«آفاق واعدة» الاقتصاد المصري يتحدى الصدمات الخارجية وينال ثقة صندوق النقد؟

صندوق النقد “متفائل” بشأن الاقتصاد المصري وتأثير الصدمات الخارجية على الأداء المالي

يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل فائض الموازنة الأولي في مصر، باستثناء عائدات التخارج، إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025-2026، وهو أقل بنسبة 0.5% مقارنة بالتزامات البرنامج السابقة، ليزيد بعد ذلك إلى نسبة 5% من الناتج المحلي في 2026-2027، متماشياً مع الالتزامات المتفق عليها سابقاً. يُظهر هذا التفاؤل المشروط مدى القدرة على ضبط الأوضاع المالية رغم التحديات المتعددة التي تواجه الاقتصاد المصري.

تحديات الصدمات الخارجية وتأثيرها على الاقتصاد المصري

تُظهر دراسة صندوق النقد الدولي أن الصدمات الخارجية لعبت دوراً بارزاً في التأثير على الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، حيث تسببت الحرب في السودان بتدفق أكثر من 603 آلاف لاجئ إلى مصر؛ ما شكل ضغطاً على الموارد العامة والخدمات. أما اضطرابات حركة التجارة في البحر الأحمر، فتسببت منذ ديسمبر 2023 بخسائر كبيرة لإيرادات قناة السويس، حيث انخفضت الإيرادات بنحو 6 مليارات دولار خلال عام 2024، مؤثرة بذلك بشدة على الموازنة العامة. في المقابل، ساهمت الإيرادات القوية من السياحة وتحويلات العاملين بالخارج في تعويض جزئي لهذه الخسائر، مما أعطى بعض الزخم للاقتصاد في مواجهة هذه الصدمات. وعلى صعيد آخر، يُعد التحول إلى نظام سعر صرف مرن في مارس 2024 خطوة إيجابية حسب تقييم الصندوق، إذ ساعد ذلك في تقليل تراكم طلبات الاستيراد، وزاد من عمليات التداول في سوق ما بين البنوك، مع بقاء فجوة ملحوظة مع السوق الموازية تتطلب متابعة مستمرة لضمان استدامة الإصلاحات وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

مستوى التقدم في الإصلاحات الهيكلية وأهمية تعزيز الإيرادات المحلية

يركز صندوق النقد الدولي على التفاوت في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في مصر، مشدداً على ضرورة اتخاذ خطوات أكثر جرأة وحسم لتعزيز الإيرادات المحلية وتحسين مناخ الاستثمار. تشمل الأولويات تسريع جلب الاستثمارات وتعزيز الشفافية وتهيئة بيئة اقتصادية عادلة تضمن تكافؤ الفرص لجميع الفاعلين الاقتصاديين. ويبرز هذا التوجه كدعامة أساسية لنجاح البرنامج الاقتصادي الذي تسعى الحكومة لتنفيذه. وفي هذا السياق، أعلن المجلس التنفيذي لصندوق النقد استكمال المراجعة الرابعة لاتفاق صندوق التسهيل الممدد (EFF)، ما مكن مصر من سحب 1.2 مليار دولار فوراً، ليصل إجمالي المبالغ التي حصلت عليها البلاد من الاتفاق إلى 3.2 مليار دولار، أي 119% من حصتها ضمن البرنامج. كما وافق المجلس على طلب مصر للحصول على اتفاق تسهيل المرونة والاستدامة (RSF) بقيمة 1.3 مليار دولار، لدعم جهود الإصلاح المتعلقة بتغير المناخ وتعزيز المرونة الاقتصادية، مع انتهاء مشاورات المادة الرابعة لعام 2025.

العنصر القيمة
فائض الموازنة الأولي 2025-2026 4% من الناتج المحلي الإجمالي
الانخفاض مقارنة بالبرنامج السابق 0.5%
الموازنة المتوقعة 2026-2027 5% من الناتج المحلي الإجمالي
الإيرادات المتأثرة من قناة السويس 2024 6 مليارات دولار
المشتريات بموجب الاتفاق (حتى الآن) 3.2 مليار دولار
اتفاق تسهيل المرونة والاستدامة (RSF) 1.3 مليار دولار

خطوات الحكومة المصرية لضبط المالية العامة وسط الصدمات الخارجية

على الرغم من التحديات التي واجهتها مصر، أشارت وثائق صندوق النقد إلى أن تقدم مصر في ضبط المالية العامة خلال النصف الأول من السنة المالية 2024-2025 كان أقل مما كان متوقعاً، رغم تحسن تحصيل الإيرادات الضريبية، مما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة لاحتواء الإنفاق مع بداية النصف الثاني من السنة المالية لضمان الالتزام بالأهداف المالية المحددة. تشمل هذه الإجراءات عدة محاور رئيسية:

  • تعزيز الرقابة على الإنفاق العام وتوجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية
  • تعديل السياسات المالية بما يتماشى مع المؤشرات الاقتصادية المتغيرة
  • دعم مكاسب السوق الموازية وسعي لتقليص الفجوة في سعر الصرف
  • تعزيز الجهود لتسريع الإصلاحات الهيكلية والمضي قدماً في جذب المزيد من الاستثمارات

تحت مظلة هذه الخطوات الحكومية والإشادات بصندوق النقد الدولي، تبقى الاقتصاد المصري في طريق التعافي وسط تحديات الصدمات الخارجية، مع استمرار الحاجة ليقظة متواصلة في تنفيذ الإصلاحات وإنجاح برامج التمويل.