بصمة الـ DNA.. تقنية حديثة تكشف مرتكبي الجرائم الغامضة في التحقيقات الجنائية المعقدة

دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية ومكافحة الجرائم الإرهابية يمثل الركيزة الأساسية التي تستند إليها الأجهزة الأمنية الحديثة لضمان تحقيق العدالة، حيث يُعد هذا الفحص البيولوجي من أقوى الوسائل التي توفر دعماً غير مسبوق لجهات التحقيق في أصعب القضايا، إذ تتجاوز أهميته مجرد إثبات النسب لتصل إلى كونه الفيصل في قضايا الأمن القومي والجرائم المنظمة، نظراً لقدرته الفائقة على تقديم أدلة مادية لا تقبل التأويل عند تحديد هوية مرتكبي الحوادث الإرهابية بدقة متناهية.

آلية عمل البصمة الوراثية وتطبيقات دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية

تعتمد تكنولوجيا الجينات بشكل جذري على فحص المادة الوراثية التي تسكن داخل نواة خلايا الكائن البشري، وهي الجينات التي تشكل هوية مخفية لا تتشابه بين شخصين إطلاقاً؛ مما منح الخبراء القدرة على ابتكار ما يعرف بالبصمة البيولوجية التي تميز كل إنسان بخصائص فريدة، ومن هنا ينبثق دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية كأداة لا غبار عليها لمطابقة العينات التي يتم العثور عليها في مسارح الأحداث الإجرامية مع المشتبه بهم، حيث يقوم المتخصصون باستخراج هذه البيانات الرقمية من السوائل أو الأنسجة البشرية المتروكة في الموقع؛ وهو ما يرفع من معدلات النجاح في كشف الغموض الذي يحيط بالجرائم المخطط لها بدقة، ولأن الدليل الجيني يظل قائماً حتى بعد مرور زمن طويل على الحادثة، فإنه يوفر للعدالة نفساً طويلاً في تتبع الجناة مهما حاولوا طمس معالم هويتهم.

نوع العينة البيولوجية مستوى الدقة وسهولة الحصول عليها
خلايا الفم واللعاب عالية جداً وسهلة الاستخراج
الدم والأنسجة دقة مرتفعة وتتطلب فحصاً مختبرياً معقداً
الشعر والأظافر دقيقة وتستخدم في حالات التحلل أو المسارح الصعبة

الوسائل المعتمدة لجمع العينات لتعزيز دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية

تتنوع المصادر التي يمكن من خلالها الحصول على المادة الوراثية لتشمل طيفاً واسعاً من المخلفات البشرية التي قد يسقطها الجاني سهواً، وتتصدر عينات اللعاب ومسحات خلايا الفم القائمة كأكثر الوسائل شيوعاً وفاعلية نظراً لسرعة الحصول عليها وما توفره من نتائج مخبرية تتسم بالوضوح والموثوقية العالية، كما يمتد الأمر ليشمل خصلات الشعر وبقايا الأظافر وحتى بقع الدم الجافة؛ حيث يتم التعامل مع كل عينة وفق بروتوكولات صارمة تضمن عدم تلوثها لضمان فاعلية دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية المعقدة، وفيما يلي نوضح أهم المصادر التي يعتمد عليها رجال المختبرات الجنائية:

  • اللعاب وخلايا الغشاء المخاطي المبطن للفم: وتعتبر المصدر الأول لسهولة الفحص.
  • العينات الدموية: التي توفر تركيزاً عالياً من المادة الوراثية السليمة.
  • البقايا الصلبة كالشعر والأظافر: وتبرز أهميتها في الجرائم التي تنطوي على عراك جسدي.
  • الخلايا الجلدية الميتة: التي قد توجد على قطع الملابس أو أسلحة الجريمة.

نجاحات واقعية تبرز دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية ضد الإرهاب

شهدت السنوات الماضية طفرة نوعية في استخدام العلم لمواجهة الفكر المتطرف، وقد تجلى دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية بشكل مبهر في حوادث كبرى هزت الرأي العام، ففي أعقاب تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة؛ استطاع رجال الطب الشرعي فك لغز الهوية الخاصة بالانتحاري في غضون ساعات قليلة عبر جمع الأشلاء وتحليل جيناتها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تكرر النجاح الأمني في حادثة تفجير الدرب الأحمر التي وقعت في فبراير من عام ألفين وتسعة عشر؛ إذ ساهمت التقنيات الجينية في حسم الجدل حول هوية المنفذ بسرعة قياسية؛ مما يؤكد أن الاعتماد على الوسائل العلمية الحديثة هو الدرع الحقيقي لحماية المجتمع، وتثبت هذه الأمثلة الحية أن العلم يسير جنباً إلى جنب مع العمل الاستخباراتي لتضييق الخناق على كل من يحاول المساس بأمن المواطنين واستقرار الدولة.

يستمر دور تحليل الحمض النووي في التحقيقات الجنائية كحجر زاوية في منظومة العدالة الاجتماعية، فهو يقدم قرائن دامغة لا تقبل الشك ويختصر سنوات من البحث التقليدي؛ وبذلك تضمن الشعوب محاسبة المعتدين بقوة القانون والعلم معاً، مما يرسي قواعد الأمان النفسي والمجتمعي في كافة أرجاء البلاد.