بعد إلغاء قانون قيصر، هل تنطلق رحلة سوريا في قطار المال والاقتصاد؟ يمثل إلغاء هذا القانون خطوة تاريخية قد تفتح آفاقًا جديدة أمام الاقتصاد السوري، الذي عانى عقودًا من الحصار والعقوبات الاقتصادية، ليبدأ بخطى جدية نحو التعافي وإعادة الاندماج في الأسواق العالمية بعد سنوات من التحديات والصعوبات.
تأثير إلغاء قانون قيصر على مستقبل الاقتصاد السوري
شهد الاقتصاد السوري تدهورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، وكان قانون قيصر أحد العوامل الرئيسية في زيادة الضغوط على النظام المالي والاقتصادي، وهو ما انعكس على مختلف القطاعات الحيوية للبلاد، حيث تراجع الناتج القومي من 60 مليار دولار عام 2011 إلى أقل من 12 مليار دولار بحلول عام 2023، ما زاد من الأزمات الاقتصادية المحلية بشكل غير مسبوق. مع إلغاء قانون قيصر، يرى حاكم مصرف سوريا المركزي، عبدالقادر الحصرية، أن أمام سوريا فرصة ذهبية لإعادة البناء والاندماج التدريجي في النظام المالي الدولي، عبر السعي للحصول على تصنيف ائتماني سيادي يتيح الوصول إلى تمويل واستثمارات خارجية مهمة دون الحاجة للديون الاستهلاكية.
هذا الرفع للعقوبات يخلق بيئة أكثر مرونة للقطاع المصرفي، الذي كان يعاني من نقص حاد في السيولة بالإضافة إلى ضعف بنيته التشغيلية وسوء الأنظمة المصرفية جراء سنوات النزاع المستمرة، وتشديد عقوبات قانون قيصر التي كبلت قدرة البنوك والمنشآت الاقتصادية على دعم النشاطات الإنتاجية والاستثمارية. فالقطاع المصرفي هو العمود الفقري لأي اقتصاد، وإعادة تأهيله تساعد على استعادة الاستقرار المالي وتنشيط دورة رأس المال.
مشروعات استراتيجية تُنهي حصار قانون قيصر وتدفع سوريا إلى أفق جديد
قبل إلغاء قانون قيصر، كانت هيئة الاستثمار السوري قد أعلنت في أغسطس الماضي عن توقيع مشروعات استراتيجية ضخمة بقيمة 14 مليار دولار، منها:
- مطار دمشق الدولي باستثمارات 4 مليارات دولار
- مترو دمشق بتكلفة 2 مليار دولار
- أبراج سكنية وتجارية في دمشق بأكثر من 2 مليار دولار
- اتفاقات مع موانئ دبي العالمية بقيمة 800 مليون دولار لتطوير ميناء طرطوس
- إدارة محطة حاويات مرفأ اللاذقية لمدة 30 عامًا باستثمارات تصل إلى 230 مليون يورو
- مشروعات توليد طاقة بقدرة 6 آلاف ميغاوات بقيمة 7 مليارات دولار
- مدينة إعلامية باستثمارات 1.5 مليار دولار
هذه المشاريع الكبرى تشكل مرحلة تحول في وجهة الاقتصاد السوري، وفك قيود قانون قيصر يعزز فرص تنفيذها ويزيد من جاذبية سوريا للمستثمرين الدوليين ومؤسسات التمويل العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، مع إمكانية مراجعة التصنيف الائتماني المحلي والعالمي.
إلغاء قانون قيصر لا يعني فقط تخفيفًا للعقوبات، بل يمثل إزالة حاجز قانوني كبير، إذ كان القانون يعيق الاندماج الحقيقي لسوريا في النظام المالي الدولي، ويحد من قدرتها على الحركة الاقتصادية والمالية بحرية، وهو ما أكد عليه الحصرية مشيرًا إلى نية سوريا البدء في التواصل مع وكالات التصنيف لطلب تصنيف ظلي استشاري تمهيداً للحصول على تصنيف ائتماني علني عند توفر الظروف الملائمة.
قانون قيصر: بين فرض العقوبات ودور تخفيفها بعد الإلغاء
كان قانون قيصر، الذي فرضته الولايات المتحدة منذ 2019، يستهدف الأشخاص والجهات التي تدعم نظام بشار الأسد، إضافة إلى أطراف أخرى متهمة باغتصاب حقوق الإنسان، بهدف حرمان النظام السوري من الموارد المالية لتمويل النزاع، والسيطرة على الاقتصاد عبر فرض ضغوطات شديدة. وفي موقف جديد، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي إلغاء العقوبات المرافقة للقانون، مع بقاء شرط تقديم تقارير دورية للكونجرس خلال أربع سنوات، تؤكد التزام الحكومة السورية بمحاربة الإرهاب والمخدرات، حماية الأقليات، والعمل على تحقيق السلام في المنطقة.
ويتيح القانون المعدل إمكانية إعادة فرض عقوبات محددة إذا ساءت التقارير خلال فترتين متتاليتين، مما يحافظ على حالة الرقابة والضغط، لكنه يفتح أيضًا نافذة للتغيير الاقتصادي في سوريا وتحسين وضعها المالي والاقتصادي تدريجيًا.
| التعليق | التفصيل |
|---|---|
| سنة فرض القانون | 2019 |
| مدة تقديم تقارير إلى الكونجرس | 4 سنوات |
| قيمة المشروعات الاستثمارية الموقعة | 14 مليار دولار |
| طاقة توليد الكهرباء | 6 آلاف ميغاوات |
| الاستثمارات في قطاع الموانئ | أكثر من مليار دولار |
تتوفر الآن لسوريا فرصٌ لإعادة بناء اقتصادها من خلال التخلص التدريجي من آثار قانون قيصر، والتوجه الحكومي نحو التوافق مع المؤسسات المالية الدولية. انتهاء حالة الحصار الاقتصادي يفتح الباب أمام خطوات متسارعة نحو الانتعاش، ولكن مع التأكيد على أهمية الإصلاحات الاقتصادية كجزء لا يتجزأ من هذه الرحلة.
