أسعار الذهب وانخفاضها المؤقت: هل سيعاود المعدن الأصفر الارتفاع مجدداً؟
تراجع أسعار الذهب الأخير بنسبة تجاوزت 7 في المئة على الصعيد العالمي، دفع العديد إلى الاعتقاد بأن فورة المعدن الأصفر قد خفت وتيرتها؛ ومع ذلك، تؤكد الدلائل أن التراجع الحالي هو تصحيح مؤقت وليست نهايته، إذ تشير جميع المؤشرات إلى استمرار اتجاه الذهب نحو مزيد من الارتفاعات مستقبلاً.
العوامل المؤقتة لتراجع أسعار الذهب مقابل المؤشرات المستقبلية للذهب
شهدت أسعار الذهب خسائر كبيرة هي الأكبر منذ عام 2013، حيث فقدت أكثر من 330 دولاراً للأوقية خلال أيام قليلة، قبل أن تستقر عند مستوى يقارب 4100 دولار، وهو تراجع وصفه الخبراء والمحللون بأنه “تصحيح” أو هدوء مؤقت وليس تراجعًا مستدامًا. وقد ارتبط هذا الانخفاض بعدة عوامل ظرفية منها انتهاء موسم الأعياد في الهند، ثاني أكبر مستهلك للذهب على مستوى العالم، مما أدى إلى تراجع الطلب؛ إضافة إلى التفاؤل الحذر تجاه احتمال التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين، والذي انعكس عبر تقوية الدولار وجعله أكثر كلفة للمشترين حول العالم. هذه العوامل بينت أن الانخفاض الواقع حالياً هو هدوء مؤقت لا يلغي مبدأ أن القفزات الصعودية السابقة التي تجاوزت 60 في المئة منذ بداية العام مستندة إلى عوامل أعمق وأكثر استراتيجية.
الأسباب الاستراتيجية وراء صعود أسعار الذهب على المدى الطويل
تتفق غالبية الخبراء على أن الذهب في طريقه إلى revival، مدفوعًا بعوامل استراتيجية ذات أثر بعيد المدى أبرزها ارتفاع الديون العالمية وضعف العملات التقليدية، لا سيما الدولار الأمريكي. تظهر بيانات وزارة الخزانة الأمريكية أن الدين الوطني قد بلغ 37.64 تريليون دولار حتى نهاية سبتمبر 2025، وهو ما يعادل 125% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تصل ديون الصين إلى نحو 16.6 تريليون دولار، واليابان إلى 10 تريليونات دولار تعادل 236% من ناتجها المحلي، والاتحاد الأوروبي يدين بأكثر من 14 تريليون يورو تمثل 81.8% من الناتج الإجمالي. كما أن إجمالي الديون العالمية متراكمة ليصل إلى حوالي 330 تريليون دولار، وهذا الكم الكبير من الديون يقوض ثقة المستثمرين في العملات الورقية بوصفها ملاذات آمنة. لذلك؛ تلجأ البنوك المركزية إلى زيادة احتياطياتها من الذهب الذي استعاد مكانته كأصل استراتيجي عالمي، حيث تجاوزت حصة الذهب في احتياطات البنوك المركزية سندات الخزانة الأمريكية للمرة الأولى منذ عام 1996، مما يعكس تحوّلاً أساسياً في ثقة الأسواق بين الدولار والمعدن الأصفر.
| الدولة/المنطقة | حجم الدين (تريليون دولار) | النسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي |
|---|---|---|
| الولايات المتحدة | 37.64 | 125% |
| الصين | 16.6 | غير محددة |
| اليابان | 10 | 236% |
| الاتحاد الأوروبي | 14.1 (يورو) | 81.8% |
توقعات أسعار الذهب المستقبلية: استمرار الصعود رغم تقلبات السوق
تتنوع توقعات المحللين حول أسعار الذهب، غير أنها تتفق على استمرار الاتجاه الصعودي خلال السنوات المقبلة، حيث تتوقع مؤسسات مالية كبرى مثل جي بي مورغان وغولدمان ساكس وصول سعر أونصة الذهب إلى 4900 دولار في 2026 وربما 8000 دولار بحلول 2028، بينما تشير صناديق الاستثمار إلى تحوّل الطلب من الأسواق الآسيوية مثل الصين والهند إلى الأسواق الغربية. وتؤكد غولدمان ساكس استمرار التفاؤل الهيكلي بالذهب، مستندة إلى الطلب المتزايد من البنوك المركزية والمستثمرين الذين ينظرون إليه كأداة تحوط استراتيجية. كما تراهن مؤسسات مثل إتش إس بي سي وستاندرد تشارترد وساكسو بنك على أن الهبوط الأخير في الأسعار ما هو إلا تصحيح مؤقت، مع توقع بلوغ سعر الأونصة 5000 دولار في 2026، خاصة إذا استمرت التوترات الجيوسياسية والظروف الاقتصادية الراهنة.
- استمرار ارتفاع الديون العالمية وتراجع الثقة بالعملات.
- تصاعد الطلب من قبل البنوك المركزية والمستثمرين.
- توقعات بتحقيق أسعار قياسية عالية للذهب خلال الأعوام القادمة.
بالنظر إلى هذه المعطيات، فإن أسعار الذهب تثبت أهميتها كأصل مالي حيوي، ووسط تقلبات قصيرة المدى، يبدو أن المسيرة التصاعدية للمعدن الأصفر طويلة الأمد ونموذجية للتخزين الآمن والقيمة الحقيقية، مما يعزز مكانته في المشهد الاقتصادي العالمي دون أدنى شك.
