تثبيت أسعار الفائدة وتأثيرها على القطاعات الاقتصادية في مصر
أثار تثبيت البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية تساؤلات واسعة حول الرابحين والخاسرين من هذا القرار، خاصة بعد التغيرات الكبيرة التي طرأت على معدلات الفائدة خلال الاجتماعات السابقة. تراوحت أسعار الفائدة الحالية بين 21% للإيداع و22% للإقراض، بينما وصل سعر عملية البنك المركزي الرئيسية إلى 21.50%، وسط توقعات مختلفة حيال تأثير هذه الخطوة على الاقتصاد والقطاعات المالية.
من هم الرابحون من تثبيت أسعار الفائدة؟
تُشير نائب رئيس بنك مصر السابق، سهر الدماطي، إلى أن أصحاب الودائع والشهادات الاستثمارية هم أبرز المستفيدين من تثبيت أسعار الفائدة، حيث يحافظون على عوائد شهرية ثابتة، وهو ما يمثل طمأنينة للأفراد ذوي الخبرة الاستثمارية المحدودة أو الذين يفضلون الاستقرار المالي دون مخاطرة. كما ارتفعت ودائع البنوك المصرية بالعملات الأجنبية بحوالي 5.4 مليار دولار لتصل إلى 63.57 مليار دولار، فيما ارتفعت ودائع الجنيه إلى 9.16 تريليون جنيه حتى نهاية سبتمبر 2025، بزيادة قدرها 21.2% مقارنة بنهاية 2024، وفقًا لبيانات البنك المركزي.
وأضافت الدماطي أن قائمة الرابحين تشمل كذلك المستثمرين في أذون وسندات الخزانة، سواء كانوا أجانب أو محليين، مع استمرارية استفادتهم من معدلات العائد المرتفعة، فضلاً عن تأثرهم بإرتفاع معدل التضخم خلال أكتوبر 2025. أظهرت بيانات البنك المركزي زيادة ملحوظة في استثمارات العملاء الأجانب في أذون الخزانة التي وصلت قيمتها إلى 2.063 تريليون جنيه في يوليو 2025 مقارنة بـ1.906 تريليون جنيه في يونيو 2025، في حين وصل التضخم إلى 2% على أساس شهري، وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2024، مقابل 1.5% في سبتمبر الماضي.
الخاسرون من قرار تثبيت أسعار الفائدة وآثاره على القطاعات الاقتصادية
وفقًا لتصريحات سهر الدماطي، تأثر قطاعات الصناعة والتصدير بشكل سلبي من قرار تثبيت أسعار الفائدة، بسبب ارتفاع تكلفة التمويل التي تحد من القدرة التنافسية وتشكل عائقًا أمام التوسع في هذه القطاعات الحيوية. كما تضررت مشاريع القطاع الزراعي التنموية نتيجة تكاليف الاقتراض المرتفعة، مما قد يؤثر على نمو هذا القطاع في المدى المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، يعاني المطورون العقاريون والمقاولون من تبعات ارتفاع تكلفة التمويل العقاري الذي يبطئ تنفيذ المشروعات الجديدة، بينما قد تشهد البورصة تراجعًا في جذب المستثمرين لفضل العوائد المرتفعة التي توفرها البنوك.
كذلك، تتحمل الحكومة عبء خدمة الدين عبر الموازنة العامة، مما قد يحد من فرص الإنفاق التنموي، وتظهر بيانات وزارة المالية ارتفاع مدفوعات فوائد الدين خلال الربع الأول من العام المالي 2025-2026 لتبلغ 695.3 مليار جنيه، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 54%. وقد أظهرت الموازنة بحسب التقرير الشهري لوزارة المالية أن فوائد الدين استنزفت كامل إيرادات الموازنة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام المالي، حيث تجاوزت الفوائد مبلغ 644.87 مليار جنيه مقابل 470.1 مليار جنيه في نفس الفترة العام السابق، بنسبة زيادة بلغت 37.1%.
| البند | المبلغ (مليار جنيه) | النسبة المئوية للزيادة السنوية |
|---|---|---|
| مدفوعات فوائد الدين – الربع الأول 2025-2026 | 695.3 | 54% |
| إيرادات الموازنة – الربع الأول 2025-2026 | 644.87 | 37.1% |
| إيرادات الموازنة – الربع الأول 2024-2025 | 470.1 | – |
تحليل شامل لتثبيت أسعار الفائدة وتأثيره على السوق والاقتصاد
يمكن تقسيم تأثير تثبيت أسعار الفائدة في مصر إلى عدة نقاط رئيسية تشمل:
- تعزيز عوائد أصحاب الودائع والشهادات الاستثمارية، بتوفير استقرار مالي مباشر لهم
- استمرار جذب المستثمرين في أدوات الدين الحكومية مثل أذون وسندات الخزانة
- ارتفاع تكلفة التمويل للصناعات، مما يعطل خطط التوسع ويضعف القدرة التنافسية داخليًا وخارجيًا
- تباطؤ المشاريع التنموية في القطاع الزراعي بسبب ارتفاع أسعار القروض
- تأثير سلبي جزئي على المطورين العقاريين والمقاولين مع تأثير متزايد على التمويل العقاري
- انخفاض حوافز الاستثمار في البورصة مع وجود خيارات آمنة وعوائد مرتفعة لدى البنوك
- تزايد أعباء خدمة الدين العام، مما يضغط على ميزانية الدولة ويقلل من الإنفاق التنموي في قطاعات أخرى
بذلك، يظهر أن قرارات البنك المركزي بشأن تثبيت أسعار الفائدة تحمل في طياتها تأثيرات متباينة تنقسم بين مكاسب مباشرة لأصحاب الأصول الثابتة وقروض مرتفعة الكلفة تؤثر في القطاعات الإنتاجية والتنموية، مع بروز تحديات للبنية الاقتصادية العامة على المدى المتوسط.
