من أكثر القصص التي أثرت في حياتي ولا أنساها

أحداث طفولتي ومغامراتي في مسابقات غير متوقعة تركت بصمة لا تنسى في ذاكرتي، حيث خضت أول مسابقة سباحة في قريتنا بكل طيش وقلة عقل، في جرف مليء بمياه السيول القذرة، أشبه بنهر الغانج الذي يتبرك فيه الهندوس. كانت تلك اللحظة بداية قصة مليئة بالمواقف الطريفة والمحرجة التي علمتني دروسًا لا تُنسى في الشجاعة والندم.

ذكريات أول مسابقة سباحة في قريتنا وما بعدها من مغامرات الطفولة

في أحد الأمسيات الغبارية، تحولت مياه الجرف الذي يسقي المواشي مساءً إلى مسبح للأطفال والشباب، وقررت أنا بتحدي طائش أن أشارك في أول مسابقة للسباحة، رغم عدم إجادتي لها إطلاقًا. كان الخصم ولدًا ماهرًا يسبح كالسمكة، لكنني رفضت الانسحاب، وأصررت على إثبات نفسي أمام الفتيات اللواتي كن يراقبننا. عند انطلاق السباق، أدركت خطأي حين غطست أكثر من مرة، ولم أكن سوى أضحوكة بين الحضور، إذ غاصت ساقاي في طين الجرف اللزج ولم أستطع المقاومة، إلى أن تدخّلت يد الأخلاق والرجولة لإنقاذي قبل أن أغرق. رغم الإنقاذ، حصدت السخرية بدلاً من الإعجاب، وشعرت برد الخجل ولعنات أمي التي لم تفرق بين سلامتي وضياعي، إذ توالت العقوبات المصحوبة بمعاناة من ديدان البلهارسيا التي تسللت إلى جسدي.

تجربة السباق على ظهور الحمير ودرروس عن تحدي الكبرياء

بعد تلك المحنة قررت الابتعاد عن كل التحديات، ولكن ذات صباح نزغني الشيطان لخوض سباق جديد على ظهور الحمير، في لحظة غرور وزهو بعد عودتي من المدينة، حيث كنت أتفاخر لمخاطبة أطفال القرية. تحداني أحد الأولاد الحاسدين، معتقدًا أنني “تمدنت” ولم أعد قادرًا على ركوب الحمار، فقبلت التحدي رغم إنذارات العقل، مدفوعًا برغبة الفوز وإثارة إعجاب الفتيات. كان الولد أفضل منّي في التحكم، رغم ذلك ضربت حماري بالعصا فوجري بالإسراع، وانتهى الشوط الأول بالتعادل. أما في الشوط الثاني، وبعد انطلاقنا كفرسان، رقص حماري فجأة رغم توازي السباق، فلقيت نفسي مطروحًا على الأرض، مضروبًا وملطخًا بدمائي، حيث مزق حمار الغضب بزِلتي الجديدة. تحولت الساعة إلى كارثة حقيقية حملوني بعدها إلى البيت لأتعافى متألمًا، وأقسمت على الانتقام من الحمار الذي مسح كرامتي وسط ضحك الأولاد والبنات، لكن سرعان ما اختفى الحمار ولم أجد فرصة للانتقام.

دروس الحياة من مغامرات الطفولة ووقائع التحدي الطائشة

تُظهِر قصصي في الطفولة كيف أن التهور والطيش يفضيان غالبًا إلى مواقف محرجة، لكن مع تجارب الحياة تتوضح لنا الدروس. من الإصرار على مواجهة التحديات وعدم الاستسلام رغم العقبات، إلى إدراك لحظة الندم وضرورة الحكمة في اتخاذ القرارات. في كلتا الحالتين، سواء في السباحة في جرف وصخ أو سباق الحمير، تعلّمت أن الكبرياء أحيانًا يدفع الإنسان إلى مزالق لا تخلو من الألم، وأن الصبر والهدوء أحيانًا أغلى من الفوز. لا يمكن إغفال التفاصيل الطريفة والصادمة معًا، مثل التعامل مع ديدان البلهارسيا التي رافقتني سنوات أو تلك اللحظات التي تحولت فيها المغامرة إلى قصة بطولية يرويها الأطفال بفكاهة.

  • السباحة في جرف مليء بالمياه القذرة والتحدي مع السباح الماهر
  • التحدي في السباق على ظهر الحمار وتأثير الغرور والكبرى في الطفولة
  • النتائج المؤلمة والتجارب التي أرسخت دروسًا في الحكمة والصبر
الحدث النتيجة
مسابقة السباحة في الجرف غرق شبه كامل ثم الإنقاذ والسخرية والعقاب
سباق الحمير في المرعى السقوط وتحطيم البذلة وتلقي العلاج لفترة طويلة

أحداث طفولتي في مسابقات السباحة والحمير لم تكن مجرد مغامرات طائشة، بل كانت تجارب حياة علمتني كيف أواجه الكبرياء والتحديات بتواضع، وأكيف نفسي مع المواقف دون التهور الذي قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة تحمل بين طياتها تفاصيلاً لا تنسى وألوانًا متعددة من المشاعر بين الفرح والخيبة والألم والضحك. كلما استرجعت تلك اللحظات، أشعر بعبر ثمينة تلخص رحلة الطفولة التي نسجت في قلبي قصة الإنسان الذي ينهض من أخطائه، وإن كانت دروبه مليئة بالحماقات، فلا بد أن يكبر ويتعلم أن الحكمة تكمن في الاعتراف بالخطأ والتعلم منه بدلاً من الهروب أو التشبث بما فات.