استقرار متوقع.. كيف يساهم مشروع الضبعة النووي في تقليل استهلاك الغاز وضمان طاقة مستدامة لمصر؟

يخفض استهلاك الغاز، مشروع الضبعة النووي يمهد الطريق لاستقرار الكهرباء في مصر، حيث تشهد البلاد اليوم تقدماً هامّاً في تركيب وعاء ضغط المفاعل بالوحدة الأولى، إلى جانب توقيع أمر شراء الوقود النووي، مما يعزز توقعات دور هذه المحطة في تعزيز مستقبل الطاقة في مصر.

مشروع الضبعة النووي وتأثيره على خفض استهلاك الغاز في مصر

أكد المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن مشروع الضبعة النووي يشكل إضافة متميزة لقطاع الطاقة في مصر، لافتاً إلى أن تشغيل المحطة لا يعتمد على الكهرباء التقليدية بل على الطاقة النووية التي توفر توفيراً سنوياً يقارب 2.4 مليار دولار عبر خفض استهلاك الغاز والوقود التقليدي. وأوضح يوسف في تصريحات لـ”تليجراف مصر” أن المفاعلات النووية تتميز بعمر تشغيلي يمتد حتى مئة عام، وتعمل بكفاءة مستقرة بغض النظر عن الظروف المناخية أو درجات الحرارة، مشيراً إلى أن تحديات التوريدات الخارجية التي أعاقت مشاريع مماثلة في الماضي أصبحت أقل تأثيراً حالياً. وشدد على أن مشروع الضبعة خطوة استراتيجية مهمة لضمان أمن الطاقة في مصر على المدى البعيد، ويجسد إنجازاً كبيراً في مسيرة قطاع الكهرباء.

تقع محطة الضبعة النووية على ساحل البحر المتوسط بمحافظة مطروح، على بعد نحو 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة، وهي المشروع النووي الأول من نوعه في البلاد. تأسس المشروع بناءً على اتفاق تعاون بين مصر وروسيا عام 2015، قبل أن تدخل مرحلة التنفيذ الفعلي في ديسمبر 2017 تزامناً مع زيارة الرئيس الروسي إلى القاهرة، حيث تصل التكلفة الإجمالية للمشروع إلى حوالي 28.5 مليار دولار، منها قرض روسي 25 مليار دولار يمتد سداده على 22 عاماً.

محطة الضبعة النووية ودورها المحوري في تغطية 12% من كهرباء مصر

أعلنت هيئة المحطات النووية المصرية في نوفمبر 2024 عن خطة تشغيل محطة الضبعة، التي تبدأ بوحدة أولى وربطها بالشبكة في سبتمبر 2028، تليها وحدات التشغيل الأخرى بفواصل زمنية تصل إلى 6 أشهر، لتنتهي عملية التشغيل الكامل بحلول عام 2030. تعكس هذه الخطوة تقدّماً ملموساً في الاستغناء عن جزء من الغاز المستخدم حالياً، إذ تتوقع الهيئة توفير ما بين 7 إلى 8 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، وهو ما يمكن توجيهه إلى قطاعات أخرى، مما يعزز من فعالية الموارد وتقليل الاعتماد على الاستيراد. كما أشار البيان إلى أن الكهرباء التي تنتجها الطاقة النووية تتميز بثبات الأسعار، حيث لا تتجاوز تكلفة الوقود النووي 5 إلى 10% من سعر الكيلووات/ساعة.

التقديرات تشير إلى أن محطة الضبعة ستنتج ما بين 35 و40 مليار كيلووات/ساعة سنوياً، مساهماً بنسبة تتراوح بين 10 و12% من إجمالي الكهرباء المنتجة في مصر عام 2030. ويأتي هذا في ظل أزمة متكررة في انقطاع التيار الكهربائي منذ صيف 2023، مما دفع الحكومة لتطبيق خطط لتخفيف الأحمال تبدأ بفصل الكهرباء لمدة ساعة يومياً وتصل أحياناً إلى أربع ساعات خلال الصيف قبل التراجع عنها في يوليو 2024. وتبلغ القدرة الإنتاجية الحالية من الغاز حوالي 4 مليارات قدم مكعبة يومياً، مقابل طلب محلي يصل إلى 6.2 مليارات قدم مكعبة، يرتفع خلال الصيف إلى سبعة مليارات بسبب زيادة الطلب على التبريد.

  • استيراد مصر لغاز يبلغ نحو مليار قدم مكعبة يومياً من إسرائيل منذ 2020.
  • تدعيم الإمدادات بسفن تغويز من دول أخرى لسد الفجوة البالغة 2.2 مليار قدم مكعبة يومياً.
  • زيادة استهلاك الكهرباء الصيفي بنسبة 25% ليصل إلى 38-40 جيجاواط/ساعة يومياً.
البيان الكمية
إنتاج الغاز اليومي الحالي 4 مليارات قدم مكعبة
الطلب المحلي على الغاز في الشتاء 6.2 مليار قدم مكعبة
الطلب المحلي على الغاز في الصيف 7 مليارات قدم مكعبة
كمية الغاز المستورد من إسرائيل يوميًا 1 مليار قدم مكعبة

مشروع الضبعة النووي: قصة نجاح تدعم الطاقة المستدامة في إفريقيا

وفق توقعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تبرز محطة الضبعة النووية كرافعة رئيسية لتعزيز قدرات مصر الكهربائية بإجمالي إنتاج يتجاوز 4.8 جيجاوت، ما يعادل نحو 10% من الطلب المحلي على الطاقة. وقد وصفت الوكالة المشروع بأنه “قصة نجاح” استثنائية، إذ تؤسس مصر من خلاله لأكبر محطة نووية في إفريقيا، لتصبح الدولة الوحيدة بالقارة التي تطور محطة بهذا الحجم والتقنية. لا يقتصر تأثير المشروع على إنتاج الكهرباء فحسب، وإنما يمتد ليشمل توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى تطوير الكوادر الوطنية في مجالات العلوم النووية والهندسة، مما يرسّخ مكانة مصر في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة ويؤسس لاقتصاد أكثر استدامة.

يمضي مشروع الضبعة النووي بخطى ثابتة نحو تحقيق استقرار إمدادات الكهرباء، مع خفض الاعتماد على الغاز الطبيعي وتحسين جودة التغذية الكهربائية للمستهلكين، ما يشير إلى مستقبل واعد لقطاع الطاقة في مصر.