نمو الطلب العالمي على النفط والغاز حتى 2050 يشكل تحولًا مهمًا يعيد رسم توقعات الطاقة المستقبلية، حيث أعلنت وكالة الطاقة الدولية استمرار ارتفاع الطلب على النفط والغاز حتى عام 2050، بعكس ما كان متوقعًا سابقًا من تحول سريع لمصادر الطاقة النظيفة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على خطط وأهداف الحد من تغير المناخ.
الطلب العالمي على النفط والغاز وتأثير السياسات الحالية
تفرض السياسات الحكومية الحالية، التي تعتمدها الدول دون النظر إلى الالتزامات المناخية غير المنفذة، واقعاً جديداً يتوقع نمو الطلب العالمي على النفط ليصل إلى 113 مليون برميل يومياً بحلول منتصف القرن، بزيادة حوالي 13% مقارنة بعام 2024، مع ارتفاع عام في استهلاك الطاقة بنحو 15% حتى 2035، بحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية السنوي “آفاق الطاقة العالمية 2025”. هذه التوقعات تعكس تحولا بعيداً عن السيناريوهات التي كانت تركز على سرعة التحول للطاقة النظيفة وتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية منتصف القرن، حيث عادت الوكالة إلى منهجيتها التحليلية لعام 2019 والتي تركز على تلك السياسات الواقعية. جاء هذا التغيير مدفوعاً بالضغوط السياسية، لا سيما من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي دعمت زيادة الإنتاج النفطي والغازي، مقارنةً بإدارة جو بايدن الأكثر صرامة تجاه التحول الطاقي، والتي كانت تنتظر بلوغ ذروة الطلب على النفط خلال هذا العقد. في الوقت نفسه، انتقد وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت وقف الاستثمارات النفطية والغازية الجديدة باعتباره “غير منطقي”، مرجعًا ذلك إلى عوامل اقتصادية وتكنولوجية تحكم السوق.
سوق الغاز الطبيعي المسال والزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط والغاز
برز سوق الغاز الطبيعي المسال كمحرك رئيسي لزيادة الطلب على النفط والغاز، حيث يتوقع التقرير زيادة كبيرة في الاستثمارات والمشروعات النهائية للغاز المسال خلال 2025، مع دخول طاقات تصدير جديدة تصل إلى 300 مليار متر مكعب سنويًا بحلول 2030، مما يعني زيادة في الإمدادات العالمية بنحو 50%. وتتوقع وكالة الطاقة أن ينتقل حجم سوق الغاز الطبيعي المسال من 560 مليار متر مكعب في 2024 إلى 880 مليار متر مكعب بحلول 2035، وحتى أكثر من تريليون متر مكعب بحلول 2050، مع تسارع الطلب في قطاعات توليد الطاقة خاصة مع نمو مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي. مدفوعًا بما يلي:
- النمو الكبير في مراكز البيانات والاستثمارات المرتبطة بها
- ارتفاع الطلب على الطاقة في القطاعات الصناعية والتكنولوجية
- توسع استخدام الغاز الطبيعي كمصدر طاقة مركزي في توليد الكهرباء
وتوضح البيانات أن الاستثمارات في مراكز البيانات ستبلغ حوالي 580 مليار دولار في 2025، متجاوزة بذلك الإنفاق على إمدادات النفط الذي يقدر بنحو 540 مليار دولار سنويًا، مما يعكس تحولًا في هيكل الطلب على الطاقة من النفط إلى الغاز الطبيعي وتقنيات جديدة.
| العام | حجم سوق الغاز الطبيعي المسال (مليار متر مكعب) |
|---|---|
| 2024 | 560 |
| 2035 | 880 |
| 2050 | أكثر من 1000 |
تحديات تجاوز أهداف المناخ في ظل نمو الطلب العالمي على النفط والغاز
رغم هذه الزيادة في الطلب على النفط والغاز، تحذر وكالة الطاقة الدولية من تجاوز حد ارتفاع درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، إلا في حالة السيناريو الذي يفترض تبني تقنيات متقدمة لاحتجاز الكربون وإزالته من الغلاف الجوي بشكل واسع النطاق. الاتفاق الذي تعهدت به أكثر من 190 دولة في اتفاق باريس عام 2015 يواجه تهديدًا حقيقيًا، إذ يشير التقرير إلى أن استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري يجعل تحقيق هذا الهدف صعبًا للغاية. وهنا يؤكد التقرير أن السيناريوهات المطروحة هي نماذج محتملة تعتمد على السياسات الحالية ولا تعد نتائج نهائية، مما يعني أن الطريق نحو الطاقة النظيفة لا يزال ممكنًا لكنه يتطلب:
- إرادة سياسية قوية على المستوى الدولي
- استثمارات ضخمة في الابتكار والتقنيات الخضراء
- تحول جذري في طرق توليد واستهلاك الطاقة عالميًا
يبقى هدف تحقيق استدامة الطاقة والتوازن بين الطلب المتزايد على النفط والغاز والتحديات المناخية، معتمدًا على كيفية تفاعل العالم مع هذه المتغيرات المعقدة خلال العقود المقبلة.
