الاقتصاد اليمني يواجه انهيار العملة وصعود الذهب.. تحذير من أزمة مقبلة تؤثر على الجميع

الاقتصاد اليمني في ظل انهيار العملة المحلية وأسعار الصرف المتصاعدة يواجه خطرًا حقيقيًا يهدد مستقبل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد؛ حيث أكد الخبير النفطي والاقتصادي الدكتور علي المسبحي أن الأزمة الحالية لن تُحل حتى في حالة تحقيق انتصارات عسكرية أو سياسية، مشددًا على استمرار ارتفاع أسعار الصرف وعدم عودتها إلى مستويات ما قبل الحرب، مما يفاقم التحديات الوطنية ويقود إلى تدهور شبه كامل للقطاع الاقتصادي.

تحديات الاقتصاد اليمني وأسعار الصرف وتأثيرها على الأداء الاقتصادي

أكد الدكتور علي المسبحي في منشور عبر صفحته على فيسبوك أن الاقتصاد اليمني تراجع إلى الوراء بحوالي عشرين عامًا منذ بداية الصراع المسلح عام 2015، مبينًا أنّ غياب الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية يعوق بشكل أساسي خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج المحلي؛ حيث أدى نقص الإيرادات الحكومية وارتفاع النفقات إلى إضعاف القاعدة الاقتصادية للدولة بشكل ملحوظ، مما يجعل التعافي الاقتصادي غير قابل للتحقيق دون تدخلات عاجلة وجذرية. استمرار ارتفاع أسعار الصرف، خصوصًا في ظل غياب الحلول الاقتصادية الفعالة، يشكل عاملًا رئيسيًا في تفاقم الأزمة، مما يدفع الاقتصاد إلى مزيد من التأزّم والركود.

انهيار العملة المحلية وتداعياته مع استمرار ارتفاع أسعار الصرف

أشار الدكتور المسبحي إلى أن قيمة العملة المحلية تعرضت لانهيار كارثي خلال الفترة من 2015 إلى 2025، حيث تجاوز ارتفاع أسعار الصرف نسبة 1000%، في حين فقدت الودائع البنكية أكثر من عشرة أضعاف قيمتها الحقيقية، مما تسبب بخسائر فادحة للمودعين والمواطنين المحتفظين بالنقود سواء في المنازل أو البنوك. وسلط الضوء على مقارنة قيمة الريال السعودي مقابل الريال اليمني بين أبريل 2024 وأبريل 2025، حيث ارتفع السعر من 436 إلى 636 ريالًا يمنيًا، بزيادة نسبتها 46%، مع توقعات بزيادة تدريجية في ظل غياب الإصلاحات العاجلة. هذا الانهيار دفع الكثيرين للبحث عن ملاذات آمنة لحماية مدخراتهم، من بينها:

• اقتناء العملات الأجنبية مثل الدولار والريال السعودي
• شراء العقارات والأراضي كاستثمار طويل الأمد
• الاستثمار في الذهب كوسيلة لحفظ القيمة

الذهب كملاذ آمن وسط تقلبات الاقتصاد اليمني وأسعار الصرف المستمرة

أكد الدكتور المسبحي أن الذهب شكل ملاذًا استثماريًا آمناً لأبناء اليمن بعد تدهور قيمة العملة الوطنية، مشيرًا إلى ارتفاع قيمة الذهب محليًا وعالميًا خلال العام الماضي، حيث حقق مكاسب مزدوجة نتيجة ارتفاع أسعار الذهب في البورصات العالمية وانخفاض قيمة الريال اليمني محليًا. فقد ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 من 255 ريالًا سعوديًا (ما يعادل 111,000 ريال يمني) في أبريل 2024 إلى 380 ريالًا سعوديًا (ما يعادل 242,000 ريال يمني) في أبريل 2025، أي بزيادة تجاوزت ضعف القيمة بالعملة المحلية. وينبئ المسبحي باستمرار ارتفاع أسعار الذهب، خاصة مع تراجع الدولار عالميًا بسبب زيادة الإنفاق والعجز في الخزانة الأمريكية، حيث توجد علاقة عكسية بين سعر الدولار والذهب.

وأشار أيضًا إلى توقعات بنك غولدمان ساكس بارتفاع سعر الذهب إلى 3700 دولار للأونصة بنهاية عام 2025 نتيجة التوترات الجيوسياسية والنزاعات التجارية، مع توقع وصول سعر جرام الذهب عيار 21 في اليمن إلى 300,000 ريال يمني بنهاية 2025، والارتفاع إلى 350,000 ريال بحلول منتصف 2026؛ ما يجعل الذهب الخيار الأبرز والأكثر أمانًا أمام تقلبات أسعار الصرف وضعف قيمة العملة المحلية.

وفي هذا السياق، شدد المسبحي على أن المسؤولية تقع بالكامل على الحكومة اليمنية، التي يجب أن تتحمل دورها في وضع السياسات الاقتصادية الصحيحة وإجراء الإصلاحات الضرورية التي تشمل كافة القطاعات؛ الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، بعيدًا عن اعتماد تمويلات خارجية تحمل شروطًا مجحفة تمس بالمواطن وهيبة الدولة. يشير هذا الموقف بوضوح إلى أن مواجهة أزمة الاقتصاد اليمني تتطلب حلولًا هيكلية عميقة وشاملة، بعيدًا عن الحلول المؤقتة والسطحية، بينما يبقى الذهب هو الملاذ الأمن للمدخرات أمام موجة التضخم المستمرة والأسعار المتزايدة للعملة المحلية.