«قصص مؤثرة» القبول الجامعي في السعودية هل يفرق بين التوائم ويبعد الأبناء؟

نظام القبول المركزي الموحد في السعودية يشكل نقطة تحول مهمة في تنظيم التعليم العالي، لكنه يقف عند مفترق طرق بين تسهيل العمليات الإدارية وتحقيق العدالة من جهة، وبين التأثيرات الاجتماعية والإنسانية التي لاحظتها الأسر والطلاب على الجانب الآخر، حيث أدى التطبيق العملي إلى تشتيت العديد من الطلاب والطالبات بعيدًا عن أماكن إقامتهم وعائلاتهم مما خلق تحديات غير متوقعة في هذا الملف.

نظام القبول المركزي الموحد وتأثيراته الاجتماعية على الطلاب

يشكل نظام القبول المركزي الموحد أداة محورية لتنظيم عمليات قبول الطلبة في الجامعات السعودية، ويهدف إلى تحقيق قدر من العدالة وتوحيد المعايير بين جميع الطلاب، لكنه في الوقت نفسه كشف عن تحديات اجتماعية خطيرة تتمثل في بعد الطلبة عن أسرهم ومناطقهم الجغرافية مما تسبب في مشاكل نفسية ومادية عدة، حيث تعاني الأسر من تحمل أعباء الإقامة والتنقل التي تصل أحيانًا إلى نسب كبيرة من دخله، ويشير توزع الطلاب إلى أن هذا النظام يفرض على كثيرين الانتقال إلى مناطق بعيدة دون مراعاة القرب الأسري أو الظروف الاقتصادية مما يجعل تجربة الطالب الدراسي أكثر تعقيدًا.

ويقول خالد الشمري، والد طالبة أكدت أن قبولها في جامعة تبعد حوالي ستمائة كيلومتر أجبرهم على تحمل تكاليف باهظة للسكن والنقل تستهلك أكثر من ثلاثين بالمئة من دخلهم، بينما يذكر سلمان حميد أن نظام القبول أضاع فرصة أن يكون ابنه في محيطه الأسري، كما تروي نورة الحمد معاناتها مع توائمها الذين يدرسون في جامعات مختلفة منتشرة، الأمر الذي يشكل عبئًا نفسيًا وماديًا صعبًا.

الأبعاد النفسية والاجتماعية لنظام القبول المركزي الموحد وتأثير الغربة على الطلبة

على الجانب النفسي والاجتماعي، يستعرض الباحث ماجد الطريفي تأثير الغربة على طلاب السنة الأولى الجامعية، مشيرًا إلى أهمية وجود إشراف أسري مباشر في مرحلة تحتاج إلى دعم نفسي كبير، حيث تساهم الغربة المبكرة في ظهور القلق والانعزال وتبني سلوكيات قد تطالح مسار الطالب الدراسي والاجتماعي، ويضيف عبد الله البقعاوي أن إبعاد الطلبة عن الأسر يساهم في خلق فجوة اجتماعية تنسف التلاحم الأسري وتضعف الروابط التي تعد ركيزة في المجتمعات المحافظة، ويؤكد أن النظام الحالي يفتقر إلى مراعاة الجغرافيا السكانية والطابع الثقافي المحلي، مما يضع العبء الأكبر على الأسر ويجعل من القبول الموحد تحديًا يتخطى التنظيم الإداري إلى الجانب الإنساني بالطبع.

التحديات العالمية لنظام القبول الموحد في ضوء التجارب الدولية المقارنة

لا يقتصر الأمر على المملكة وحدها، فالتجارب العالمية تظهر مشكلات مشابهة مع نظم القبول الموحد، ففي البرازيل مثلاً، أدى هذا النظام إلى زيادة هجرة الطلاب بين الولايات وارتفاع الأعباء المالية على الأسر، بينما أظهرت دراسات جامعة أوترخت الهولندية أن الطلاب الذين يدرسون بعيدًا عن عائلاتهم يعانون من مشاعر الحنين والقلق التي تؤثر على تحصيلهم الأكاديمي، وفي الولايات المتحدة كشفت دراسة أن نسبة 94 بالمئة من الطالبات يمررن بأعراض متعلقة بالغربة وانفصال الأسرة في الأسابيع الأولى من الجامعة، وهذه المؤشرات تضع وزارة التعليم السعودية أمام تحدٍ يتطلب مراجعة دقيقة للنظام بهدف تكييفه بما يلبي حاجة الطلاب إلى الاستقرار الاجتماعي والنفسي بعيدًا عن المعاناة الإضافية.

الدولة التحدي الرئيسي لنظام القبول الموحد
السعودية تشتيت الطلاب بعيدًا عن أسرهم وزيادة التكاليف المادية والنفسية
البرازيل ارتفاع هجرة الطلاب بين الولايات وزيادة العبء المالي
هولندا زيادة مشاعر الحنين والقلق النفسي بين الطلاب المغتربين
الولايات المتحدة أعراض الغربة والانفصال الأسري تؤثر في 94% من الطالبات في البداية
  • توفير الأولوية للقبول في جامعات المناطق الأصلية للطلاب
  • الوقوف على التحديات النفسية والاجتماعية للطلاب الناشئين في بيئات جديدة
  • مراعاة الجغرافيا السكانية والترابط الأسري عند تخصيص المقاعد الجامعية
  • تقليل الأعباء المالية الناتجة عن التنقل والإقامة بعيدًا عن الأسرة
  • تطوير آليات دعم نفسي واجتماعي للطلاب المغتربين عند ضرورة الانتقال

يبقى نظام القبول المركزي الموحد في السعودية موضوعًا حساسًا يتطلب توازناً دقيقاً بين الكفاءة الإدارية واحتياجات الطلاب وأسرهم، حيث تتفاعل فيه الجوانب التقنية مع البعد الإنساني والاجتماعي بشكل عميق، مما يوجب على الجهات المعنية إعادة النظر في آليات التنفيذ لمنح فرصة أفضل لنجاح هذا النظام دون التضحية بالثوابت الاجتماعية والاقتصادية.