بعد ارتفاع الدين الأمريكي إلى مستويات قياسية، باتت التساؤلات أكثر إلحاحًا حول هل تعيد أمريكا تقييم سعر الذهب؟ فقد شهد سعر الذهب قفزة تاريخية في أكتوبر 2025، متجاوزًا 3300 دولار للأونصة مقارنة بـ2950 دولارًا في بداية العام، مما أثار نقاشات واسعة بين الاقتصاديين والمستثمرين عن احتمال إعادة تقييم احتياطيات الذهب الحكومية، لا سيما التي تحتفظ بها الحكومة في قاعدة «فورت نوكس» العملاقة.
ماذا يعني إعادة تقييم احتياطيات الذهب الأمريكية في السوق الحالية؟
يشير النقاش الجاري في الأوساط المالية إلى أن إعادة تقييم احتياطيات الذهب الأمريكية قد تغير قواعد اللعبة، رغم استبعاد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت لهذا الإجراء في الوقت الراهن. يقول فرانسيسكو بلانش، رئيس أبحاث السلع في بنك أوف أمريكا، إن إعادة تسعير الذهب حتى لو كانت مجرّد “عملية محاسبية” ستُحدث تأثيرًا جذريًا في الأسواق. رفع قيمة الذهب سيظهره كأصل مهم وحيوي، وليس مجرد أثر تاريخي، ما يعيد البنوك المركزية إلى الجدول لإعادة تقييم الذهب في محافظها الاستثمارية؛ إذ أبدى كبار البنوك المركزية اهتمامًا متزايدًا بالذهب مؤخرًا.
كيف تؤثر إعادة تقييم سعر الذهب على الميزانية الفيدرالية الأمريكية؟
تحتفظ وزارة الخزانة بأكثر من 261 مليون أونصة من الذهب موزعة على عدة مواقع كـ «فورت نوكس» و«ويست بوينت» ودار سك العملة في دنفر، لكنها تُسجل محاسبيًا بسعر ثابت وقديم لا يتجاوز 42.22 دولاراً للأونصة، وهو السعر المحدد منذ الثلاثينيات. هذا التقييم يُقيم الاحتياطي بحوالي 11 مليار دولار فقط، وهو مبلغ صغير بشكل كبير مقارنة مع الدين الوطني الأمريكي الضخم الذي يفوق 34 تريليون دولار.
لكن إعادة التقييم بسعر السوق الحالي الذي يبلغ 3300 دولار للأونصة، تعني زيادة قيمة الاحتياطي إلى أكثر من 861 مليار دولار، وإذا ارتفع السعر إلى 8000 دولار، فإن هذا الرقم سيتجاوز 2.1 تريليون دولار. بعض التحليلات حتى ذهبت إلى سيناريوهات أكثر تطرفًا، حيث يُتوقع أن يصل سعر الأونصة إلى 55,000 دولار إذا ما تم استخدام الذهب لسداد جزء كبير من الدين كما حدث في الحرب العالمية الثانية، وفقًا لآراء الخبير تافي كوستا من شركة كريسكات كابيتال.
الدافع لإعادة تقييم سعر الذهب بين أزمة مالية وفرصة سياسية
مع ارتفاع الدين الوطني الأمريكي إلى 34 تريليون دولار، يرى الخبراء أن إعادة تقييم الذهب ستتيح فرصة لتحسين الميزانية الفيدرالية من دون اللجوء إلى طباعة المزيد من النقود أو رفع الضرائب. وفي تجربة تاريخية مشابهة، استخدم الرئيس روزفلت في عام 1933 آلية رفع سعر الذهب من 20.67 إلى 35 دولارًا للأونصة، ما ساعد على إنقاذ الخزانة الأمريكية.
- إعادة تقييم الذهب قد تكون “عملية محاسبية” لكنها ستؤثر على أسعار السوق بشكل كبير
- ارتفاع قيمة الاحتياطيات الذهبية يعزز الوضع المالي للحكومة الأمريكية
- خفض اعتماد الولايات المتحدة على الطباعة النقدية والضرائب في تمويل الميزانية
- إشارة للبنوك المركزية العالمية لإعادة النظر في الذهب كأصل استراتيجي
سعر الذهب للأونصة | قيمة الاحتياطي بالترليون دولار |
---|---|
42.22 دولار | 0.011 تريليون |
3300 دولار | 0.861 تريليون |
8000 دولار | 2.1 تريليون |
55,000 دولار (تقديري) | 14.36 تريليون |
وفقًا لبنك أوف أمريكا، فإن إعادة تقييم سعر الذهب حتى لو كانت محاسبية، ستُحفز موجة صعود قوية في قيمته، ويتوقع الخبراء أن يرتفع سعر الأونصة لأكثر من 8000 دولار في أقرب السيناريوهات. مع استمرار الاتساع الهائل للديون الأمريكية، تبرز هذه الخطوة كبديل استراتيجي يعيد الثقة في الميزانية الفيدرالية ويشكّل منعطفًا في السياسة المالية الأمريكية.