الريال اليمني يشهد ارتفاعاً نسبياً أمام العملات الأجنبية وسط تفاوت كبير بين المحافظات
للمرة الأولى بعد ثماني سنوات من الانهيار المتواصل، شهد الريال اليمني ارتفاعاً نسبياً أمام العملات الأجنبية في مختلف مناطق البلاد، في خطوة وصفها كثير من اليمنيين بـ”القفزة التاريخية المنتظرة”؛ لكن الواقع يُظهر فجوة حادة تصل إلى 200% في أسعار الصرف بين المحافظات، حيث يتم تداول الدولار في صنعاء عند 537 ريالاً، بينما يصل إلى 1615 ريالاً في محافظتي عدن ومأرب. وخلال هذه المرحلة، يحذر الخبراء من احتمال كون هذا التحسن مؤقتاً، ومحدودية الفرص للاستفادة منه.
تفاوت أسعار الصرف يعكس واقع الاقتصاد اليمني والريال اليمني
في أسواق الصرافة في مأرب وعدن، أظهرت الوجوه علامات تفاؤل حذر بمُشاهدة استقرار سعر الريال السعودي عند 425-428 ريالاً، والدولار عند 1615-1626 ريالاً؛ حيث أكد أحمد، صاحب محل صرافة في مأرب، أنه رأى الابتسامة تعود إلى وجوه المتعاملين، بينما كان يعد النقود بحماس ممزوج بقلق دائم. بالمقابل، تكشف أرقام صنعاء واقعاً مختلفاً تماماً مع تداول الريال السعودي عند 140-141 ريالاً والدولار عند 537-540 ريالاً، ما يمنح سكان صنعاء قوة شرائية تفوق بثلاثة أضعاف نظرائهم في عدن، وهذا التفاوت الكبير يدل على انقسام جغرافي اقتصادي عميق مرتبط بالريال اليمني وأسعار الصرف.
أسباب ارتفاع الريال اليمني أمام العملات الأجنبية والتحديات المستمرة
لم يكن ارتفاع الريال اليمني أمام العملات الأجنبية حدثاً عشوائياً، إذ جاء بعد سنوات من الانهيار المتسارع التي بدأت عقب اندلاع النزاع في 2014، عندما كان سعر الدولار 215 ريالاً فقط؛ يصفه الخبير النقدي د. عبدالله بأنه “مثل عودة المطر بعد سنوات جفاف قاسية في الصحراء اليمنية”. ويضيف د. عبدالله أن هذا المؤشر إيجابي لكنه بحاجة إلى استمرارية ثلاثة أشهر على الأقل لتثبيت الاتجاه، مشيراً إلى عوامل عدة ساعدت في تحسن الريال اليمني، منها الاستقرار النسبي في الأسواق وتحسن تدفق العملة الصعبة، مع توقع تحركات طفيفة في الأيام القادمة.
تأثير تحسن الريال اليمني على حياة المواطن والاقتصاد الوطني
بالنسبة للمواطن اليمني العادي، يشكل ارتفاع الريال اليمني أمام العملات الأجنبية بارقة أمل كبيرة؛ حيث يقول سالم، العامل الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، بصوت مرتجف من فرحته: “لأول مرة منذ سنوات أستطيع شراء كيلو لحم لأطفالي”، فيما تضيف أم محمد من عدن أن “راتب زوجي الذي كان لا يكفي إلا لشراء ربع احتياجاتنا قبل الحرب، اليوم أشعر ببصيص أمل”. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الاستقرار النسبي إلى تخفيض أسعار السلع المستوردة وتنشيط الحركة التجارية، لكن يبقى التحدي الأكبر في ضمان استمرار هذا التحسن وتوحيد أسعار الصرف بين المحافظات المختلفة، بما يخلق بيئة اقتصادية أكثر توازناً ومستقرة.
- استقرار نسبي في سعر الريال اليمني أمام الدولار والريال السعودي
- تفاوت كبير في أسعار الصرف بين المحافظات (خاصة صنعاء وعدن ومأرب)
- احتياج لاستمرارية ثلاثة أشهر على الأقل لتأكيد تحسن الريال اليمني
- تأثير إيجابي مباشر على القوة الشرائية للمواطنين
- تحدي كبير في توحيد أسعار الصرف والمحافظة على استقرار العملة
| المحافظة | سعر الدولار بالريال اليمني | سعر الريال السعودي بالريال اليمني |
|---|---|---|
| صنعاء | 537 – 540 | 140 – 141 |
| عدن ومأرب | 1615 – 1626 | 425 – 428 |
رغم التفاؤل الحذر الذي يسود الأسواق، تظل علامات الاستفهام قائمة حول مدى استدامة هذا التحسن في الريال اليمني، فالعملة المحلية تشبه مريضاً بدأ يتعافى ببطء بعد غيبوبة طويلة، فهي لا تزال بحاجة إلى رعاية مستمرة وحماية قوية من التقلبات المفاجئة والتراجع؛ ما يجعل السؤال الأبرز في ذهن كل يمني هو: هل نعيش بداية النهوض الحقيقي للريال اليمني أم مجرد هدنة مؤقتة في رحلة طويلة من الصراع والانهيار؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بكشف ذلك، ويبقى الحذر واليقظة أساس الاحتفاظ بأي مكاسب حقيقية.
