مستويات قياسية جديدة.. سعر الذهب العالمي يرتفع عقب توقعات خفض الفائدة الأمريكية

توقعات أسعار الذهب العالمية تتجه نحو مستويات قياسية غير مسبوقة في ظل المتغيرات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها الأسواق المالية حالياً، حيث أغلق المعدن الأصفر تداولاته الأخيرة على ارتفاع ملحوظ متأثراً بتزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى اشتعال التوترات الجيوسياسية التي دفعت المستثمرين للهروب نحو الملاذات الآمنة لحماية استثماراتهم، وذلك وفقاً لما نقلته التقارير الصادرة عن وكالة رويترز للأنباء حول أداء الأسواق العالمية مؤخراً.

العوامل المؤثرة في توقعات أسعار الذهب العالمية

تشير البيانات الفنية إلى أن حركة المعدن النفيس قد تأثرت بشكل مباشر بقوة الطلب، إذ قفز سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة وصلت إلى 1.2% ليستقر عند مستوى 4,531.41 دولار للأوقية، وذلك بعد أن نجح في اختراق حاجز قياسي وتاريخي خلال الجلسة ملامساً مستوى 4,549.71 دولار، بينما شهدت العقود الأمريكية الآجلة تسليم شهر فبراير حالة من الاستقرار النوعي مع ميل للصعود بنسبة 1.1% لتسجل نحو 4,552.70 دولار، وهذا التباين السعري يعكس حالة الترقب الشديدة التي تسيطر على المتداولين والمديرين الماليين بانتظار قرارات السياسة النقدية القادمة؛ حيث يرى الخبراء أن هذه الأرقام تمثل ركيزة أساسية تدعم توقعات أسعار الذهب العالمية في المدى القصير والمتوسط على حد سواء.

يوضح بيتر جرانت، الذي يشغل منصب نائب الرئيس وكبير استراتيجيي المعادن في شركة زانر ميتالز، أن هناك حزمة من المسببات التي تكاتفت لتعزيز هذا المسار التصاعدي، مشيراً إلى أن التوقعات بمزيد من التيسير النقدي خلال عام 2026 بالتوازي مع ضعف قيمة الدولار تزيد من احتمالات استمرار التقلبات في ظل الأسواق ذات السيولة المنخفضة؛ وبالرغم من أن تحركات جني الأرباح المعتادة قبل نهاية العام قد تظهر في الأفق وتؤدي لبعض التراجعات المؤقتة، إلا أن النظرة العامة والاتجاه العام لا يزالان يظهران قوة شرائية كبيرة تدعم توقعات أسعار الذهب العالمية، لا سيما مع احتمالية تعيين رئيس جديد للفيدرالي الأمريكي يتبنى سياسات نقدية أكثر تساهلاً في حال فوز دونالد ترامب وتأثير ذلك المباشر على خفض الفائدة بحلول منتصف العام القادم.

تحليل توقعات أسعار الذهب العالمية والملاذات الآمنة

يستفيد الذهب بشكل أساسي من تراجع مؤشر الدولار الأمريكي الذي يتجه نحو تسجيل انخفاض أسبوعي واضح، مما يجعل شراء المعدن المسعر بالعملة الأمريكية أكثر جاذبية للمستثمرين في الخارج الذين يستخدمون عملات أخرى، وهذا المشهد يعزز من توقعات أسعار الذهب العالمية للوصول إلى مستويات مستهدفة جديدة قد تبدأ من 4686.61 دولار، مع وجود احتمالية قوية للملامسة حاجز الـ 5000 دولار خلال النصف الأول من العام المقبل؛ ويجدر التأكيد على أن الذهب مرشح بقوة لتحقيق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، مستفيداً من تضافر عدة عوامل تشمل عمليات الشراء المكثفة من قبل البنوك المركزية حول العالم، وتزايد تدفقات رؤوس الأموال نحو صناديق المؤشرات المتداولة، والرغبة العالمية المتزايدة في تقليل الاعتماد على الدولار كعملة احتياط أساسية.

ولفهم تفاصيل الأداء الرقمي للمعادن النفيسة في الجلسة الأخيرة، يمكن الاطلاع على الجدول التالي الذي يوضح الأسعار والمستويات المحققة:

المعدن النفيسي السعر الحالي (أوقية/أونصة) نسبة الارتفاع/التغير
الذهب (فوري) 4,531.41 دولار 1.2%
الذهب (آجل – فبراير) 4,552.70 دولار 1.1%
الفضة (فوري) 77.3 دولار 7.5%
البلاتين 2437.72 دولار 9.8%
البلاديوم 1927.81 دولار 14%

الطلب الفعلي وتأثيره على توقعات أسعار الذهب العالمية

تختلف ملامح الطلب الفعلي على المعدن الأصفر باختلاف الأسواق الآسيوية الكبرى، ففي الهند اتسعت الخصومات السعرية إلى أعلى مستوياتها في أكثر من ستة أشهر، والسبب في ذلك يعود لارتفاع الأسعار المحلية الذي أعاق عمليات شراء التجزئة المعتادة وجعل المستهلك الهندي أكثر حذراً؛ وفي المقابل شهدت الأسواق الصينية تقلصاً حاداً في الخصومات التي كانت قد وصلت لأعلى مستوياتها في خمس سنوات خلال الأسبوع الماضي، وهذا التذبذب في طلب المستهلكين النهائيين يعد عنصراً حيوياً عند دراسة توقعات أسعار الذهب العالمية، كونه يعكس قدرة الأسواق على استيعاب الأسعار المرتفعة الجديدة ومدى تأثيرها على حركة التداول المادي للسبائك والمشغولات الذهبية في الأسواق الناشئة التي تمثل ثقلاً كبيراً في هذا القطاع.

وعند النظر إلى أداء المعادن الأخرى التي تسير في فلك الذهب، نجد نهضة قوية شملت ما يلي:

  • الفضة التي تجاوزت حاجز الـ 77 دولاراً لأول مرة في تاريخها محققة مكاسب سنوية بنسبة 167%.
  • البلاتين الذي سجل مستوى قياسياً جديداً بعد قفزة كبيرة تجاوزت الـ 9% في جلسة واحدة.
  • البلاديوم الذي بلغ أعلى مستوياته في ثلاث سنوات مدفوعاً بزيادة الطلب الصناعي والمضاربات.

إن استمرار الزخم الحالي في أسواق المعادن يضع توقعات أسعار الذهب العالمية في مقدمة اهتمامات الصناديق الاستثمارية الكبرى، خاصة وأن الذهب أثبت كفاءته كأداة تحوط في فترات عدم اليقين السياسي والاقتصادي؛ وبناءً على المعطيات الراهنة فإن أي تراجع في مستويات التضخم أو ظهور بوادر انفراجة في التوترات الدولية قد يؤدي لتعديل في وتيرة الصعود، لكن الإجماع المهني لا يزال يميل نحو استمرارية الاتجاه التصاعدي القوي، مما يجعل مراقبة قرارات البنوك المركزية الكبرى وتطورات السياسة الخارجية الأمريكية أمراً حتمياً لكل المهتمين بمتابعة حركة الذهب في المستقبل القريب.