782 مليار جنيه.. مكاسب تاريخية تدفع البورصة لمستويات قياسية وتوقعات باستمرار الزخم الصعودي

أداء البورصة المصرية ومكاسبها التاريخية يمثل المحور الأساسي لنقاشات مجتمع المال والأعمال حاليًا، خاصة بعدما حقق سوق المال المصري خلال عام 2025 قفزات نوعية ومكاسب سوقية لم يشهدها منذ تأسيسه قبل ما يزيد عن قرن وأربعة عقود، وهو ما يعزز من مكانته كوجهة استثمارية رائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستفيدًا من الحزم التحفيزية والسياسات النقدية والمالية الرصينة التي أعادت بناء جسور الثقة مع المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.

أداء البورصة المصرية وتأثير تحرير سعر الصرف

تعد قرارات الإصلاح الهيكلي حجر الزاوية في تحسين أداء البورصة المصرية وتدفقات رؤوس الأموال، حيث يرى الدكتور بلال شعيب، مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، أن خطوة تحرير سعر الصرف كانت المحرك الرئيس لزيادة جاذبية الأسهم المصرية في عيون المؤسسات الأجنبية التي كانت تترقب استقرار المشهد النقدي قبل الدخول الفعلي للسوق، إذ إن الإصلاحات التي تلت شهر مارس 2024 مهدت الطريق لاستقرار شامل انعكس بوضوح على شهية المستثمرين، وساهم في خلق تدفقات نقدية أجنبية مستدامة دعمت قوة السوق ورفعت من قيم التداول اليومية بشكل ملحوظ؛ مما جعل المؤشرات تسجل مستويات تاريخية تعكس الحالة الإيجابية للاقتصاد الكلي وقدرته على تجاوز التحديات الجيوسياسية والعالمية المحيطة بالمنطقة؛ الأمر الذي يفتح الباب للتساؤل حول استمرارية هذا الزخم القوي حتى عام 2026.

تحسين بيئة الاستثمار وانعكاسها على أداء البورصة المصرية

تتجه أنظار المؤسسات الدولية نحو القطاعات الحيوية التي تمنح أداء البورصة المصرية طابعًا تصاعديًا، مثل قطاعات السياحة، والأغذية، وصناعة المنسوجات، وهي مجالات تمتلك مزايا تنافسية تجعلها في بؤرة اهتمام الصناديق السيادية والشركات الكبرى، بينما تبذل الحكومة جهودًا مضنية في تذليل العقبات عبر آليات مبتكرة، ومنها:

• تفعيل نظام “الرخصة الذهبية” لتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبرى.
• إطلاق المنصات الرقمية الحديثة التي تتيح تأسيس الشركات إلكترونيًا في وقت قياسي.
• تقديم حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين في المناطق الحرة والقطاعات التصديرية.
• تعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وتطبيق وثيقة ملكية الدولة.

ويؤكد الخبراء على ضرورة المضي قدمًا في سياسات تمكين القطاع الخاص وخلق مناخ عمل يتسم بالشفافية والعدالة التنافسية، مع الإشارة إلى أن بدء دورة خفض أسعار الفائدة في المرحلة المقبلة سيكون وقودًا إضافيًا لتحفيز النمو الاقتصادي وضخ سيولة جديدة في الشرايين المالية للسوق المصري.

صفقات الاستحواذ الكبرى وتوقعات أداء البورصة المصرية

يعتبر الحراك القائم في صفقات الاستحواذ شهادة ثقة دولية في قوة أداء البورصة المصرية ومستقبل الشركات المقيدة بها، حيث شهدت الآونة الأخيرة إعلانات متتالية من كيانات عالمية لرصد مبالغ ضخمة للاقتناص حصص في شركات مصرية ناجحة، فقد تقدمت “ناس القابضة” الإماراتية بعرض ضخم للاستحواذ على 90% من شركة سماد مصر، فيما خصصت “RMBV” الهولندية نحو 100 مليون دولار لاستثمارات تستهدف حصصًا مؤثرة في عدة قطاعات، بجانب الصفقة المرتقبة لشركة “آرلا فودز” الدنماركية للاستحواذ على شركة “دومتي” بقيمة تقارب 8.8 مليار جنيه، وهي تحركات تأتي استكمالاً لسلسلة نجاحات العام الماضي التي شملت دخول “إليكترا إنفستمنت” في “السويدي إلكتريك” بنسبة 24.5%، واستثمار “فيليب موريس” في “الشركة الشرقية-إيسترن كومباني” بنسبة 14.7%، بالإضافة إلى استحواذ القابضة الإماراتية على حصة في “إيكون للفنادق”، كما سجلت التداولات تحركات لافتة مثل قيام ابن عمرو موسى بخفض مساهمته في “كونتكت المالية” بصفقة بلغت 104 ملايين جنيه.

تتضافر العوامل الفنية والأساسية لترسيخ هذا التطور الملحوظ في أداء البورصة المصرية، حيث تساهم الصفقات المليارية وتحسن المؤشرات القيادية في رسم رؤية متفائلة لمستقبل سوق المال، مع توقعات بأن يظل هذا المسار التصاعدي هو السمة الغالبة على التداولات مع استمرار وتيرة الإصلاحات البنيوية للدولة.