن آفاق الطلب في قطاع السيارات
عقود النحاس (لندن) 12,937.90 دولار للطن قفزة قوية بنسبة وصلت إلى 7%

آفاق المعادن الصناعية والنفيسة ودورها في توقعات أسعار الذهب العام المقبل

إن شمول التوقعات الإيجابية للمعادن الأخرى مثل الفضة والبلاتين والنحاس يعزز من قوة توقعات أسعار الذهب العام المقبل، حيث إن صعود هذه المعادن إلى مستويات تاريخية يعكس رغبة المستثمرين في التوسع داخل قطاع السلع بالكامل؛ فالنحاس على سبيل المثال قفزت عقوده الآجلة في الولايات المتحدة بأكثر من 1% لتصل إلى 5.90 دولار للرطل، بينما استفادت الفضة من دورها المزدوج كملاذ آمن ومعدن صناعي أساسي، وبالنظر إلى مجمل هذه العوامل، نجد أن الذهب يظل القائد الفعلي لهذه الموجة، مدعومًا بكل من الرغبة في الحماية المالية من جهة، والرهانات الكبيرة على تغيرات الفائدة الفيدرالية من جهة أخرى؛ مما يجعل المشهد الاستثماري يتجه بوضوح نحو تعزيز الذهب في المحافظ المالية العالمية خلال المرحلة القادمة.