«أسرار تاريخية» الاشتراكي من ماركس إلى عبدالملك كيف تطور الفكر بعمق ونهوض جديد

الحزب الاشتراكي اليمني والتحالف مع الحوثيين: تحوّل مأساوي في مواجهة العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن

في خبر مثير للدهشة، عبرت قيادة الحزب الاشتراكي اليمني عن إدانتهم للعدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن، مُعلنة استعدادها للدفاع عن الأرض اليمنية إلى جانب ميليشيا الحوثي، في موقف صادم يرمز إلى تهاوي مواقف حزب كان يوما رمزاً للحداثة والعدالة الاجتماعية إلى مستوى من الانحراف السياسي لا يُصدق، وهو التحالف مع حركة رجعية تعتمد على التوريث والطائفية.

التحول الدراماتيكي للحزب الاشتراكي اليمني في مواجهة العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن

لم يمضِ وقت طويل على تغنّي الحزب الاشتراكي اليمني بثورتي سبتمبر وأكتوبر وهما رمز للتحرر الوطني والديمقراطية، حتى شهدنا اليوم هذا التحول الصادم الذي يجعل الحزب يصف ميليشيات الحوثي بـ”القوات المسلحة اليمنية”، ويتماهى معهم في مواجهة ما يصطلح عليه بـ”العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن”؛ موقف مُذهل يثير التساؤل عن الأسباب التي أدت إلى هذا الانحدار السياسي.

اتهامات غسل الدماغ الجماعي، أو أن يحيى منصور أبو أصبع أصبح زعيما روحيا في محراب الكهنوت ليست مبالغات؛ بل هي محاولات لفهم هذا الانقلاب على التاريخ والمبادئ التي حملها الحزب عبر العقود. هذا التحالف العبثي لا يمثل فقط مهزلة، بل هو خيانة لدماء الرفاق الذين قاوموا الطغيان الأئموي، ولصوت النساء المحاصرات في تعز، وللجنوب الذي حلم يوما بيمن ديمقراطي لا يخضع لروح العصبية الدينية.

مفارقات التاريخ وخيانة مبادئ الحزب الاشتراكي اليمني تجاه العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن

هل نسيت قيادة الحزب كيف كانت الإمامة تسحل أبناءكم بذريعة “الشيوعية”؟ وكيف كانت الزنازين تبتلع رفاقكم لمجرد تداول منشورات سياسية؟ كيف يرفع الحزب راية الجمهورية التنفيذية ليبايع من ينادي بالولاية والنهج الإمامي؟ هذا النزيف في الذاكرة السياسية والبطولات التاريخية يوضح تناقضا صارخا في الخطاب والمواقف.

اليوم، أصبح الحزب في صنعاء شبحاً سياسياً يستجدي إذن “اللجنة الثورية العليا” ليوقع بياناته باسم الحزب، غيرَ أن هذه البيانات ليست سوى أقنعة تزيينية لتمرير رواية “العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن” بوصفها الحقيقة الوحيدة، وهي تهمة صارخة تلصقها السلطة الحوثية لكل من يعارض مشاريعها؛ البيانات التي تُصدر ليست موقفا وطنيا وإنما وصمة عار.

في مشهد سياسي مأسوي، صار يحيى منصور ذلك الصوت الذي كان يمثل التوازن والاعتدال، يعزف على نفس النغمة التي ترقص عليها الميليشيات، يصفق لصناع الدمار تحت شعار “الممانعة”، بينما المدن تُقصف والموانئ تُنهَب، والمدنيون يُفَجَّرون بأقاويل الجهاد والعدوان! هذا الانحراف ليس مجرد مسار سياسي خاطئ، وإنما انهيار فكري وأخلاقي يُلغي كل ما كان يتغنى به الحزب من مبادئ اشتراكية سامية.

الصمت المريب للحزب الاشتراكي اليمني تجاه العدوان الحوثي ومهاجمة السفن في البحر الأحمر

من بين أكبر الألغاز صمت الحزب الاشتراكي اليمني عن الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، ولم يدنها أبداً رغم ما تمثله من تهديد للملاحة الدولية والاقتصاد العالمي. وهذا الصمت يعكس فقدان الحزب لقراره المستقل وتحول مواقفه حول “العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن” إلى مواقف تتماهى مع أهواء سلطات صنعاء.

تمهيد الموقف الإعلامي تم في مطابخ الدعاية الحوثية، التي ترى أن إستهداف السفن هو شكل من أشكال المقاومة، وتُصنّف أي رد فعل دولي ضد هذه الأفعال كـ”عدوان صهيوني أمريكي إمبريالي”؛ وبذلك غمر الحزب نفسه في بحر من التغاضي، متخليا عن المبادئ الوطنية التي طالما نادى بها. في المشهد السياسي الراهن:

  • لم يدن الحزب الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر
  • أصبح الموقف يخدم أجندة الحوثي في الابتزاز السياسي
  • زاد الحزب من القفز على مبادئ الوطنية عبر الخضوع لسلطات الأمر الواقع

هذا الموقف المزدوج، حيث يُدان “العدوان على اليمن” فقط بجزء منه، ويتجاهل تهديد الاقتصاد الوطني وخلق مجاعة حقيقية، يدل على خلل جوهري في الفهم والسياسة. يرفع الحزب شعار “السيادة” لكنه يغض الطرف عن حرائق تُشعل في المياه الدولية، ويحتضن مشروعاً مغشوشاً يلبس عباءة الدين ليُخضع الناس لأهواء كهنوتية بعيدة عن جوهر الحرية والعدالة.

وهكذا، بدلاً من أن يكون الحزب الاشتراكي اليمني حامياً لمبادئ الثورة والحقوق، تحول إلى مشرّد يلهث خلف مواقف تزيد الطين بلة، يخسر الدعم الشعبي، ويُخلي أرضه لإرهاب فكري وسياسي يفرض صمتاً قاتلاً على الحقيقة، ويجعل من “العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن” خطابا يُستخدم لتبرير كل أشكال الانتهاك والدمار.