الذهب يلامس 4,400 دولار وسط موجة صعود غير مسبوقة

أسعار الذهب القياسية وتحقيق أكبر مكسب أسبوعي في 5 سنوات يسيطران على السوق اليوم، مع استمرار المعدن الثمين في تحطيم الأرقام القياسية والانخفاض الملحوظ للدولار الأمريكي في سوق العملات، مما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية في الفترات المقبلة

الذهب يواصل ارتفاعه القياسي ويقترب من مستوى 4,400 دولار للأونصة

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً متواصلاً في السوق الأوروبية يوم الجمعة، حيث توسعت المكاسب لليوم السادس على التوالي، مع تجاوز المعدن الثمين أرقامه القياسية السابقة، ليصل إلى مستويات قريبة جداً من التداول فوق 4,400 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ، ما يضع الذهب على اعتاب تحقيق أكبر مكسب أسبوعي خلال خمس سنوات. يعود هذا الصعود الملحوظ إلى الطلب المتزايد على الذهب كملاذ آمن في ظل التوترات الاقتصادية العالمية، إضافة إلى هبوط الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية، ما يعزز جاذبية السبائك الذهبية للمتعاملين من خارج الولايات المتحدة.

وفي تفاصيل السوق اليومية، ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 1.2% لتصل إلى مستوى قياسي عند 4,379.65 دولار للأونصة، مقارنة مع سعر الافتتاح الذي بلغ 4,328.19 دولار، مع تسجيل أدنى سعر عند 4,278.95 دولار خلال الجلسة. ويضاف إلى ذلك أن تسوية الأسعار يوم الخميس سجلت زيادة بنسبة 2.85%، مع خامس مكسب يومي متواصل فوق مستوى 4,300 دولار للأونصة وسط عمليات الشراء المكثفة من المستثمرين الباحثين عن الأمان.

هبوط الدولار الأمريكي وتأثيره على أسعار الذهب القياسية والمكاسب الأسبوعية

عزز انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.3% يوم الجمعة من زخم ارتفاع الذهب، حيث استمر الدولار في خسارته لليوم الرابع على التوالي، مسجلاً أدنى مستوى خلال أسبوعين عند 98.03 نقطة، مما انعكس سلبًا على قوة العملة الأمريكية مقارنة بسلة من العملات العالمية الرئيسية والثانوية. هذا التراجع في قيمة الدولار يجعل من السبائك الذهبية المسعرة بالدولار خيارًا أكثر جاذبية للمشترين الذين يتعاملون بعملات أخرى، مما يدفع الطلب ويعزز الأسعار.

وتزامن هذا الانخفاض مع تدهور الموقف الاقتصادي والسياسي، حيث شهدت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين توترات متجددة، مع انتقادات لمسؤولي الولايات المتحدة لتوسع الصين في ضوابط تصدير المعادن النادرة التي تهدد سلاسل التوريد العالمية. إضافة إلى ذلك، تسبب إغلاق الحكومة الفيدرالية المستمر منذ أسبوعين في خسائر كبيرة تقدر بـ15 مليار دولار أسبوعيًا للاقتصاد الأمريكي، مما يزيد من الضغوط على الدولار ويبدد الثقة في الاقتصاد.

توقعات خفض الفائدة الأمريكية وأثرها على سعر الذهب القياسي وتحركات السوق المالية

تشير التوقعات الاقتصادية إلى اعتزام مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة في اجتماعات أكتوبر وديسمبر 2025، بناء على تصريحات عدد من مسؤولي البنك المركزي الأمريكي، الذين أبرزوا ضعفاً في سوق العمل وتأثيرات سلبية نتيجة إغلاق الحكومة والذي أوقف صدور البيانات الاقتصادية الرسمية. فقد أكد جيروم باول أن سوق العمل يشهد ركوداً مع انخفاض معدل التوظيف وزيادة حالات الفصل، لكن ذلك لم يمنع صانعي السياسة النقدية من تقييم الوضع الاقتصادي بناءً على معطيات أخرى.

وفي السياق ذاته، وضحت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، أن استمرار المخاطر على سوق العمل يعزز الحاجة إلى مزيد من الخفض في أسعار الفائدة. أما كريستوفر والر، محافظ البنك المركزي الأمريكي، فقد أيد بدوره خفضاً جديداً خلال اجتماع أكتوبر، نظراً للتقلبات في بيانات سوق العمل. ويعكس تسعير أداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME هذه التوقعات، حيث تبلغ احتمالات خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس 99%، مقابل احتمال 1% فقط للإبقاء على الأسعار دون تغيير.

يحظى الذهب بمتابعة دقيقة بين المستثمرين الذين يراقبون ردود فعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي وسط غياب واضح للبيانات الرسمية، مما يزيد من متانة توقعات ارتفاع سعر المعدن الأصفر. وصرح تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة KCM Trade، بأن الذهب قد يصل إلى هدف 4,500 دولار أمريكي قبل الموعد المتوقع، لكن الأمر مرتبط بمدة استمرار المخاوف التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى حالة الإغلاق الحكومي. وأضاف أن المخاوف الائتمانية المتفاقمة في البنوك الإقليمية الأمريكية عززت من زيادة شراء الذهب.

يشير محللون في بنوك كبرى مثل بنك أوف أمريكا وسوسيتيه جنرال إلى إمكانية وصول سعر الذهب إلى 5,000 دولار للأونصة عام 2026، مع استمرار الدعم من عوامل السوق الحالية. ويبرز هذا الاتجاه أيضاً من خلال ارتفاع حيازات صندوق SPDR Gold Trust، أحد أكبر صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب، حيث زادت كميات الذهب المحفوظة لديه يوم الخميس بمقدار 12.02 طن متري، مسجلة خامس زيادة يومية على التوالي، ليصل الإجمالي إلى 1,034.62 طن متري، وهو أعلى مستوى منذ يوليو 2022.