تراجع الدولار.. العملة الأمريكية تقترب من أسوأ أداء سنوي لها منذ عقدين وسْط ترقب الفائدة

أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية يتجه اليوم الأربعاء نحو تسجيل أسوأ مستوياته السنوية منذ أكثر من عشرين عامًا، حيث تسيطر حالة من الترقب على الأسواق المالية بالتزامن مع تزايد مراهنات المستثمرين على استمرار مجلس الاحتياطي الاتحادي في سياسة خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل؛ ولعل التباين الواضح في السياسات النقدية بين واشنطن وبعض البنوك المركزية الكبرى التي تميل للتشديد يمثل المحرك الأساسي لهذا التراجع التاريخي في قيمة العملة الخضراء أمام سلة العملات المنافسة.

توقعات أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية ومسار الفائدة

شهدت التعاملات الآسيوية استمرارًا في نزيف الخسائر التي تلاحق العملة الأمريكية، فبالرغم من صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة والتي جاءت قوية ومبشرة، إلا أنها فشلت تمامًا في تعديل رؤية الأسواق المتشائمة تجاه مستقبل الفائدة؛ حيث يسود اعتقاد راسخ بأن البنك المركزي الأمريكي سيقوم بخفضين إضافيين على الأقل خلال عام 2026، وهو ما جعل أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية يترنح بشدة أمام العملات الرئيسية التي استغلت هذا الضعف لتحقيق مكاسب فنية ملموسة.

ولقد عززت تقارير اقتصادية صادرة عن مؤسسات مالية كبرى هذا التوجه السلبي، إذ أوضح ديفيد ميريكل، كبير الاقتصاديين لدى بنك جولدمان ساكس، أن التوقعات الفنية تشير بوضوح إلى احتمالية تنفيذ خفضين جديدين في أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس لكل منهما؛ وهذا المسار قد يهبط بالنطاق المستهدف للفائدة إلى مستويات تتراوح بين 3% و3.25%، مع الإشارة إلى أن كفة المخاطر تميل بشكل واضح نحو مزيد من الهبوط في العائدات نتيجة التباطؤ المستمر في معدلات التضخم التي لم تعد تشكل ضغطًا كما في السابق، مما انعكس فورًا على تحركات أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية في البورصات الدولية.

مؤشر الدولار وتحركات أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية

تراجع مؤشر الدولار، الذي يمثل المقياس الفعلي لقوة العملة أمام العملات الأجنبية، ليصل إلى مستوى 97.767 نقطة، وهو المستوى الأدنى الذي يتم تسجيله في غضون شهرين ونصف الشهر؛ وبناءً على هذه الأرقام، تتهيأ العملة لإنهاء العام بخسارة إجمالية تقدر بنحو 9.9%، وهي الوتيرة الأسرع للهبوط السنوي منذ عام 2003، مما يؤكد أن أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية يمر بواحدة من أقسى دوراته الاقتصادية نتيجة عوامل جيوسياسية واقتصادية متداخلة.

وهناك العديد من الأسباب التي ساهمت في وصول أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية إلى هذه الحالة من الضعف، ونذكر منها النقاط التالية:

  • الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب والتي هزت الثقة في قيمة الأصول.
  • المخاوف المتزايدة بشأن استقلالية القرار داخل مجلس الاحتياطي الاتحادي وتأثره بالتوجهات السياسية.
  • تراجع الجاذبية الاستثمارية للسندات الأمريكية مع استمرار خفض أسعار الفائدة مقارنة بعملات أخرى.
  • تحسن الأداء الاقتصادي في منطقة اليورو والمملكة المتحدة مما جذب التدفقات النقدية بعيدًا عن واشنطن.

تأثير السياسات النقدية على أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية

على الجانب الآخر من المعادلة، استفاد اليورو بشكل مباشر من تدهور العملة الأمريكية ليصعد إلى أعلى قمة له في ثلاثة أشهر عند مستوى 1.1806 دولار، محققًا طفرة سنوية تجاوزت 14%، وهو ما يضعه في مواجهة مباشرة مع أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية ليسجل اليورو هو الآخر أفضل أداء سنوي له منذ قرابة العقدين؛ أما الدولار الأسترالي فقد قفز بنسبة 8.4% ليصل إلى 0.6710 دولار، بينما سجل الدولار النيوزيلندي أعلى مستوياته في شهرين ونصف عند 0.58475 دولار بمكاسب سنوية ناهزت 4.5%، مما يوضح شمولية التراجع في القوة الشرائية للعملة الأمريكية.

العملة المقابلة أعلى مستوى مسجل نسبة المكاسب السنوية
اليورو الأوروبي 1.1806 دولار 14%
الجنيه الإسترليني 1.3531 دولار 8%
الدولار الأسترالي 0.6710 دولار 8.4%

ولم تكن العملة البريطانية بعيدة عن هذا المشهد، حيث ارتقى الجنيه الإسترليني إلى مستوى 1.3531 دولار محققًا أرباحًا سنوية تجاوزت 8%، في حين أظهر الين الياباني تماسكًا ملحوظًا بارتفاعه بنسبة 0.4% ليصل إلى 155.60 ين لكل دولار؛ وتأتي هذه التحركات في ظل تقلبات حادة شهدها العام بفعل قرارات تجارية وضغوط سياسية أثرت على استقلالية المركزي الأمريكي، ليبقى أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات العالمية تحت مجهر المستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة بديلة في ظل هذه الانهيارات المتلاحقة التي أعادت للأذهان أزمات مطلع الألفية.