تسليم المتهمين الليبيين للمحكمة الجنائية الدولية يظل خيارًا غير مرجح إلا في وجود صفقات سياسية معقدة، كما هو الحال بالنسبة لشخصيات بارزة مثل سيف الإسلام القذافي وعبدالله السنوسي، وهو ما يؤكده عضو المجلس العلمي بمركز البحوث الجنائية بمكتب النائب العام وأستاذ القانون الجنائي بجامعة طرابلس، شعبان عكاش. تعتمد آلية عمل المحكمة الجنائية الدولية على حسابات السياسة الدولية ومجلس الأمن في نهاية المطاف، مما يلقي بظلال من الشك على فرص نجاح الإجراءات القضائية الدولية في ليبيا.
تسليم المتهمين الليبيين للمحكمة الجنائية الدولية في ظل الحسابات السياسية العالمية
يرى شعبان عكاش أن تسليم المتهمين الليبيين للمحكمة الجنائية الدولية يرتبط في العمق بالصفقات السياسية التي تتم بين القوى الكبرى، حيث يُعد هذا القرار محكومًا بمصالح سياسية وأمنية بالدرجة الأولى، وليس فقط بالاعتبارات القانونية، وبالتالي فإن القضايا الحساسة مثل قضية سيف الإسلام القذافي وعبدالله السنوسي، تبقى رهينة هذه التفاهمات السياسية. منذ 2011، تأثر أداء المحكمة الجنائية الدولية بشكل كبير جراء هذه الاعتبارات السياسية، التي قلصت من نشاط المحكمة وفعاليتها في ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية داخل ليبيا.
انعكاسات رفض المحاكمات خارج الإطار القضائي المحلي على ملاحقة الجرائم الدولية
ينطلق النائب العام الليبي والمجلس الأعلى للقضاء من رفض قاطع لأي محاكمة تجري خارج القضاء المحلي، معتبرين أن الإطار القضائي الليبي هو الأصل والأساس للتحقيق والمحاكمة في الجرائم المرتكبة، مهما بلغت خطورتها، بما في ذلك الجرائم الدولية، ويرجع ذلك أيضًا إلى رغبة في الحفاظ على سيادة القانون الوطني. في هذا السياق، تتكامل العلاقة بين القضاء الدولي والوطني؛ إذ يضمن القضاء المحلي أولوية البت في القضايا، رغم التحديات التي تواجه المؤسسات القضائية الليبية، ومنها الانقسام الأمني وتكدس الملفات وصعوبة العمل وسط الهشاشة المؤسسية.
تحديات القضاء الليبي في ملاحقة الجرائم الجنائية الدولية وإمكانيات المعالجة
رغم أن الوضع في ليبيا يعاني من عدة معوقات تؤثر على قدرة القضاء المحلي في التعامل مع الملفات الجنائية الدولية، فإن ذلك لا يعني انعدام إمكانية ملاحقة هذه الجرائم؛ فالقدرة القضائية موجودة لكنها تواجه تحديات عديدة، أهمها:
- هشاشة المؤسسات القضائية وتأثيرها على سرعة اتخاذ القرار
- الانقسام الأمني الذي يعيق تنفيذ الأحكام القضائية
- تكدس الملفات بطلبات المحاكمة والتقاضي
يقف هذا الواقع كحاجز أمام تحقيق العدالة الجنائية الدولية داخل ليبيا، إلا أن هذه المشاكل لا تلغي فرص الملاحقة القضائية، بل تتطلب صبرًا وإرادة متجددة من الجهات القضائية. ينظر المجتمع القانوني الليبي إلى ضرورة تعزيز التكامل بين القضاء الوطني والمحكمة الجنائية الدولية، وذلك لدعم المسار القضائي وتحقيق العدالة.
| التحدي | الأثر على الملاحقة القضائية |
|---|---|
| هشاشة المؤسسات القضائية | تأخير الإجراءات القانونية وغياب الموارد اللازمة |
| الانقسام الأمني | صعوبة تطبيق الأحكام وتنفيذ الملاحقات |
| تكدس الملفات القضائية | إطالة أمد المحاكمات وتأجيل البت في القضايا الهامة |
يبقى تسليم المتهمين الليبيين للمحكمة الجنائية الدولية رهين بعوامل سياسية معقدة، في حين يعول القضاء الليبي على دوره وأنظمته التي تعمل بصعوبة وسط التحديات، لرفض أي محاكمات خارج الإطار الوطني، حفاظًا على السيادة واحترامًا للوائح القضائية المعمول بها في ليبيا. وتُعبر هذه المواقف عن حرص واضح على استمرارية العمل القانوني داخل البلاد رغم الظروف الأمنية والسياسية الراهنة.
