هل تنخفض أسعار الإيجارات في فيصل بعد رحيل مئات السودانيين؟

أسعار الإيجارات في فيصل بعد رحيل مئات السودانيين تواجه تغيرات واضحة تستحق المتابعة، فبعد انطلاق أولى رحلات العودة الطوعية للسودانيين من القاهرة إلى الخرطوم بتكاليف مجانية تتحملها منظومة الصناعات الدفاعية السودانية، تراود الكثيرين تساؤلات حول مدى تأثير هذه العودة على أسعار الإيجارات في مناطق مثل فيصل والهرم، التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا مع تزايد الطلب على السكن.

تراجع محدود في أسعار الإيجارات في فيصل بعد رحيل السودانيين

بحسب الخبير الاقتصادي والمثمن العقاري محمد صفوت، قد يؤدي خروج أعداد كبيرة من السودانيين من منطقة فيصل إلى انخفاض محدد في أسعار الإيجارات، خاصة في الشوارع والأحياء التي كانت تشهد كثافة سكانية عالية من الوافدين خلال الفترة الماضية، حيث أدى الطلب المكثف إلى رفع الأسعار بصورة غير معتادة. أوضح صفوت لـ”تليجراف مصر” أن الإيجارات شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بعد اندلاع الحرب في السودان بسبب زيادة الطلب المفاجئ على الشقق، مما دفع الملاك إلى رفع الأسعار مستغلين التنافس الحاد بين المستأجرين، مشيرًا إلى أن بعض العقود تم توقيعها بأسعار تجاوزت القيمة السوقية الحقيقية بالإيجارات في فيصل.

وتابع صفوت أن التراجع في الطلب مع خروج نسبة من المستأجرين السودانيين بدأ يساعد بعض الملاك على تبني مرونة أكبر في تسعير العقارات، لا سيما في المناطق التي تمتاز بكثافة عالية أو عرض كبير لوحدات الإيجار، مما يخلق مناخًا أكثر توازنًا في السوق. مع ذلك، لا يتوقع أن يكون الانخفاض شاملاً أو كبيرًا، لأن العديد من الملاك ما زالوا متمسكين بالأسعار العالية، بجانب عامل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة الذي يدفع بأسعار السوق العقاري نحو الصعود.

أشار الخبير العقاري أيضًا إلى أن المناطق ذات القرب من محطات المترو والخدمات المهمة تحظى بطلب مستقر من السكان المحليين، ولذلك قد لا تتأثر بشكل ملحوظ بخروج السودانيين، أما المناطق التي تعتمد بشدة على تواجد الوافدين فقد تشهد تراجعًا طفيفًا في أسعار الإيجارات في فيصل خلال الفترة المقبلة.

أعداد النازحين السودانيين وأثرها على سوق الإيجارات في فيصل

في مارس 2025، أعلن مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر أن عدد السودانيين المسجلين لدى المفوضية كلاجئين وطالبي لجوء بلغ 656 ألف شخص حتى 22 فبراير من نفس العام، وهو ما يشكل حوالي 71% من إجمالي اللاجئين وطالبي اللجوء المقيمين في مصر، ما يعكس حضورًا واسعًا لهذا الجالية في البلاد. وتسببت الحرب في السودان في واحدة من أكبر أزمات النزوح عالميًا، حيث اضطر أكثر من مليوني سوداني للفرار خارج البلاد، في حين تجاوز عدد النازحين داخليًا 8 ملايين، مع تدهور متزايد في الأوضاع الأمنية والإنسانية داخل السودان.

هذه الأرقام الكبيرة من النازحين أثرت بشكل مباشر على سوق الإيجارات في المناطق التي يقيمون بها في مصر، وخصوصًا في منطقة فيصل التي ساهم تواجد السودانيين فيها في زيادة الطلب على الإيجارات، مما دفع الأسعار للارتفاع بشكل استثنائي خلال الفترات الماضية.

أسعار الإيجارات في فيصل وتوقعات السوق بعد رحيل السودانيين

تتراوح أسعار إيجار الشقق في منطقة فيصل بين 3 آلاف و15 ألف جنيه شهريًا، حسب حالة الوحدة السكنية وموقعها وقربها من الخدمات الأساسية، حيث تلعب هذه العوامل دورًا كبيرًا في تحديد القيمة الإيجارية.

في ظل هذه الظروف، قد يواجه الملاك في فيصل تحديات فيما يتعلق بتثبيت الأسعار، خاصة مع إمكانية تراجع الطلب على الوحدات السكنية من جانب السودانيين المغادرين، مما يضعهم أمام خيارات منها:

• خفض أسعار الإيجارات بشكل طفيف لاستقطاب مستأجرين جدد
• التمسك بالأسعار المرتفعة في المناطق ذات الطلب المحلي القوي
• تقديم عروض تسويقية أو تسهيلات مالية لجذب السوق الداخلي

تظل أزمة تناقص عدد المستأجرين الوافدين عاملًا محوريًا يجب مراقبته عن كثب، فأسعار الإيجارات في فيصل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بواقع الطلب والعرض على وحدات السكن، والمناطق ذات الخدمات القريبة والمحطات الحيوية من المتوقع أن تحافظ على استقرار نسبي، في حين أن المناطق التي تعتمد على الوافدين قد تشهد انخفاضًا محدودًا في أسعار الإيجارات في فيصل تدريجيًا، مع استمرار المؤثرات الاقتصادية العامة مثل التضخم وتكاليف المعيشة التي ترفع من الأسعار بشكل عام.

في ضوء هذه المتغيرات، يمكن القول إن أسعار الإيجارات في فيصل لن تشهد انخفاضًا كبيرًا أو مفاجئًا جراء رحيل مئات السودانيين، وإنما ستتراوح بين استقرار نسبي وانخفاض محدود محصور في بعض المناطق التي تعتمد بشكل مباشر على الوافدين، مع توقعات بأن تحافظ المناطق القريبة من المترو والخدمات على أسعارها نسبيًا.