بعد خفض الفائدة.. هل تنجح صكوك الجنيه في جذب استثمارات جديدة؟

إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري يمثل الخطوة الأكثر ترقبًا في السوق المصرفي حاليًا، حيث يستعد البنك المركزي المصري لطرح شريحة جديدة بقيمة 5 مليارات جنيه نيابة عن وزارة المالية، وتأتي هذه الصكوك المحلية لأجل ثلاث سنوات لتمثل أول اختبار حقيقي لشهية المستثمرين في الديون المحلية، وذلك عقب قرار لجنة السياسة النقدية بخفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس مؤخرًا، مما يضع تسعير العائد على المحك أمام المؤسسات المالية الطامحة لتنويع محافظها الاستثمارية بأدوات مالية إسلامية مستقرة وذات عوائد تنافسية في ظل التحولات الاقتصادية الراهنة.

توقعات طرح إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري وأهدافها المحلية

تترقب الأوساط المالية غدًا انطلاق المزاد الخاص بهذه الشريحة الخامسة، على أن تجرى عمليات التسوية المالية يوم الثلاثاء وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي، حيث تهدف الدولة من هذا الطرح إلى الوصول بحصيلة برنامج الصكوك الكلية إلى 20 مليار جنيه، بينما تطمح وزارة المالية لتغطية إصدارات مستقبلية ضخمة تصل قيمتها إلى 180 مليار جنيه قبل نهاية العام المالي الحالي، ويشير الخبراء إلى أن العوائد الحالية التي تدور حول مستوى 21.224% قد تحفز البنوك الإسلامية وصناديق الاستثمار على الاقتناص السريع لهذه الكوبونات، خاصة قبل أن تتجه الحكومة لخفض العائد في الإصدارات القادمة تماشيًا مع سياسة التيسير النقدي وخفض سعر الإيداع لليلة واحدة الذي استقر عند 20%، وهو ما يجعل إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري فرصة ذهبية للسيولة الراكدة التي تبحث عن أوعية ادخارية متوافقة مع الشريعة الإسلامية بعيدًا عن أدوات الدين التقليدية كالسندات والأذون.

مفهوم إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري كأداة تمويل بديلة

يوضح الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح أن طبيعة هذه الأدوات تختلف جوهريًا عن الديون المباشرة، فالبحث عن إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري يكشف أنها تمثل حصة شائعة في ملكية أصول تابعة للدولة أو مشروعات تنموية قائمة بالفعل، وليست مجرد قرض بفوائد ثابتة، حيث يحصل المستثمر بموجبها على نصيب من أرباح تشغيل الأصول وفق عقد شرعي محدد؛ كما تسعى الحكومة من خلال هذا النهج الاقتصادي إلى زيادة مستويات الشمول المالي وجذب فئات جديدة من المستثمرين الذين يفضلون الابتعاد عن المعاملات الربوية، مما يساهم بشكل فعال في سحب فائض السيولة من السوق وتوجيهه نحو مسارات تمويلية رسمية تدعم الموازنة العامة للدولة وتقلل من حدة الضغوط المالية الناتجة عن تذبذب أسواق الصرف الأجنبي.

• تحفيز الصناديق المتوافقة مع الشريعة للمشاركة في تمويل عجز الموازنة بآليات مبتكرة.
• تخفيف الاعتماد التدريجي على الاقتراض الخارجي بالعملات الصعبة وتكلفتها المرتفعة.
• تمويل المشروعات القومية والتنموية عبر أصول الدولة القائمة لضمان استدامة العوائد.
• توسيع قاعدة المشاركين في سوق الدين المحلي لتشمل البنوك الإسلامية الخاصة.

أثر إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري على استدامة الدين العام

يرى المتخصصون أن لجوء وزارة المالية بصورة مكثفة إلى تأمين إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري يعكس رغبة حقيقية في تقليل الانكشاف على الديون الدولارية التي أرهقت الميزانية لفترات طويلة بسبب تقلبات أسعار الفائدة العالمية، حيث تساعد هذه الصكوك في تمويل التزامات الدولة المالية دون استنزاف الاحتياطي النقدي الأجنبي؛ وبناءً على ذلك، يصبح نجاح المزاد القادم مؤشرًا قويًا على قدرة الاقتصاد المحلي لامتصاص الصدمات النقدية، كما يعزز من مكانة المنتج المالي الإسلامي كبديل آمن ومستدام يوفر التوازن المطلوب بين احتياجات الإنفاق الحكومي وبين الحفاظ على حقوق المستثمرين في استرداد رؤوس أموالهم مع تحقيق هوامش ربح مجزية وواقعية، وهو ما يخدم في نهاية المطاف خطط التنمية الشاملة التي تتبناها مصر لتعزيز الكفاءة المالية والمصرفية.

يظل إصدار الصكوك السيادية بالجنيه المصري محور الرهان الحكومي لجذب استثمارات ضخمة تستهدف جمع 200 مليار جنيه بحلول نهاية شهر يونيو المقبل، فالحكومة تراهن على مرونة هذه الأداة وقدرتها على إقناع المؤسسات المالية بجدوى الاستثمار رغم الاتجاه النزولي للفائدة، مما يضمن استمرارية تدفق السيولة المحلية لدعم الاقتصاد القومي.