«صدمة» الذهب.. هل يعود إلى مستويات ما قبل 2024 قريبًا؟

يشهد سوق الذهب العالمي ارتفاعات غير مسبوقة مدفوعة بحالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، فقد تجاوز المعدن الأصفر حاجز 3500 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه. يزداد الإقبال على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا مع تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي عالمي محتمل واستمرار الضغوط الاقتصادية والمالية على الاقتصادات الكبرى، حيث يتوقع المحللون أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي في المستقبل القريب.

أسباب ارتفاع الذهب إلى مستويات قياسية

لعبت عدة عوامل دورًا أساسيًا في تسجيل الذهب لهذه الارتفاعات الهائلة. أولًا، تضاعفت مشتريات البنوك المركزية من الذهب منذ عام 2022 بحوالي خمسة أضعاف، مما يعكس تحولًا في استراتيجيات إدارة الاحتياطات النقدية. ثانيًا، ساهمت التدفقات الاستثمارية الكبرى نحو صناديق الذهب المتداولة في ارتفاع الأسعار، حيث اندفع المستثمرون للتحوط من مخاطر الركود الاقتصادي. كما لعبت حالة عدم اليقين بشأن التعرفة الجمركية الأميركية دورًا هامًا في تغذية المخاوف الاقتصادية المرتبطة بالتضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، أضعف التوتر السياسي مع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الثقة في الدولار الأميركي، مما غذّى الطلب المتزايد على الذهب كأصل آمن.

هل يستمر الذهب في تحطيم الأرقام القياسية؟

إن السؤال حول ما إذا كان المعدن النفيس سيواصل تسجيل ارتفاعات جديدة يعتمد على استمرار الأسباب الكامنة وراء ذلك. وفقًا للخبير المالي مهند عريقات، فإن الذهب سيحافظ على قوته ما دامت حالة عدم اليقين الاقتصادي المتعلقة بالتضخم ومخاوف الركود مستمرة. ومع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن تلك العوامل لن تنتهي قريبًا، مما يعزز استمرار الاتجاه التصاعدي للذهب. ومع ذلك، في حال حدوث أي تغييرات مفاجئة تؤدي لزوال هذه العوامل، قد يعود الذهب إلى مستويات قريبة من 2500 دولار للأوقية في المستقبل.

رحلة تقلبات الذهب التاريخية

منذ عقود، شهد الذهب الكثير من التقلبات، حيث تأثرت أسعاره بالأحداث الاقتصادية والجيوسياسية العالمية. من أبرزها أزمة الركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي التي قفزت بالذهب إلى 665 دولارًا للأوقية عام 1980. كما أثرت الأزمات المالية اللاحقة مثل أزمة 2008 وأزمة منطقة اليورو بين 2010 و2012 على زيادة الطلب على الذهب. وقد وصلت أسعاره إلى ذروتها مؤخرًا، حيث تجاوزت 2265 دولارًا في أبريل 2024 بسبب الطلب الصيني المرتفع وتأثيرات التضخم.

توضح الدراسات أن أسعار الذهب تتحرك في دورات طبيعية بين القمم والقيعان، وغالبًا ما ترتبط الحركة بأحداث اقتصادية أو سياسية كبرى. لذا يبقى السؤال الرئيسي: هل سيحافظ الذهب على مكاسبه الحالية، أم أن العوامل التي أبقته مرتفعًا ستتغير قريبًا؟

وفي النهاية، تعد أسعار الذهب انعكاسًا مباشرًا لحالة الاقتصاد العالمي. وبينما يستمر المشهد الحالي في تشكيل مستوى الأسعار، يبقى التاريخ شاهدًا على أن كل موجة صعود يتبعها هبوط إلا إذا استمرت الظروف المتقلبة في دعم الطلب عليه باستمرار.