فجوة 200% في أسعار الدولار بين صنعاء وعدن تصدم المواطنين اليوم

أسعار صرف الدولار في اليمن تكشف عن فجوة هائلة تفوق 212% بين صنعاء وعدن، ما يشكل أزمة نقدية مزمنة تزرع الفقر والاضطراب في البلاد وتنذر بتفكك الاقتصاد الوطني.

أسباب الفارق الجنوني في أسعار صرف الدولار في اليمن وتأثيره على الاقتصاد

شهدت أسعار صرف الدولار في اليمن تبايناً حاداً ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة بين المناطق الشمالية والجنوبية؛ حيث بلغ سعر الدولار في مدينة عدن 1632 ريالاً، بينما لم يتجاوز في صنعاء 522 ريالاً. هذا الانقسام النقدي يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها اليمن، وهو ما يجعل الدولار الواحد يكفي لاحتياجات أسرة لأسبوع في الشمال، بينما في الجنوب لا يفي إلا ليوم واحد فقط. هذه الفروقات المدمرة ترسم واقعاً مأساوياً يمس معيشة ملايين اليمنيين ويغذي التوترات السياسية والاقتصادية المتفاقمة.
تتجلى هذه الأزمة في حياة المواطنين، مثل حالة “أم خالد”، الموظفة الحكومية في عدن، التي ترى راتبها الشهري البالغ 60 ألف ريال لا يعادل سوى 37 دولاراً، مقابل 115 دولاراً لزميلتها في صنعاء؛ ما يعني أن الفارق في القوة الشرائية يتجاوز ثلاثة أضعاف. تتكاثر المشاهد يومياً في مكاتب الصرافة المكتظة، حيث محترفو عد النقود يعملون بلا كلل وسط ذهول المواطنين الذين يجدون أنفسهم مهددين بفقدان القدرة على تأمين أبسط الضروريات.

جذور الأزمة المالية في اليمن منذ 2014 وما بين صنعاء وعدن

تعود جذور تفاقم أزمة سعر صرف الدولار في اليمن إلى عام 2014، عندما أدى الانقسام السياسي إلى انفصال البنك المركزي إلى فرعين متنازعين في صنعاء وعدن، مما عمق التشققات المالية والاقتصادية. على مدار تسع سنوات من الحرب المدمرة، تم تدمير البنية الاقتصادية بشكل شبه كامل، مع توقف صادرات النفط وجفاف مصادر التمويل والمساعدات الخارجية، ما أسفر عن بيئة مشابهة لفترة “ألمانيا الشرقية والغربية” فقط بأن الفارق هنا فاق الحدود، بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي د. عبدالله، الذي يحذر من تفاقم الوضع دون تدخل دولي عاجل.
يصف المغترب سالم، المقيم في السعودية، معاناة آلاف اليمنيين في الخارج الذين يرسلون الأموال لعائلاتهم، إذ يعجزون عن تحديد سعر الصرف الذي ستحصل عليه ذويهم بين الأسعار المتعددة؛ ما يسبب أزمة لوجستية كارثية ضمن السلسلة الاقتصادية. الموظف الحكومي في الجنوب يحتاج راتب شهرين ليستطيع شراء ما كان يقتنيه في شمال اليمن خلال أسبوع فقط. يعكس هذا الواقع قصص التجار الذين يمشون محملين بالأوراق النقدية لشراء أبسط السلع، وسط قلق متزايد من احتمال وقوع مجاعة وهجرة جماعية قد تخلخِل سكان الجنوب بشكل جذري.

خيارات الحل وإمكانيات إعادة توحيد الريال اليمني والسياسة النقدية

يقف اليمن اليوم أمام مفترق حاسم بين استمرار انقسام السياسة النقدية أو نجاح الجهود الدولية في إنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الوطني. التدخل الدولي العاجل لتوحيد السياسة النقدية يمكن أن يوقف الانهيار الاقتصادي الحتمي الذي قد يقسم البلد إلى اقتصادين منفصلين نهائياً؛ ما قد يؤدي إلى اختفاء الريال اليمني كعملة موحدة وتفكك اقتصادي لا علاج له. المجتمع الدولي، خاصة الدول الخليجية، مدعوة لتحرك سريع وبنّاء لإنقاذ الوضع المتدهور ودعم الاقتصاد اليمني على الصعد كافة.
وتتضمن عناصر الحل الواجب اتخاذها بشكل عاجل وفق متابعين:

  • توحيد البنك المركزي واستعادة السيطرة على السياسة النقدية.
  • ضبط أسعار الصرف وتثبيتها لتقليل الفوارق الحادة بين المناطق.
  • تحفيز استئناف صادرات النفط وإنعاش مصادر التمويل والمساعدات الخارجية.
  • مساندة القطاعات الاقتصادية المحلية لتمكين المواطنين من مواجهة التضخم المستمر.
المدينة سعر صرف الدولار (ريال) معدل الفرق (%)
صنعاء 522 ـ
عدن 1632 212+

التحدي أمام اليمن يتمثل في الحفاظ على وحدة العملة والسياسة النقدية، وسط معضلات حادة تتهدد النسيج الاقتصادي والاجتماعي للبلد. استمرار هذه الفجوة الخطيرة في أسعار الصرف بدون حل جذري يعزز مخاطر أزمات معيشية وتفكك أعمق في مختلف المناطق، ويضع اليمن على أعتاب مرحلة صعبة تتطلب تعاوناً وتنسيقاً دوليين مكثفين لمنع الانهيار الكلي.