«تحولات استراتيجية» معركة الحوثيين هل تقود المواجهة الأمريكية إلى صراع أوسع مع الصين وإيران

التوجه الأمريكي العسكري في اليمن أثار جدلًا واسعًا بسبب تداعياته المحتملة على الاستقرار الإقليمي والدولي، حيث يحذر الصحفي عبدالسلام محمد من أن هذا التوجه لا يقتصر على مواجهة مليشيا الحوثي فحسب، بل يحمل أهدافًا أوسع تتعلق بإعادة تموضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومواجهة النفوذ الصيني والإيراني، مما يشكل تحديات كبيرة للسلم والأمن في المنطقة.

التوجه الأمريكي العسكري في اليمن: أبعاد تتجاوز المواجهة مع الحوثيين

التوجه الأمريكي العسكري في اليمن يحظى باهتمام واسع لما يحمله من دلالات استراتيجية، إذ يرى عبدالسلام محمد أن الولايات المتحدة تستخدم الحرب مع الحوثيين كذريعة لتحقيق مصالح أعمق؛ تتمثل في فرض نفوذ جديد على المنطقة وإعادة ترتيب العلاقات الجيوسياسية، وهذا يتضح من تحريك حاملات الطائرات وتركيز القوة العسكرية في المياه الإقليمية اليمنية، وهو ما يتجاوز مجرد استهداف المليشيا الحوثية. تتشكل هذه الأهداف ضمن سياق استراتيجي شامل لا يمكن فهمه بمفرده من خلال المواجهة العسكرية المباشرة، بل يجب النظر إليه ضمن السعي الأمريكي لتأكيد وجوده كقوة قادرة على التحكم بمصائر الإقليم، واستغلال الصراع اليمني لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية بعيدة المدى. ويشدد عبدالسلام على ضرورة إدراك أن هذا التوجه لا يهدف إلى حل شامل، وإنما إلى استنزاف الخصوم وتأجيل الحل السياسي.

التوجه الأمريكي العسكري في اليمن وأهدافه في مواجهة النفوذ الصيني والإيراني

يتضح من تحليل عبدالسلام محمد أن التوجه الأمريكي العسكري في اليمن يشكل استجابة استراتيجية لمحاولات تحدي النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، وكذلك تقييد توسع مبادرة “الحزام والطريق” الصينية في البحر الأحمر، فكلا النفوذين يشكلان تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية. ويستعرض الكاتب مجموعة من الأسس التي ترتكز عليها هذه الاستراتيجية الأمريكية في اختيار أهدافها، والتي تتمثل في مرونة الهدف من حيث القابلية للقياس والتحديث المستمر، وتغذيته بدوافع جديدة عند تراجع الأهمية المباشرة، وارتباطها بمصالح الأمن والاقتصاد الأمريكي المباشر، بالإضافة إلى صقل الخبرات القتالية واختبار التكنولوجيا العسكرية الحديثة، بما يعزز من مكانة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، بل ويحقيق عوائد مالية من خلال عقود الأسلحة والدعم اللوجستي.

أسس رئيسية للتوجه الأمريكي العسكري في اليمن

• مرونة الهدف وقابليته للقياس والتقييم
• تجديد الأهداف بدوافع جديدة عند الحاجة
• ارتباط مباشر بمصالح الأمن والاقتصاد الأمريكي
• المساهمة في أهداف إقليمية ودولية طويلة الأمد
• كسب الخبرات القتالية لأجيال القوات الأمريكية
• تجربة أسلحة وأساليب قتالية حديثة
• تحقيق دخل إضافي من عقود التسليح والدعم اللوجستي
• تعزيز السمعة العسكرية الأمريكية عالميًا

التوجه الأمريكي العسكري في اليمن: أطماع اقتصادية وجيوسياسية في منطقة النفط

يرى عبدالسلام محمد أن التوجه الأمريكي العسكري في اليمن لا ينفصل عن الطموحات الأمريكية في السيطرة على مناطق غنية بالموارد الطبيعية خصوصًا النفط والغاز، والتي تعد مناطق ذات موقع استراتيجي محوري، ما يمكن واشنطن من استنزاف خصومها وفرض هيمنتها بأساليب متعددة، حتى وإن تطلب الأمر تحميل الدول المحلية جزءًا من تبعات الحروب المستمرة هناك. لا يختلف الأمر كثيرًا عن تجارب سابقة مثل أفغانستان والعراق، حيث غطت الولايات المتحدة أهدافها الحقيقية بمبررات مكافحة الإرهاب أو البحث عن أسلحة الدمار الشامل، بينما كانت هذه الحروب في الواقع أدوات لإعادة رسم خارطة النفوذ الدولي. ويشير عبدالسلام إلى أن اليمن اليوم يتحول إلى ساحة صراع تستهدف خطوط النفوذ بين الولايات المتحدة من جهة، وصين وإيران من جهة أخرى، فاستهداف الحوثيين قد يكون عنوانًا، بينما تبقى الخلفيات أعمق وأشمل.

ويُضاف إلى ذلك الاعتماد على سرد مزاعم جديدة لإضفاء شرعية مستمرة على العمليات العسكرية مثل اتهام الحوثيين بالحصول على أسلحة متطورة من روسيا، أو دعم لوجستي عبر الأقمار الصناعية من قبل الصين، بما يؤدي إلى تجديد الزخم العسكري وتعزيز حضور واشنطن في المنطقة. كل هذه المؤشرات تنبئ بأن الصراع في اليمن ليس مجرد نزاع محلي بل هو جزء من لعبة جيوسياسية أوسع تسعى الولايات المتحدة من خلالها لإعادة تشكيل موازين القوى على مستوى المنطقة.

يشير التوجه الأمريكي العسكري في اليمن إلى محاولة استثمار الصراع الحالي لاحتواء النفوذ المنافس، ومنع أي توسع جيوسياسي يعيد ترتيب وضع القوى التقليدية في الشرق الأوسط، لذا فإن فهم الحقيقة وراء هذا التوجه يتطلب إدراك الأبعاد المعقدة التي تتجاوز المعارك على الأرض، فالصراع هنا يمتد إلى تصميم مشهد إقليمي جديد يُخضع المصالح الكبرى لرقابة استراتيجية شاملة يبلغ تأثيرها آفاقًا أبعد مما يُرى مباشرةً في ميادين القتال.