توقعات أسعار الذهب ومؤشرات أدائه المستقبلية تحتل مكانة بالغة الأهمية في سوق المعادن النفيسة العالمي، خاصة مع تسجيل الذهب مستويات قياسية قريبة من 4400 دولار للأونصة، وسط تراجع محدود في نهاية الأسبوع الماضي لكنها لم تقلل من جاذبيته كملاذ آمن. تتأثر تحركات الذهب بشكل رئيسي بتصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي، وتزايد الإقبال على الأصول الآمنة جراء تدهور الثقة بالأسواق المالية.
توقعات أسعار الذهب وتحليلها بعد موجة صعود قوية وتصحيحات محتملة
يرى مصطفى فهمي، الرئيس التنفيذي للإستراتيجيات في شركة فورتريس للاستثمار، أن تغيرات أسعار الذهب الأخيرة تمثل حركة تصحيحية طبيعية عقب الارتفاعات الكبيرة التي حققها المعدن الثمين في الأسبوع الماضي. وأوضح فهمي في تصريح خاص أن مستويات سعر الذهب التي تتراوح بين 3900 و4000 دولار للأونصة ستكون نقاط توقف مؤقتة ما لم تطرأ مستجدات جوهرية على الأسواق.
وعلى الرغم من التصحيح الحالي، يؤكد فهمي أن الاتجاه العام لتوقعات أسعار الذهب في المستقبل يظل تصاعديًا على المديين المتوسط والطويل، مع استمرار الطلب القوي عليه من قبل البنوك المركزية والمؤسسات الاستثمارية، وذلك كتحوط ضد التضخم والهروب من تآكل قيمة العملات الورقية. كما أشار إلى أن الذهب سيعاود ارتفاعه بمجرد انتهاء موجة التصحيح الحالية، مشيرًا إلى أن مؤثرات عديدة ستحدد هذا المسار ومنها:
- حرب الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين.
- استمرار أو انقضاء الإغلاق الحكومي الأمريكي.
- التطورات السياسية في فرنسا واليابان.
- العوامل الجيوسياسية العالمية الأخرى.
وشدد فهمي على أن الطلب على الذهب سيظل مستمرًا بفعل الضغوط الاقتصادية والسياسية، خاصة تلك المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية والتوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا.
تحليل فني لتوقعات أسعار الذهب وسط زخم صعودي واحتمالات مخاطر عالية
يقول وليد فقهاء، مدير الاستثمار في شركة الأهلي للوساطة المالية، إن الصورة الفنية لتوقعات أسعار الذهب لا تزال إيجابية رغم ارتفاع المخاطر التي تواجه الأسواق. وبين فقهاء أن الزخم الصعودي لا يزال مستمرًا، إذ اقترب الذهب من مستويات قرب 4400 دولار للأونصة قبل أن يتراجع بحوالي 130 دولارًا ويغلق عند حوالي 4270 دولارًا.
وحول توقعات أسعار الذهب للأسبوع المقبل، أشار فقهاء إلى أن المعدن النفيس من المرجح أن يتحرك في نطاق سعري بين 4100 و4300 دولار للأونصة إذا لم تظهر أخبار مهمة تغير الوضع بشكل كبير. كما أوضح أن التوترات الجيوسياسية المستمرة بين الصين وأمريكا والأسعار المرتفعة الناتجة عن استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي تلعب دورًا هامًا في دعم هذا المستوي السعري المرتفع.
ولفت فقهاء النظر إلى أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي الضعيفة في الصين، وقرارات أسعار الفائدة القادمة، سترفع من الطلب العالمي على الذهب كملاذ آمن في مواجهة هذه التحديات.
توقعات أسعار الذهب طويلة الأمد وتأثيرات الهروب من التضخم والتقلبات الاقتصادية
وفقًا لتقارير بلومبيرغ، شهد الذهب ارتفاعات تجاوزت 60% منذ بداية 2025، مدعومًا بموجة شراء قوية من البنوك المركزية وصناديق المؤشرات التي تعتمد على السبائك، بالإضافة إلى تحول عالمي نحو الأصول الحقيقية جراء تراجع الثقة في النظام المالي وتقلب أسعار العملات. وعلى الجانب الآخر، سجلت الفضة مكاسب قياسية تجاوزت 54.50 دولارًا للأونصة قبل أن تتراجع بنسبة 6%، وهي أكبر هبوط لها خلال ستة أشهر.
ويعبر محللو بلومبيرغ عن الذهب بأنه المؤشر النفسي للاقتصاد العالمي، حيث يتفاعل مباشرة مع فرض الرسوم الجمركية، التوترات الجيوسياسية، معدلات الفائدة، وأزمات الديون الحكومية.
أما على الصعيد المتوسط، فقد حذر طلال السمهوري، مدير الاستثمار في شركة أفينتيكوم لإدارة رأس المال، من صعوبة التنبؤ بأسعار الذهب أسبوعيًا بسبب المتغيرات العالمية العديدة. لكنه يشير إلى أن الاتجاه العام سيظل صاعدًا بدعم من العوامل الاقتصادية الكلية.
نصائح هامة للمستثمرين في الذهب بناءً على توقعات الأسعار والتحليل الفني
يقدم مصطفى فهمي عدة نصائح مهمة للمستثمرين الذين يرغبون في استثمار الذهب:
- ينصح بشراء الذهب كتحوط ضد التضخم أو لتخزين القيمة مع توقع الاحتفاظ به على المدى المتوسط والطويل.
- يجب التحلي بالصبر لأن الارتفاعات الحالية هي نتيجة لفترات طويلة من الاستقرار النسبي.
- ينصح الأشخاص الذين يرغبون في البيع دون ضغوط مالية بالانتظار، نظرًا لاحتمالية تجاوز أسعار الذهب مستوى 5000 دولار للأونصة ما دام الوضع الاقتصادي والسياسي مستمرًا على ما هو عليه.
- أما المضاربون فيجب عليهم توخي الحذر، إذ إن كل ارتفاع قوي يتبعه عادة تصحيح حاد.
كما أوصى وليد فقهاء باتباع استراتيجيات الشراء الجزئي المتدرج لتجنب مخاطر التوقيت الخاطئ، مع إمكانية البيع الجزئي عند بلوغ مستويات سعرية مرتفعة.
الذهب بين توقعات أسعار الاستثمار كملاذ آمن ومرآة لتقلبات الأسواق العالمية
يرى خبراء الاقتصاد أن الذهب سيظل الاستثمار الأول عالميًا كأداة تحوط أمام موجات التضخم والتوترات التجارية والسياسية، رغم الأزمات والتقلبات قصيرة الأجل التي قد تواجه الأسعار. ويتفق المتخصصون في التحليل الاقتصادي على أن الاتجاه العام لأسعار الذهب ما زال إيجابيًا، وأن أي تراجع في السعر يمثل فرصة للشراء وليس للهلع، ما يعزز من دور الذهب كركيزة أساسية في محافظ المستثمرين وسط تقلبات الأسواق العالمية.