الصين تكشف عن سلاح نووي تجاري في مواجهة مع أمريكا.. ترقب رد بكين على ترامب

المعادن النادرة ودورها الاستراتيجي في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة

في عام 2019، ومع تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، زار الرئيس الصيني شي جينبينغ مصنعًا صغيرًا في مدينة قانتشو الصناعية جنوب شرق الصين، معلنًا أن “المعادن النادرة مورد استراتيجي حيوي”، وهذا التصريح لم يكن عابرًا بل بداية لتحول استراتيجي تستثمر فيه الصين ورقة المعادن النادرة بقوة في الحرب التجارية. المعادن النادرة أصبحت محورًا أساسيًا في الصراع الاقتصادي والتكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة، حيث تُستخدم هذه العناصر في صناعات متقدمة وحيوية يصعب على واشنطن تجاهلها.

المعادن النادرة ودورها في تعزيز الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية الصينية

بعد أقل من ست سنوات على زيارة شي جينبينغ لمصنع قانتشو، اكتسبت المعادن النادرة وزنًا غير مسبوق في ترسانة الصين الاقتصادية. هذه المعادن تدخل في تصنيع أجهزة متطورة مثل هواتف الآيفون والطائرات الشبح، وهي من الأساسيات في الصناعات العسكرية والتكنولوجية حول العالم. الصين لا تسيطر فقط على الرسوم الجمركية في الحرب التجارية؛ بل تمتلك ورقة ضغط استراتيجية حقيقية عبر المعادن النادرة، التي تجعل من الصعب على الولايات المتحدة الرد بشكل فعال. المعادن الأرضية النادرة تشمل 17 عنصرًا، وهي أكثر وفرة من الذهب، لكنها تحتاج إلى عمليات استخراج ومعالجة معقدة ومكلفة، وهو ما تحكم فيه بكين بنسبة 61% من الإنتاج العالمي الخام و92% من عمليات التكرير، وفق تقرير وكالة الطاقة الدولية.

كيف تجعل المعادن النادرة الصين رائدة في تكنولوجيا المستقبل والحرب الاقتصادية

تعتمد قطاعات المستقبل مثل السيارات الكهربائية، الذكاء الاصطناعي والدفاع على مغناطيسات مصنوعة من المعادن النادرة، مما يجعل هذه المواد مفتاح تنافسية متقدمة. يرى جاستن وولفرز، الخبير الاقتصادي في جامعة ميشيغان، أن هذه السيطرة تمكن الصين من “الضرب في نقاط الألم” التي تضر الاقتصاد الأمريكي. على الرغم من جهود الولايات المتحدة المتواصلة منذ عهد ترامب لإنشاء سلسلة توريد محلية، فإن التقدم ما زال بطيئًا ومحدودًا، حيث تعاني شركات أمريكية من تحديات تقنية واستثمارية كبيرة، في حين تحافظ الصين على وهيمنة شبه مطلقة في هذا القطاع الحيوي.

تجدر الإشارة إلى ضوابط التصدير التي فرضتها الصين مؤخرًا والتي أثرت مباشرة على شركات غربية، ففي تصريح لجون أورميرود، خبير مغناطيس المعادن النادرة، أشار إلى توقف شحنات خمس شركات أميركية وأوروبية بسبب قيود جديدة غير واضحة، ما زاد من صعوبة تأمين المواد المطلوبة. تركز الضوابط على “المعادن النادرة الثقيلة” التي تُعتبر أكثر تعقيدًا في المعالجة؛ إذ تتطلب الشركات الحصول على موافقات حكومية مسبقة، مما يعمق الأزمة في سلسلة التوريد.

تاريخ الهيمنة الصينية على المعادن النادرة والتحديات الأمريكية الحالية

بدأت الصين استغلال المعادن النادرة منذ خمسينيات القرن الماضي، إلا أن تطوير صناعتها الحقيقية حصل في سبعينيات القرن العشرين، حين جمعت بين انخفاض تكاليف الإنتاج وتقنيات غربية متطورة، ما منحها تفوقًا صناعيًا. قال الزعيم الصيني الراحل دينغ شياو بينغ في عام 1992 جملة شهيرة تصف مستقبل هذه الموارد: “بينما يمتلك الشرق الأوسط النفط، تملك الصين المعادن الأرضية النادرة”، وهي الرؤية التي تحققها بكين اليوم بلا منازع. بالمقابل، شهدت الولايات المتحدة تراجعًا في قدرتها على معالجة هذه المعادن بعدما انسحب القطاع تدريجيًا لصالح المنتجات الصينية الأرخص، ما أدى إلى فقدان “المعرفة الفنية والموارد البشرية”، حسبما يوضح جون أورميرود.

تظهر الأرقام الرسمية أن واشنطن اعتمدت بين عامي 2020 و2023 على الصين في 70% من وارداتها من المعادن النادرة، مما دفع وزارة الدفاع الأمريكية إلى ضخ استثمارات تتجاوز 439 مليون دولار لتمويل سلسلة توريد وطنية تأمل في تحقيق الاستقلال بحلول 2027. تعمل شركات مثل Phoenix Tailings على ابتكار تقنيات تكرير صديقة للبيئة تقلّل الاعتماد على الصين، بينما تقوم شركة USA Rare Earth بتشييد منشأة في تكساس تبلغ قدرتها الإنتاجية 5000 طن سنويًا من مغناطيسات المعادن النادرة، مستغلًة منجمًا محليًا غنيًا. ويؤكد جوشوا بالارد، الرئيس التنفيذي للشركة، أن السرعة في الاستغلال والكفاءة هما مفتاح النجاح في هذا السباق.

  • احتكار الإنتاج والتكرير يضمن لبكين التفوق الاقتصادي
  • ضوابط التصدير تزيد من تعقيد توفير المعادن للخارج
  • الولايات المتحدة تستثمر في تطوير تقنيات محلية واعتماد مصادر جديدة
  • التحدي الأكبر يكمن في تحقيق إنتاج تجاري صناعي قادر على المنافسة
العام نسبة اعتماد الولايات المتحدة على الصين (%)
2020 70
2023 70

تحولت المعادن النادرة إلى سلاح جيوسياسي صامت في الصراع المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة، حيث تبرز قدرة بكين على تعطيل الصناعات الغربية الحيوية من خلال السيطرة على موارد لا غنى عنها في اقتصاد المستقبل. بينما تركز واشنطن على أدوات تقليدية مثل الرسوم الجمركية، تبقى السيطرة على المعادن النادرة ورقة قوة استراتيجية ثالثة لا يمكن تجاهلها، ما يجعل مستقبل المنافسة الاقتصادية بين العملاقين أكثر تعقيدًا واشتدادًا على المستويات الصناعية والتكنولوجية والسياسية