«تغيير جذري» قانون الإيجارات في مصر هل ينهي أزمة بدأت مع الحرب العالمية الأولى

وافَق مجلس النواب المصري على قانون الإيجارات القديمة، وسط أجواء من الأمل لإنهاء أزمة مستمرة لأكثر من مئة عام، لكنه يحمل في طياته مخاوف من أزمات جديدة قد تنشأ مع تطبيقه، حيث ينص على إلغاء العقود القائمة بعد فترة انتقالية مدتها 7 سنوات للمساكن و5 سنوات للوحدات التجارية والمكتبية، مع زيادة تدريجية ومتفاوتة لقيم الإيجارات بين ثلاث فئات من العقارات

قانون الإيجارات القديمة: تفاصيل المرحلة الانتقالية وآليات التطبيق

عبر القانون الجديد للإيجارات القديمة، تنقسم العقارات السكنية المؤجرة إلى ثلاث فئات رئيسية: متميزة، ومتوسطة، واقتصادية، وفقاً لقيمة الإيجار الأساسية التي تبدأ من ألف جنيه، و400 جنيه، و250 جنيهاً شهرياً على التوالي، وتلتزم الحكومة بتشكيل لجان متخصصة خلال 6 أشهر لتحديد وتصنيف العقارات داخل هذه الفئات، أما العقارات التجارية والمكاتب والوحدات الطبية فيرتفع الإيجار فيها إلى خمسة أضعاف القيمة الحالية؛ وتنص المرحلة الانتقالية على زيادة سنوية بمعدل 15% لكل العقود، مع إمكانية الإخلاء في حالات محددة قانونياً، فتتضح خطوات تطبيق القانون من خلال التالي:

  • تصنيف العقارات إلى الفئات الثلاث خلال 6 أشهر
  • زيادة قيم الإيجارات بشكل تدريجي بنسبة 15% سنوياً
  • تطبيق حد أدنى للإيجار الشهري حسب الفئة السكنية
  • رفع إيجار الوحدات التجارية والطبية إلى خمسة أضعاف
  • السماح بالإخلاء في حالات قانونية محددة خلال مرحلة الانتقال
الفئة حد أدنى للإيجار الشهري مدة المرحلة الانتقالية
متميزة 1000 جنيه 7 سنوات
متوسطة 400 جنيه 7 سنوات
اقتصادية 250 جنيه 7 سنوات
الوحدات التجارية والمكتبية 5 أضعاف الإيجار الحالي 5 سنوات

قانون الإيجارات القديمة وجذور الأزمة في تاريخ مصر السكني

تعود جذور أزمة قانون الإيجارات القديمة إلى عام 1920 في زمن الحرب العالمية الأولى، حين أطلقت الدولة قوانين تحد من حرية الملاك في زيادة الإيجار أو إخلاء المستأجر إلا بحكم قضائي، ثم أقسى التشريعات ظهرت في 1941 حيث منعت رفع الإيجارات بشكل كامل وسمحت بتمديد العقود تلقائياً، وتواصلت هذه القوانين في الستينات بتخفيض قيمة الإيجار بشكل درامي حتى عام 1981، وبعدها شهدت فترة تجميد للأوضاع بسبب أزمة الإسكان الحادة، إلى أن صدر قانون الإيجار الجديد سنة 1996 الذي أزال تدخل الدولة في العقود المستقبلية لكنه أبقى أوضاع الإيجار القديم بلا تغيير؛ الملاك والمستأجرون ظلوا محاصرين في استحقاقات قضائية ومعاناة بسبب تهاوي قيمة العقارات التي لا تجذب الإنفاق اللازم للصيانة، بينما ظلت قيمة الإيجار بثبات لا يناسب تغيرات الأسعار

مخاوف وآمال مرتبطة بقانون الإيجارات القديمة وتداعياته المستقبلية

مع إقرار قانون الإيجارات القديمة، تصاعدت المخاوف بشأن تطبيقه، لا سيما في فترات الإخلاء بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، حيث يشكل غالبية المستأجرين من كبار السن والفئات ذات دخول محدودة، وتتعلق الشكوك بقدرة الحكومة على توفير بدائل سكنية مناسبة، بالرغم من التعهد بمنح المستأجرين المتضررين أولوية في مشاريع الإسكان الحكومية، كما أن غياب إحصاءات دقيقة عن أعداد هؤلاء المستأجرين يزيد من حالة عدم اليقين، وكذلك مشكلة أموال “الخلو” التي دفعها المستأجرون في عشرات السنين الماضية، والتي ترى بعض الأسر أنها تستحق استرداداً بقيمة متضخمة بما يتناسب مع الأسعار الحالية، مما قد يؤدي إلى نزاعات قضائية جديدة تعقد المشهد أكثر

قانون الإيجارات القديمة يعكس تحولاً كبيراً في مفهوم العلاقة بين الملاك والمستأجرين بعد أكثر من قرن من التشريعات المتلاحقة، يبقى أن تتم مراقبة تنفيذه بدقة لضمان حماية حقوق الأطراف كافة وتفادي تفاقم الأزمات التي طالما لفّت أزمة الإيجار القديم.