الذهب يتخطى التوقعات.. أسعار المعادن النفيسة تسجل أرقامًا تاريخية مقابل تراجع النفط

أسعار النفط والمعادن النفيسة سجلت حالة من التباين الحاد في ختام التعاملات الأسبوعية، حيث شهدت الأسواق العالمية تحولات تركت المستثمرين في حالة ترقب شديد ومراقبة دقيقة للمتغيرات الجيوسياسية الراهنة، وقد نتج عن هذا المشهد هبوط ملحوظ في عقود الذهب الأسود مقابل قفزات تاريخية للذهب الأصفر والفضة؛ الأمر الذي يعكس بوضوح تحرك السيولة الضخمة نحو الملاذات الآمنة للتحوط من أي تقلبات اقتصادية مفاجئة قد تطرأ على الساحة الدولية.

أسباب التباين في أسعار النفط والمعادن النفيسة عند الإغلاق

يعيش المشهد الاقتصادي الحالي حالة من القلق المتزايد بشأن استقرار المعروض في السوق العالمي، وهذا ما جعل أسعار النفط والمعادن النفيسة تظهر فروقات شاسعة في الأداء عند تسوية عقود الجمعة، فقد تراجع خام برنت بقيمة 1.60 دولار ليصل إلى 60.64 دولار للبرميل، بالتوازي مع انخفاض خام غرب تكساس الوسيط بنحو 1.61 دولار ليستقر عند مستوى 56.74 دولار؛ ويُفسر المحللون هذا التراجع النفطي بأن المتعاملين بدأوا في تقليص علاوة مخاطر الحرب وتوقع مسارات دبلوماسية جديدة، خاصة مع الحديث عن لقاء مرتقب يجمع بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي خطوة محورية قد تبدل ملامح العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي وتفتح الباب أمام زيادة التدفقات النفطية في الأسواق الناشئة والمتقدمة، وهو ما يتزامن مع استقرار نسبي في سعر الدولار أمام الجنيه المصري في البنوك بنهاية عام 2025 مما يضيف بُعداً آخر للتحليلات الإقليمية.

توقعات السوق حول مستقبل أسعار النفط والمعادن النفيسة

بالاستناد إلى البيانات الرسمية الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، يتضح أن أسعار النفط والمعادن النفيسة ستبقى تحت مجهر المتداولين لفترات طويلة قادمة، لا سيما في ظل التوقعات بحدوث فائض إنتاجي عالمي ضخم خلال العام المقبل، مما يهدد عقود الخام بتسجيل أكبر خسارة سنوية لها في أربعة أعوام متتالية؛ وفي المقابل نجد أن المعادن الثمينة تنتهج مساراً صعودياً قوياً، فقد حققت الفضة قفزة إعجازية بنسبة 7.5% لتتخطى حاجز 77 دولاراً للأوقية لأول مرة في تاريخها، مدعومة بقرار الولايات المتحدة تصنيفها كمعدن حيوي واستراتيجي ونقص الإمدادات المتاحة حالياً، وهذا التحول الجذري يشير إلى أن رؤوس الأموال بدأت تهجر السلع المرتبطة بالنمو الصناعي التقليدي لفائدة الأصول التي تضمن حفظ القيمة في مواجهة التضخم أو الصدمات السياسية المتلاحقة، تزامناً مع أرقام قياسية جديدة لأسعار الذهب كسرت كافة حدود التوقعات في المداولات اليومية.

تحليل فني لأداء أسعار النفط والمعادن النفيسة والبلاتين

الارتفاعات التاريخية التي رصدتها أسواق الذهب والبلاتين والبلاديوم تبرهن على أن مجتمع الاستثمار يراهن بقوة على خفض أسعار الفائدة الأمريكية كوقود أساسي لهذا الارتفاع، حيث وصل الذهب إلى قمة قياسية عند 4549.71 دولار للأوقية، بينما سجل البلاتين أقوى مكسب أسبوعي في تاريخه بملامسته مستوى 2454.12 دولار؛ ويأتي هذا الانفجار السعري مقابل نزيف أسعار النفط والمعادن النفيسة الأخرى نتيجة تداخل عدة عوامل جيوسياسية ومقدية معقدة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

• استمرار العجز الواضح في المعروض الفعلي من معدن الفضة مع تزايد الطلب الاستثماري والصناعي عليها كملجأ آمن.
• ترقب تيسير السياسات النقدية من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي مما يضعف قوة الدولار ويزيد جاذبية السلع المسعرة به.
• المخاوف المتنامية من تخمة المعروض النفطي التي تضغط بشدة على أسعار الخام العالمي رغم محاولات تثبيت الإنتاج.
• نمو أسعار البلاديوم بنسبة 14% ليصل إلى أعلى قمة له في ثلاث سنوات مسجلاً حاجز 1927.81 دولار للأوقية.

إن مراقبة أسعار النفط والمعادن النفيسة في ظل الصراعات الدولية تتطلب تعمقاً في قراءة الموازين التجارية العالمية، فبينما يصارع النفط ضغوط زيادة الفائض، تواصل الأصول النفيسة تحطيم الأرقام مدفوعة بسيولة هائلة؛ ليبقى المشهد العام رهناً بقرارات القادة في الاجتماعات المقبلة وتأثيرها المباشر على نبض العملات والأسواق بكل المنطقة.