رحلة نجاح: كيف أصبح سليمان الراجحي رمزًا للثراء والزهد في آن واحد

نتعرف معكم على قصة نجاح الملياردير السعودي سليمان الراجحي، فعندما يُذكر اسم سليمان بن عبد العزيز الراجحي، يتبادر إلى الأذهان نموذج نادر لرجل أعمال سعودي جمع بين الذكاء المالي، والإصرار، والرؤية المجتمعية، والزهد الطوعي في المال بعد أن وصل إلى ذروة الثراء، إنها قصة عصامية متفردة بدأت من الصفر في قلب الجزيرة العربية، وتحولت إلى قصة نجاح مدوية على مستوى العالم العربي والإسلامي.

قصة نجاح الملياردير السعودي سليمان الراجحي

ولد سليمان الراجحي عام 1929 في منطقة البكيرية بالقصيم وسط السعودية في أسرة فقيرة عاش طفولة قاسية حيث لم يكن هناك وفرة في المال أو الموارد، وبدأ العمل منذ الصغر لمساعدة أسرته في سن التاسعة، وتنقل بين وظائف بسيطة كحمال، وموزع جمر ثم انتقل إلى مكة وعمل في بيع الثلج ثم اشتغل في نقل الحجاج مع شقيقه الأكبر صالح.

تلك المرحلة كانت حاسمة في تشكيل شخصيته فبالرغم من قسوة الحياة، امتلك سليمان شغفًا بالتجارة، ومهارة نادرة في إدارة الأموال، وحبًا للتخطيط على المدى الطويل.

مصرف الراجحي: تأسيس إمبراطورية مالية

في خمسينيات القرن الماضي، بدأ سليمان مع شقيقه صالح في تأسيس أعمالهم المالية في مجال الحوالات المالية للمغتربين، خاصة مع تنامي أعداد العاملين في المملكة. هذا النشاط توسع لاحقًا ليشكل نواة “مصرف الراجحي”، الذي تأسس رسميًا عام 1957.

وقد أصبح المصرف اليوم من أكبر المصارف الإسلامية في العالم، حيث يقدم خدمات مالية متوافقة مع الشريعة، ويملك شبكة فروع تتجاوز 500 فرع داخل وخارج المملكة، وأصولًا تُقدّر بمئات المليارات من الريالات، والرؤية التي تبناها الراجحي كانت قائمة على الجمع بين القيم الدينية والنجاح التجاري، وهو ما جعله محبوبًا وموثوقًا به لدى قطاعات واسعة من المجتمع.

استثمارات متنوعة داخل المملكة السعودية

لم تقتصر نجاحات الراجحي على القطاع المصرفي فقط، بل توسع نشاطه إلى قطاعات استراتيجية أخرى مثل:

• الزراعة: من خلال شركة الوطنية الزراعية التي أصبحت من أكبر المشروعات الزراعية العضوية في العالم، في منطقة الجوف.
• الصناعة: أسس شركات في مجال إنتاج الحديد والمواد الغذائية.
• التعليم: أنشأ جامعة الراجحي الأهلية لتكون منارة علمية حديثة في منطقة القصيم.
• العقارات: استثمر في تطوير مجمعات ومشروعات إسكانية وتجارية ضخمة داخل المملكة.

سليمان الراجحي: من المليارات إلى التبرع بكامل الثروة

في خطوة صدمت العالم المالي، أعلن سليمان الراجحي في 2011 عن توزيع معظم ثروته المقدّرة آنذاك بأكثر من 7.4 مليار دولار على أولاده، والتبرع بالباقي للأعمال الخيرية من خلال “وقف سليمان الراجحي”، ليصبح واحدًا من أكبر الأوقاف في العالم الإسلامي، قال حينها في تصريحات إعلامية: “لا أريد أن ألقى الله وفي ذمتي شيء. لقد جربت الفقر والغنى، والفقر أرحم من أن يُحاسبني الله على كل ريال لم أضعه في مكانه.”

هذه الخطوة وضعت سليمان الراجحي في مصاف القلة من الأثرياء العالميين الذين تخلوا عن ثرواتهم طواعية، في مشهد ألهم الملايين وأعاد تعريف مفهوم النجاح والثروة.

جوائز وتقدير عالمي

• اختارته مجلة فوربس ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم في سنوات متعددة.
• حصل على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 2012.
• كرّمه العديد من المؤسسات التعليمية والاقتصادية لمساهماته في التنمية والاستثمار المجتمعي.

توفي سليمان الراجحي في عام 2023 عن عمر ناهز 94 عامًا، بعد مسيرة امتدت لأكثر من سبعة عقود من العطاء، تاركًا خلفه نموذجًا نادرًا لرائد أعمال ومحب للخير، اجتمعت فيه صفات القيادة، والورع، والعطاء الوطني والإنساني.
خاتمة

قصة سليمان الراجحي ليست مجرد حكاية عن النجاح المالي، بل هي درس في الرؤية والصبر، وفي معنى أن يكون المال وسيلة لا غاية، وأن المسؤولية الاجتماعية ليست رفاهية بل واجب، إنه رجل بدأ حياته من الطين، ووصل إلى قائمة المليارديرات، ثم اختار الرحيل عن الدنيا خفيفًا من الأعباء، ثقيلًا بالبركات والأثر الطيب.