توقعات المصارف العالمية.. رهان جديد على موجة صعود ثانية للذهب خلال 2026

توقعات أسعار الذهب في عام 2026 تشير بوضوح إلى استمرارية المسار التصاعدي التاريخي الذي بدأه المعدن الأصفر؛ حيث تسود حالة من التفاؤل بين كبار المحللين في البنوك العالمية الكبرى بأن العوامل الجوهرية التي حركت السوق لم تنتهِ مفاعيلها بعد، بل إنها تتجه لترسيخ مستويات سعرية قياسية جديدة تتجاوز ما تحقق في الأعوام السابقة؛ وذلك بدعم من تحولات نقدية وسياسية واقتصادية عالمية تجعل بريق الذهب أكثر لمعانًا أمام المستثمرين الراغبين في حماية ثرواتهم وتأمين احتياطياتهم في ظل تقلبات العملات الورقية.

العوامل المحركة لتوقعات أسعار الذهب في عام 2026

تتفق المؤسسات المالية العالمية مثل بنك أوف أمريكا وإتش إس بي سي ودويتشه بنك على أن هناك جملة من الأسباب المترابطة التي تدعم بقاء الذهب عند مستويات مرتفعة خلال الفترة المقبلة، ويأتي في مقدمتها التوجه المؤكد للاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة؛ الأمر الذي يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الذي لا يدر عائداً دورياً، بالإضافة إلى تراجع جاذبية الدولار الأمريكي كوعاء استثماري منافس، كما تبرز المخاوف المتعلقة بالاستدامة المالية في الاقتصادات الكبرى والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة كدوافع هيكلية تفرض على البنوك المركزية مواصلة تنويع احتياطياتها بعيداً عن العملات التقليدية والاتجاه بقوة نحو الذهب كملاذ آمن ومستقر، وهذه العوامل مجتمعة تؤسس لقاعدة صلبة تمنع هبوط الأسعار بشكل حاد وتدفعها لاختراق حاجز الخمسة آلاف دولار للأوقية.

رؤية جي بي مورغان حول توقعات أسعار الذهب في عام 2026

يرى بنك جي بي مورغان أن الرحلة التي بدأها الذهب في عام 2025، والتي شهدت مكاسب بنسبة 55% واختراق مستوى 4,000 دولار لأول مرة، لم تكن سوى البداية لمرحلة إعادة تسعير شاملة؛ إذ تؤكد ناتاشا كانيفا رئيسة استراتيجية السلع العالمية في البنك أن التحول الاستراتيجي طويل الأمد نحو الذهب لا يزال في ريعانه، وتتوقع البحوث العالمية للبنك أن يصل متوسط الأسعار إلى حوالي 5,055 دولاراً للأوقية في الربع الأخير من عام 2026، مع استمرار الزخم الذي قد يوصل الأوقية إلى 5,400 دولار بنهاية عام 2027؛ وهذا التفاؤل يستند إلى أن المؤسسات الضخمة لم تكتفِ بعد من حيازة المعدن الأصفر، وأن المخاوف التجارية الدولية تزيد من شهية المخاطرة المتحوطة بالذهب.

خارطة طريق غولدمان ساكس لأسعار الذهب والتقلبات المنتظرة

بينما يتفق غولدمان ساكس مع النظرة الإيجابية العامة، فإنه يشدد على أن مسار الصعود لن يكون خطاً مستقيماً، بل سيتسم بتذبذبات سعرية وتصحيحات مرحلية تزيد من تعقيدات توقعات أسعار الذهب في عام 2026؛ فالبنك يتوقع صعوداً تدريجياً يبدأ من 4,230 دولاراً ثم يتدرج إلى 4,433 و4,628 وصولاً إلى 4,815 دولاراً للأوقية، وهذا التدرج يعكس رؤية البنك بأن السوق سيحاول استيعاب المكاسب الضخمة قبل كل قمة جديدة، مع بقاء المحفزات الأساسية مثل الطلب الاستثماري القوي وتراجع قوة العملة الخضراء كضمانات حقيقية للمستثمرين ضد أي تراجع هيكلي طويل الأمد، وهو ما يعزز الثقة في جدوى الاستثمار في المعدن النفيس خلال العقد الحالي.

• الطلب الهائل والمتزايد من قبل البنوك المركزية العالمية لتنويع أرصدتها.
• تدفق السيولة الاستثمارية نحو صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب.
• التحوط من التضخم العالمي وتراجع القوة الشرائية للعملات الرئيسية.
• عدم الاستقرار الجيوسياسي الذي يدفع رؤوس الأموال للملاذات الآمنة.
• استقرار التدفقات النقدية الساعية لحماية الثروات من مخاطر الديون السيادية.

وتتطابق هذه الرؤى مع ما طرحه دويتشه بنك الذي رفع تقديراته لمتوسط السعر إلى 4,450 دولاراً مع نطاق تداول واسع يصل إلى 4,950 دولاراً، مؤكداً أن العوامل الهيكلية في السوق لا تزال إيجابية للغاية؛ وبدوره وضع بنك إتش إس بي سي تصوراً مماثلاً يرى فيه الذهب عند مستوى 5,000 دولار في النصف الأول من عام 2026، مع متوسط سنوي يبلغ 4,600 دولار، مما يعني أن الإجماع المصرفي العالمي يكاد ينعقد على أن توقعات أسعار الذهب في عام 2026 ستحافظ على ريادتها كأكثر الأصول أداءً واستقراراً في المحافظ المالية الكبرى، حيث تتضافر قوة الطلب الفيزيائي مع الرغبة الاستثمارية الجامحة في بيئة اقتصادية عالمية تبحث عن نقطة ارتكاز صلبة بعيداً عن تقلبات السياسة والمال.