الحوثي يهيمن على احتكار السوق في اليمن.. ماذا يعني هذا للمواطن؟

الحوثية في اليمن وأثرها على وحدة الدولة والمجتمع اليمني

تعد “الحوثية في اليمن” إحدى القضايا المركزية المثيرة للجدل، حيث ينبع الخلاف الأساسي مع الحوثيين من الداخل اليمني نفسه، وليس كما يحاول البعض تصويره على أنه صراع بين الأمة العربية والإسلامية والهيمنة الأمريكية، بل هو جدل داخلي يعكس أبعادًا سياسية واجتماعية عميقة في اليمن.

تأثير المفاوضات الدولية على مستقبل الحوثية في اليمن

ستتبدد أجواء التدخلات الأمريكية بمجرد انتهاء ملف المفاوضات الأمريكية الإيرانية، مما قد يؤدي إلى خروج الحوثية في اليمن من المشهد بما لا يُهدد الملاحة الدولية أو المصالح الإقليمية. إذ تُناقش قضايا الصراع الإقليمي والدولي في عواصم مثل روما وطهران والرياض ومسقط بعيدًا عن اليمنيين، حيث يتم التوصل إلى نقاط توافق ترضي مصالح الأطراف المختلفة، في حين تظل المشكلة اليمنية بمعقداتها الحقيقية قائمة على الأرض. إذ بقيت العاصمة صنعاء محتجزة بيد الحركة المتمردة التي دمرت مؤسسات الدولة، مدعية إقامة “دولة الاصطفاء الإلهي”، وهو ما يزيد من التعقيد السياسي والاجتماعي في البلاد.

الأبعاد الفكرية والسياسية للحركة الحوثية في اليمن

تتمحور المشكلة بين اليمنيين والحوثيين حول الفكرة العنصرية التي تؤسس لتقسيم البشر وفق ترتيب فاشي معلن؛ وهو جوهر المشروع الحوثي الذي يجب أن يفهمه المدافعون عنه جيدًا قبل الوقوف معه. فقد أصدرت الحركة في 2012 وثيقة فكرية واضحة عبرت عن احتكارها لتمثيل الزيدية وتطييفها، بالاضافة إلى إقصاء ممثلي الزيدية التقليدية، ما أسهم في ترسيخ المذهبية غير المعترف بها في الصراع اليمني؛ وأصبح هذا الأساس الجديد لصنعاء والعاصمة موطنًا لهذا المشروع. صمت المجتمع تجاه هذا الإعلان أتاح للحركة أن تعلن فيما بعد تمثيلها الشامل لكل اليمن، مُختزلة الوطن بجماعة أنصارها القائمة كهيكل ميليشياوي عسكري مغلق، بعيدًا عن مفهوم الحزب السياسي المفتوح والتعددية السياسية المعروفة.

عناصر جديدة من النزاع الحوثي تكمن في:

  • رفض فكرة الدولة المدنية وتغييب مؤسساتها لصالح رمزية دينية فردية.
  • اختزال اليمنيين في جماعة محدودة تسودها أيدولوجيا عسكرية مغلقة.
  • إلزام الرأي العام بإجبارية قبول مشروع الحركة بدعوى الدعم للقضايا العربية مثل غزة.

تداعيات الحوثية على الوحدة الوطنية والمجتمع اليمني

اليمن يعاني من واقع مؤلم نتيجة السياسات الحوثية التي لا تكتفي بتدمير البنى التحتية فحسب، بل تعزز التشظي المجتمعي من خلال مشاريع التقسيم المناطقي التي بدأت مع اختطاف صنعاء لأكثر من عقد. كما لم يكن الصراع المذهبي جزءًا من المواجهات اليمنية قبل أن تسيطر الحركة على مؤسسات الدولة، لا سيما الأجهزة الأمنية. استمرار المشاريع الضيقة التي تسعى لاحتكار الرؤية الوطنية وفق منظور محدود يشكل تهديدًا خطيرًا لوحدة اليمن ودولة المواطنة. ويمكن عرض تطور الأزمة من خلال الجدول التالي:

العام الحدث الأساسي
2012 إصدار الوثيقة الفكرية للحوثية واحتكار تمثيل الزيدية
2014 اختطاف صنعاء والسيطرة على مؤسسات الدولة
2024 استمرار تعميق التقسيم الطائفي والمناطقي

تواجه اليمن اليوم معضلة ليست فقط في سرعة الحسم على الأرض وتوحيد القرار العسكري والاقتصادي، بل في ضرورة طرح مشروع دولة المواطنة وتثبيته كخيار أساسي يعكس التنوع الثقافي والسياسي والاجتماعي لليمن، ويكفل حقوق الجميع ويضمن وحدة الوطن دون استثناء ولا تفريق بين أبنائه.

يختلف اليمنيون إجمالاً في دعم القضية الفلسطينية العادلة، ولكن مشروع الحوثية لم يحظَ بثقة كاملة بسبب قناعاته التي ترفض السيادة الوطنية المبنية على قيم المواطنة، والمساواة والقبول بالآخر، مرددين خطابًا يعتمد على الاصطفاء والكراهية المستمرة تجاه الأطياف اليمنية الأخرى، مما يشبه إلى حد بعيد فكر التنظيمات المتطرفة بوجه آخر.

إن تفكيك هذا الواقع المرير وتحقيق السلام والاستقرار يتطلب إعلاء صوت الدولة المدنية وتبني روح الوطنية الجامعة، التي لا تعترف بجماعة أو طائفة على حساب الوطن بأكمله؛ فنجاح اليمن في تجاوز أزمته مستقبلاً يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالالتزام بسيادة القانون وقبول التعدد السياسي والاختلاف الثقافي في إطار دولة المواطنة الحقيقية.