تراجع الدولار.. انخفاض التضخم يهدد جيوب المواطنين بشكل غير متوقع

الانخفاض في التضخم وسعر الدولار وتأثيره على أسعار السلع في السوق

على الرغم من الانخفاض الملحوظ في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه الذي وصل إلى ٤٧.٥٢ جنيهاً، وكذلك انخفاض معدل التضخم السنوي إلى ١٠.٣٪ خلال سبتمبر الماضي، إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس بشكل ملموس على أسعار السلع في الأسواق، حيث ظلت الأسعار مستقرة من حيث التغيرات الجوهرية؛ بعد فترة من الارتفاعات القياسية التي نتجت عن صعود الدولار مقابل الجنيه في الأشهر السابقة

تطورات معدل التضخم وتأثير الانخفاض على الأسعار في السوق

أفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بأن معدل التضخم السنوي على مستوى الجمهورية هبط إلى ١٠.٣٪ في شهر سبتمبر مقارنة بـ ١١.٢٪ في أغسطس، مع تسجيل زيادة شهرية قدرها ١.٥٪ في السعر خلال سبتمبر مقارنة بالشهر السابق، ما يوضح أن انخفاض التضخم السنوي لم يرافقه انخفاض شهري شامل يؤثر على السوق بشكل كامل أو فوري، ولا سيما أن الأسعار خضعت لتذبذبات تمهيدية نتيجة ارتفاع سعر الدولار.

في ظل تلك المعطيات، يبقى السؤال: لماذا لم ينعكس هذا الانخفاض المحقق في التضخم وسعر الدولار على انخفاض أسعار السلع؟ يوضح الخبراء أن أسباب ذلك متعددة، منها انخفاض مستوى الدخل للمواطنين، وقلة البدائل الدخلية التي تلجأ إليها الأسر، بالإضافة إلى الممارسات التجارية غير العادلة التي يمارسها عدد من التجار، فضلاً عن نقص الرقابة الجدية على الأسواق، مما أدى إلى تلاعب واضح بالأسعار.

تحليل أسعار السلع الغذائية والضغوط السعرية المستمرة

رغم تراجع المؤشرات الاقتصادية، شهدت أسعار الخضروات والفواكه ارتفاعات غير مسبوقة، فقد بلغ سعر الفاصوليا الخضراء ٥٠ جنيهاً والطماطم ٢٢ جنيهاً، فيما وصل سعر البلح البرحي ٧٠ جنيهاً، وارتفع سعر الموز إلى ٤٠ جنيهاً، مما يؤكد أن الضغوط مستمرة على الأسواق الاستهلاكية، ولا تعكس مؤشرات التضخم والعملة الوضع الفعلي للمستهلكين.

كما أكّد الدكتور ياسر شويتة، الخبير الاقتصادي والاستراتيجي، أن تحسين الإحساس العام للمواطنين بتراجع التضخم وانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه يستلزم زيادة في معدلات الدخل، والتي يمكن تحقيقها من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع دعم معدلات نمو اقتصادي مستدام تزيد عن ثمان سنوات، ليشعر المواطن بأثر التنمية الحقيقية.

وأكد شويتة على ضرورة تعزيز توفر السلع في الأسواق، والاعتماد على المنتجات المصرية لدعم الاقتصاد المحلي وخفض الأسعار بما يتناسب مع مستويات الدخل، خاصّة في ظل التحديات الراهنة.

• رفع مستوى دخل المواطن عبر دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
• تحقيق نمو اقتصادي مستدام لفترة طويلة تزيد على ٨ سنوات
• تعزيز توافر السلع والاعتماد على المنتج المحلي في الأسواق
• الرقابة المشددة على الأسواق لمنع التلاعب بالأسعار

التحديات المستقبلية وتأثير سعر الفائدة على مستوى الاستثمار والأسعار

من جانب آخر، ترى الدكتورة روضة حمزة، أستاذ الاقتصاد المنزلي بجامعة حلوان، أن عدم انخفاض الأسعار يعود إلى استغلال بعض التجار؛ حيث يسعون لتحقيق أعلى أرباح من خلال رفع الأسعار، وهذا يعد نوعاً من التلاعب الذي يضر بالمستهلك ويزايد العبء عليه.

وأوضح جلال عمران، رئيس شعبة الغذاء بالغرف التجارية، أن غياب الرقابة الفاعلة هو السبب الرئيس لاستمرار ارتفاع أو استقرار أسعار السلع بالرغم من تراجع الدولار والتضخم، بينما أشار الدكتور علي عبد الرؤوف، الخبير الاقتصادي، إلى أن التحسن في التضخم مرتبط باستقرار سعر الصرف، وبالرغم من ذلك لا تزال بعض الأسعار مرتفعة بسبب وجود مخزون كبير من السلع التي تم استيرادها بأسعار عالية سابقاً.

وحذر الدكتور عبد الرؤوف من إمكانية أن تعاود الأسعار الارتفاع مجدداً، خصوصاً في ظل توجه لرفع أسعار البنزين، مع المخاوف من تأثير تقلبات سعر الدولار على الأسواق.

أما فيما يخص سعر الفائدة، فقد لفت إلى أن مصر رفعت سعر الفائدة بنحو ٨٪ خلال عام ٢٠٢٢، ما وضعها ضمن أعلى ٥ دول عالمياً في هذا المعدل، غير أن تحسن الاستقرار السياسي دلّ على رغبة المستثمرين في خفض سعر الفائدة تدريجياً لصالح بيئة الأعمال، مما سينعكس إيجاباً على حجم الاستثمار ويعزز النمو الاقتصادي

الانخفاض في التضخم وسعر الدولار وتأثيره على أسعار السلع في السوق تبقى موضوعاً محورياً لفهم الوضع الاقتصادي الحالي، حيث تحتاج الأسواق إلى رقابة فعالة ودعم مستمر لمشروعات الدخل، بالإضافة إلى اعتماد متوازن على المنتج المحلي لتخفيف الضغوط على المستهلك وإعادة التوازن للأسعار بما يتماشى مع قدرته الشرائية