تحذير من تراجع الدولار.. محمود محيي الدين يوضح مصير الهيمنة الاقتصادية الأمريكية المتغيرة

مستقبل هيمنة الدولار الأمريكي وتراجع قيمته أمام العملات العالمية يمثل محور اهتمام الأسواق المالية والمستثمرين في الوقت الراهن، حيث تتجه الأنظار نحو التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي تعيد تشكيل خارطة النقد الدولي؛ إذ يرى الخبراء أن العملة الخضراء تمر بمرحلة مفصلية تتطلب مراقبة دقيقة لمؤشرات الأداء السنوي والسياسات النقدية المتبعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي التي تؤثر بشكل مباشر على جاذبية الأصول المقومة بالدولار في المحافظ الدولية.

العوامل المؤثرة في مستقبل هيمنة الدولار الأمريكي عالميًا

تحدث الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، عن وضعية العملة الخضراء موضحًا أن مستقبل هيمنة الدولار الأمريكي لا يزال قائمًا بقوة حتى الآن؛ كونه يستحوذ على حصة تصل إلى 60% من إجمالي الاحتياطيات النقدية الأجنبية لدى البنوك المركزية حول العالم، كما يظل العملة الأساسية لتسوية المديونيات الدولية رغم تنامي المنافسة مع البدائل التقليدية كالذهب والجنيه الإسترليني أو البدائل الرقمية الحديثة مثل العملات المشفرة، وأشار في تصريحاته لشبكة بلومبرج أن الاستمرارية ترتبط بجذور عميقة تشمل العمق المالي الضخم للدولة الأمريكية واحترام سيادة القانون والسيولة العالية التي لا تتوفر بنفس الحجم في عملات أخرى، ومع ذلك يواجه الدولار تحديات نابعة من الداخل تتعلق بطبيعة الإجراءات الاقتصادية والسياسية التي تتبعها الإدارة الأمريكية والتي تفتح الباب للمقارنة التاريخية مع مسار تراجع الجنيه الإسترليني في عقود سابقة.

أسباب تراجع الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية

شهدت الأسواق المالية تسجيل أسوأ أداء سنوي للعملة الأمريكية منذ عام 2003، حيث ساهم تراجع الدولار الأمريكي بنسبة وصلت إلى 11% أمام سلة العملات الرئيسية في زيادة وتيرة القلق لدى المستثمرين الذين بدأوا في التخلص من حيازاتهم الدولارية، ويعود هذا الانخفاض الحاد إلى توقعات الأسواق بقيام البنك المركزي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، بالإضافة إلى التأثيرات الناتجة عن سياسات الحمائية التجارية والعقوبات الاقتصادية التي يتبناها البيت الأبيض والتي دفعت العديد من الدول للبحث عن قنوات بديلة للتبادل التجاري، وقد رصدت البيانات المالية هبوط مؤشر الدولار من مستوى 108.48 نقطة في نهاية العام الماضي ليصل إلى 97.94 نقطة، وهو ما يعكس ضغوطًا كبيرة على الورقة الخضراء في ظل حالة النزاع والتوترات المستمرة التي يتوقع المحللون استمرار مفعولها حتى عام 2026.

المؤشر الفني القيمة في نهاية العام الماضي القيمة الحالية (الإغلاق) نسبة التغير السنوية
مؤشر الدولار (DXY) 108.48 نقطة 97.94 نقطة -10.76%
حصة الاحتياطيات العالمية 62% تقريبًا 60% تقريبًا -2%

تحول الأسواق نحو بدائل تراجع الدولار الأمريكي

تتزايد الرغبة الدولية في اعتماد عملات بديلة نتيجة المحددات الاقتصادية والقيود التي تفرضها النزاعات التجارية، مما يضع مستقبل هيمنة الدولار الأمريكي تحت مجهر المراجعة الدقيقة من قبل المؤسسات المالية الكبيرة، ولعل من أبرز المحركات لهذا التحول هو البحث عن ملاذات آمنة بعيدة عن تقلبات السياسة النقدية الأمريكية، ويمكن تلخيص التحديات التي تواجه العملة في النقاط التالية:

  • ظهور اهتمام متزايد من إدارة ترامب بضرورة الحفاظ على استقرار العملة مع مواجهة ضغوط السوق.
  • تأثير خفض أسعار الفائدة المتوقع على سعر صرف الدولار مقابل العملات الناشئة مثل الجنيه المصري.
  • استمرار حالة التوتر الاقتصادي العالمي التي قد تمتد إلى عام 2026 وتؤثر على سلاسل الإمداد.
  • المنافسة الشرسة من الذهب والعملات المشفرة كوسائل لتخزين القيمة بعيدًا عن النظام المصرفي التقليدي.
  • التغيرات الجيوسياسية التي تدفع الدول لتقليل الاعتماد على الأنظمة المالية المقومة بالدولار كإجراء احترازي.

تؤكد المؤشرات الراهنة أن التحولات في موازين القوى المالية تتسارع بشكل ملحوظ تحت ضغط التضخم والسياسات التجارية المتشددة، وهو ما يظهر بوضوح في تحركات سعر الصرف اليومية مقابل الجنيه المصري في البنوك المختلفة، حيث تظل المتابعة الدقيقة لهذه المتغيرات ضرورة قصوى لفهم اتجاهات التنمية المستدامة واستقرار الاقتصاد الكلي في السنوات المقبلة.