حاجز 7 يوانات.. العملة الصينية تسجل مستويات جديدة مقابل الدولار الأمريكي بدعم المركزي

سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار يشهد حالياً تحولاً جذرياً في الأسواق العالمية بعدما نجحت العملة الصينية في كسر حاجز المقاومة النفسي الهام، حيث تجاوزت العملة مستوى 7 يوان لكل دولار للمرة الأولى منذ الربع الثالث من عام 2024؛ وهو ما يعكس رغبة واضحة من السلطات النقدية في بكين لدعم استقرار العملة الوطنية وتعزيز مستويات الثقة لدى المستثمرين الدوليين في ظل المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة التي تشهدها القوى الاقتصادية الكبرى حالياً.

أسباب ارتفاع سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار ومكاسبه الأخيرة

تتعدد العوامل التي ساهمت بشكل مباشر في تحسن سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار خلال التداولات الأخيرة، حيث سجلت العملة في الأسواق الخارجية مكاسب لافتة بلغت نسبتها 0.2% لتصل إلى مستوى 6.9964 يوان مقابل الدولار الواحد خلال تعاملات يوم الخميس الماضي؛ وتأتي هذه القفزة مدفوعة بقرار بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) الذي قام برفع السعر المرجعي اليومي للعملة إلى أقوى مستوياته منذ سبتمبر 2024، وهذا الإجراء الفني يعكس ريادة الصين في إدارة سياستها النقدية بحكمة بالغة؛ كما أن الأسواق تترقب حالياً استدامة هذا الصعود لا سيما مع انحسار الضغوط البيعية التي كانت تواجه العملة في فترات سابقة وتزايد الطلب على الأصول المقومة باليوان في المحافظ الاستثمارية العالمية التي تبحث عن ملاذات آمنة وذات عوائد مستقرة.

أداء سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار وتوقعات النمو السنوي

تشير البيانات الاقتصادية إلى أن سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار يتجه بكل ثبات نحو تسجيل أفضل أداء سنوي له منذ ما يقرب من خمس سنوات كاملة، حيث استمدت العملة قوتها من تراجع مؤشر الدولار الأمريكي أمام سلة العملات الرئيسية بالإضافة إلى التدفقات الرأسمالية الضخمة التي استهدفت أسواق الأسهم الصينية المنعشة مؤخراً؛ ونستعرض في الجدول التالي رصدًا لبيانات التحرك الأخير في قيمة العملة:

كما ساهم انحسار حدة التوترات الجيوسياسية في خلق بيئة مواتية لنمو العملة، ما دفع الخبراء والمحللين إلى التأكيد على أن اليوان أصبح يمتلك أساسيات قوية تمكنه من الصمود أمام تقلبات الاقتصاد العالمي؛ وذلك بفضل السياسات المحفزة التي تتبعها الحكومة الصينية لدعم القطاع المالي وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير ضمانات كافية للمصدرين والمستوردين للتعامل بالعملة المحلية في المبادلات التجارية الدولية.

استراتيجية بكين في التحكم بـ سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار

تسعى الحكومة الصينية بشكل حثيث لتجنب أي نوع من أنواع التقلبات الحادة التي قد تصيب العملة الوطنية، لذلك عملت خلال الأشهر الماضية على توجيه سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار نحو الارتفاع التدريجي والمدروس، مستخدمة في ذلك آلية السعر المرجعي اليومي للسماح بصعود العملة بطريقة محسوبة تضمن عدم إفلات زمام الأمور أو التأثير سلباً على القدرة التنافسية للصادرات الصينية؛ ويمكن تلخيص العوامل المؤثرة في استقرار العملة حالياً في النقاط التالية:

• التحويلات الموسمية للعملات الأجنبية التي يقوم بها المصدرون الصينيون لتحويل عوائدهم إلى اليوان.
• ضعف مؤشر الدولار الأمريكي عالمياً نتيجة التوقعات المتعلقة بمسار الفائدة لدى الفيدرالي.
• إجراءات بنك الشعب الصيني لتعزيز الثقة في الآليات المتبعة لسوق الصرف الأجنبي.
• انتعاش تدفقات رؤوس الأموال الباحثة عن فرص في سوق الأسهم الصينية الصاعد.

وقد أوضح وانغ تشينغ، وهو كبير محللي الاقتصاد الكلي في “غولدن كريديت ريتينغ”، أن العملة تلقت دعماً كبيراً من تزامن ضعف العملة الأمريكية مع العمليات الموسمية المكثفة التي يجريها المصدرون داخل البلاد؛ وهو ما يعزز من مكانة العملة في النظام المالي العالمي ويجعلها هدفاً مستمراً للمستثمرين الباحثين عن تنويع محافظهم المالية بعيداً عن تقلبات الأسواق الغربية التقليدية التي تعاني من ضغوط تضخمية متباينة.

يمثل استقرار سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار فوق المستويات الحالية نقطة تحول محورية في مسار تعافي الاقتصاد الآسيوي، حيث تظل السياسة النقدية المتوازنة التي تتبعها بكين الضمانة الوحيدة لاستمرار هذا الزخم الإيجابي وتحقيق الأهداف التنموية المنشودة بعيداً عن الاضطرابات المفاجئة في أسواق الصرف العالمية.