تراجع الين الياباني المستمر وسط غموض السياسة النقدية يبرز كأحد التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد الياباني، حيث يتعرض الين لضغط بيع غير مسبوق بلغت معه العملة مستويات حرجة قد تستدعي تدخلاً رسمياً من الجهات النقدية في طوكيو؛ ذلك بالتزامن مع غياب التوجيهات الواضحة من بنك اليابان، مما يزيد من مخاطر عدم استقرار الين مقابل العملات العالمية.
تراجع الين الياباني وتأثير رفع أسعار الفائدة وسط غموض التوجيهات المستقبلية
عقب قرار بنك اليابان برفع سعر الفائدة الرئيسي من 0.5% إلى 0.75% والذي جاء متوقعاً، لم تقدم السلطات أي مؤشرات واضحة حول وتيرة الزيادات المقبلة، مما سبب إحباطاً كبيراً لدى المتداولين الذين كانوا يأملون في سياسة نقدية أكثر صرامة للحفاظ على قوة الين الياباني؛ خصوصاً مع تصريحات محافظ البنك كازو أويدا الغامضة التي لم توضح مواعيد الزيادات المستقبلية، ما فتح المجال لتفاقم خسائر الين وزيادة الضغط عليه بفعل ضعف التوجيهات النقدية وعدم وضوح الرؤية المستقبلية.
الين الياباني تحت ضغوط السوق وسط ارتفاع الدولار وأبرز العملات الرئيسية
عزز ارتفاع الدولار الأمريكي بنسبة 1.2% إلى مستوى 157.36 ين الياباني، وهو أعلى صعود يومي منذ أكتوبر الماضي وفيما يشكل زيادة شهرية غير مسبوقة، من حالة التذبذب التي تعاني منها الأسواق اليابانية، في حين وصل اليورو إلى مستويات قياسية عند 183.25 ين، وارتفع الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008 متجاوزاً حاجز 210 ين، ما يعكس الفجوة الكبيرة في أسعار الفائدة بين اليابان والاقتصادات الكبرى الأخرى، وهو ما يواصل الضغط على الين دون وجود تدخل حكومي مباشر.
| العملة | المستوى مقابل الين | التغير اليومي |
|---|---|---|
| الدولار الأمريكي | 157.36 ين | +1.2% |
| اليورو | 183.25 ين | مستوى قياسي جديد |
| الجنيه الإسترليني | 210 ين | أعلى مستوى منذ 2008 |
احتمالات التدخل الرسمي لدعم الين الياباني في ظل التقلبات الحادة
يتجه المستثمرون نحو إعادة تقييم احتمالات تدخل السلطات الرسمية لدعم الين بعد اختراق سعر الصرف حاجز 155 ين مقابل الدولار في نوفمبر الماضي، علماً أن التجربة الأخيرة للتدخل المباشر كانت في يوليو 2024 عندما اقترب السعر من 162 ين، وهو الأعلى منذ ثمانينيات القرن الماضي؛ مع اقتراب موسم عطلات عيد الميلاد وانخفاض سيولة الأسواق، حذر المسؤولون من أن التقلبات الحادة قد تؤدي إلى قلق متزايد يتجاوز مجرد الأرقام السعرية.
أوضح ديريك هالبيني، رئيس قسم الأبحاث في بنك MUFG، أن خطر تدخل البنك المركزي الياباني خلال العطلات أصبح واقعياً مع عدم قدرة رفع الفائدة الأخير على وقف عمليات البيع المكثف، مؤكدًا على ضرورة رفع أسعار الفائدة إلى مستويات أعلى لدعم قوة الين على المدى القصير، لكن محافظ البنك كازو أويدا ما زال يتجنب مناقشة هذه الخطوات بشكل واضح، مما قد يضع السلطات في مواجهة مباشرة مع ديناميكيات السوق، ويؤدي إلى تحركات سعرية غير متوقعة.
- تزايد الضغوط على الين بسبب الفجوة في أسعار الفائدة
- توقعات بتقلبات العملة خلال موسم العطلات
- ضرورة تدخل رسمي لإيقاف نزيف العملة
- تحديات استعادة ثقة المستثمرين بالسياسة النقدية
على الصعيد العالمي، شهد الدولار الأمريكي نوعاً من الضعف المؤقت عقب صدور بيانات تضخم غير متوقعة، لكنه استعاد توازنه وسط شكوك المستثمرين حول دقة هذه الأرقام بسبب إغلاق الحكومة الأمريكية، في حين استقر اليورو عند 1.1714 دولار مع الإبقاء على جميع الخيارات مفتوحة للأسعار المستقبلية حسب تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، تراجع الجنيه الإسترليني قليلاً إلى 1.3378 دولار بعد تخفيض بنك إنجلترا سعر الفائدة إلى 3.75%، مما عكس حذراً أكبر مما توقعه السوق، وحد من احتمالات المزيد من التيسير النقدي في المستقبل القريب، وقد استقر اليوان الصيني قرب أعلى مستوياته السنوية، بينما شهدت عملات الدولارات الأسترالي والنيوزيلندي تراجعًا طفيفًا، مما يعكس حذر المستثمرين خلال نهاية الأسبوع في الأسواق العالمية.
يبقى تراجع الين الياباني وسط غموض السياسة النقدية محور اهتمام المستثمرين، حيث تتجه الأنظار نحو الخطوة القادمة من طوكيو، والتي قد تكون إما التكيف مع سعر صرف جديد على حساب كلفة تقلبات السوق، أو المخاطرة في تدخل رسمي مكلف في سوق يعاني نقص السيولة، والاختبار الحقيقي لا ينحصر في رفع أسعار الفائدة فقط، بل يتعداه إلى استعادة ثقة المستثمرين في قدرة البنك المركزي على حماية العملة من التدهور المستمر، ليمثل شهر ديسمبر تحدياً حقيقياً وصلابة حقيقية للسياسة النقدية اليابانية في ظل متغيرات الاقتصاد العالمي المتصاعدة.
