هبوط مفاجئ.. أسعار الفضة تسجل مستويات جديدة بعد موجة بيع واسعة لجني الأرباح

توقعات أسعار الفضة اليوم تشغل بال المستثمرين بعد الهبوط الحاد الذي ضرب المعدن الأبيض عقب وصوله إلى قمة تاريخية عند 84 دولاراً للأونصة، حيث فضل قطاع كبير من المتعاملين تسييل أرباحهم سريعاً لمواجهة تقلبات السوق المفاجئة؛ مما أسفر عن تراجع الأسعار بنسبة 5% في تداولات يوم الإثنين التي أعقبت موجة صعود قياسية امتدت لخمسة أيام متتالية، إذ تتأثر هذه التحركات بمزيج من ضعف مؤشر الدولار الأميركي والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي رفعت جاذبية المعادن النفيسة عالمياً.

توقعات أسعار الفضة اليوم في ظل تخفيضات الفائدة والتوترات

تتشكل ملامح السوق الحالية ضمن ما وصفه توني سايكامور، محلل الأسواق لدى “آي جي أستراليا”، بأنها فقاعة تاريخية تتكون في الأفق نتيجة تداخل عوامل اقتصادية وسياسية معقدة؛ فقد جاء التسارع المستمر في قيم المعادن تتويجاً لعام كامل من المكاسب المدعومة بمشتريات ضخمة من البنوك المركزية وتدفقات السيولة نحو الصناديق المتداولة، وبالتوازي مع ذلك، ساهم قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتنفيذ ثلاثة تخفيضات متتالية لأسعار الفائدة في تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة السلع التي لا تدر عائداً ثابتاً، ما جعل المراهنات تتزايد على استمرار هذا النهج التيسيري حتى عام 2026؛ وهو ما يعزز ثقة المشترين في المدى الطويل رغم التصحيحات السعرية المؤقتة التي نراها بوضوح في تحركات السوق اليومية.

تكتسب الملاذات الآمنة زخماً إضافياً من الاضطرابات العالمية، حيث أدت الأوضاع المتوترة في فنزويلا والحصار الأميركي على ناقلات النفط، بجانب الضربات العسكرية ضد تنظيم “داعش” في نيجيريا، إلى زيادة الطلب على الفضة والذهب والبلاتين؛ وفي الوقت نفسه، سجل مؤشر “بلومبرغ” للدولار أكبر تراجع أسبوعي له منذ شهر يونيو الماضي بنسبة بلغت 0.8%، وهذا الضعف في العملة الأميركية يعمل عادة كوقود لمحركات الصعود في سوق السلع الاستراتيجية، ولذلك تعكس توقعات أسعار الفضة اليوم حالة من الترقب والحذر بين الرغبة في الاستفادة من تدني قيمة الدولار والمخاوف من حدوث انفجار في الفقاعة السعرية التي حذر منها الخبراء.

الاختلالات الهيكلية وتأثيرها على توقعات أسعار الفضة اليوم

تنفرد الفضة بوضع خاص يجعلها تتفوق على الذهب في الأداء السعري أحياناً بسبب طبيعة سوقها الذي يتسم بعمق أقل وسيولة قد تختفي فجأة عند الأزمات الحادة، وعلى عكس سوق لندن للذهب الذي يرتكز على مخزونات ضخمة تصل قيمتها إلى 700 مليار دولار من السبائك القابلة للإقراض، تعاني سوق الفضة من نقص هيكلي واضح في المعروض الفعلي ظهرت ملامحه بوضوح منذ شهر أكتوبر الماضي؛ ونتيجة لهذا العجز، يضطر المشترون الآن لدفع علاوة سعرية إضافية تصل إلى 7% للحصول على المعدن بشكل فوري بدلاً من الانتظار لعقود التسليم المستقبلية التي قد تمتد لعام كامل، مما يؤكد أن المحرك الأساسي للأسعار ليس مجرد مضاربات مالية، بل صراع حقيقي لتأمين الكميات المادية المتاحة في المستودعات العالمية.

لقد تسببت هذه الاختلالات في تآكل المخزونات في مراكز تجارة المعادن الرئيسية، وهو ما يمكن توضيحه من خلال تتبع حركة السيولة والمخزونات في النقاط التالية:

  • تراجع كميات الفضة في مستودعات بورصة شنغهاي للعقود الآجلة بالصين لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2015.
  • تركيز جزء كبير من المخزون العالمي المتبقي في نيويورك تحسباً لقرارات وزارة التجارة الأميركية بشأن المعادن الحيوية.
  • وجود حالة من الترقب لنتائج التحقيقات الأميركية التي قد تفرض رسوم جمركية أو قيوداً تجارية تؤثر على سلاسل الإمداد.
  • تزايد الاحتياج الصناعي للمعدن في قطاعات الطاقة المتجددة ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بشكل يفوق الإنتاج السنوي.

المخاطر الصناعية والمؤشرات الفنية لمستقبل أسعار المعدن

تتجاوز أهمية الفضة كونها مخزناً للقيمة لتصبح ركيزة أساسية في الصناعات التكنولوجية المتقدمة مثل صناعة الألواح الشمسية ومكونات الإلكترونيات الدقيقة، وهو ما دفع الملياردير إيلون ماسك للتحذير عبر منصة “إكس” من أن نقص إمدادات الفضة ليس أمراً جيداً نظراً لدورها الحيوي في العمليات التصنيعية المعاصرة؛ ومع اقتراب المخازن من قاع تاريخي، تبرز تهديدات جدية قد تعطل خطوط إنتاج عالمية إذا لم يتم موازنة العرض والطلب سريعاً، ومع ذلك، تظهر المؤشرات الفنية مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) أن الفضة قد استنفدت الكثير من طاقتها الشرائية بوصول المؤشر إلى 80 نقطة، وهو مستوى “تشبع شراء” واضح يفسر عمليات البيع المكثفة التي تلت بلوغ القمة.

المعدن النفيسي السعر القياسي الأخير (دولار) السعر الحالي/تداول الصباح
الفضة (أونصة) 84.00 76.47
الذهب (أونصة) 4549.92 4495.73

لقد شهدت الساعات الماضية تذبذبات حادة للغاية، حيث قفزت الفضة الفورية بنسبة 6% قبل أن تعاود الانهيار وتستقر عند مستويات أدنى، بالتزامن مع تراجع الذهب بنحو 0.9% عن مستوياته القياسية التي حققها يوم الجمعة؛ كما لم تكن أسعار البلاتين والبلاديوم بمنأى عن عمليات التصحيح السعري هذه بعد أن سجلت هي الأخرى أرقاماً غير مسبوقة في الجلسات السابقة، مما يشير إلى أن سوق المعادن النفيسة بالكامل يمر بمرحلة إعادة تقييم شاملة تتأثر بالبيانات الاقتصادية الأميركية القادمة ومدى حدة التوترات الإقليمية التي ترسم في مجموعها توقعات أسعار الفضة اليوم والمستقبل القريب.