«انخفاض ملحوظ» تراجع الدولار أمام الجنيه هل يستمر الاتجاه في الأشهر القادمة

بعد أشهر من الارتفاع، سر تراجع الدولار أمام الجنيه يشير إلى تحوّل واضح في توجهات السوق المالية داخل مصر، حيث شهد سعر الدولار انخفاضًا وملحوظًا ليستقر دون مستوى 50 جنيهًا، بعدما تخطى حاجز 51 جنيهًا في السابق، وسط خروج ملموس للأموال الساخنة من الاقتصاد المحلي مما أدى إلى حالة من التوازن في سوق العملات الأجنبية

سر تراجع الدولار أمام الجنيه عبر تراجع الطلب المحلي

يرى الخبير المصرفي عز الدين حسانين أن سر تراجع الدولار أمام الجنيه يعود بشكل رئيسي إلى تراجع الطلب على العملة الأمريكية داخل السوق المصرية، وهذا مرده الإجراءات الحاسمة التي نفذها البنك المركزي المصري لضبط سوق الصرف؛ حيث سعت السلطات إلى تعزيز الاستقرار النقدي بأساليب مدروسة ، موضحًا أن العائد العالي على أدوات الدين الحكومية مثل أذون وسندات الخزانة جذب المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، الذين فضلوا الاستثمار بالجنيه بدلاً من الاحتفاظ بالدولار، ما ساعد على دعم قوة العملة المحلية وحدّ من الطلب عليها بشكل كبير.

وكان البنك المركزي قد أطلق مؤخرًا طرحًا جديدًا لأذون خزانة بقيمة 90 مليار جنيه إلى جانب انعقاد اجتماع لجنة السياسة النقدية الذي أقر تثبيت أسعار الفائدة عند معدلاتها السابقة، وتوزعت الأذون على شريحتين رئيسيتين:

  • 45 مليار جنيه لأجل 182 يومًا
  • 45 مليار جنيه لأجل 50 يومًا

ويُعد هذا النوع من أذون الخزانة أداة مالية هامة لتغطية موازنة الدولة، مع إقبال كبير من البنوك والمستثمرين بسبب العوائد الجذابة التي توفرها، ما يزيد من سيولة الجنيه ويقلل من الإقبال على الدولار داخل السوق.

تراجع الدولار أمام الجنيه بدعم من ارتفاع تحويلات المصريين وتحسن السياحة

تكشف المعطيات عن تحسن ملحوظ في تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، وهو عامل رئيسي وراء سر تراجع الدولار أمام الجنيه؛ إذ شهدت تحويلات المصريين بالخارج زيادة قوية مدعومة بتفعيل استراتيجيات البنك المركزي، إلى جانب عودة تدريجية نشطة للاستثمارات الأجنبية وتحسّن واضح في قطاع السياحة الذي شهد ارتفاعًا قياسيًا في أعداد السائحين، حيث سجلت البلاد وصول 3.9 مليون سائح في الربع الأول من عام 2025 مع زيادة نسبتها 25٪ مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.

وأعلن البنك المركزي أن تحويلات المصريين خلال الأشهر العشرة الأولى من العام المالي 2024/2025 نمت بنسبة 77.1٪ لتصل إلى 29.4 مليار دولار، مع استمرار هذا الزخم خلال الأربعة أشهر الأولى من 2025 حيث بلغت التحويلات 12.4 مليار دولار مقابل 7.2 مليار دولار في نفس المدة العام السابق، ما رفع من المعروض بالعملة الصعبة وخفف الضغوط على الدولار في سوق الصرف.

عوامل إضافية في شرح سر تراجع الدولار أمام الجنيه وأثرها على السوق

يشير حسانين إلى أن تراجع الطلب على الاستيراد ساعد بصورة ملموسة على استقرار سوق الصرف وعزز من انخفاض أسعار الدولار، حيث لجأ عدد من التجار إلى تقليص طلباتهم على العملات الأجنبية بسبب الظروف الاقتصادية الحالية، مما أدى إلى تخفيف حدة الطلب على الدولار وتعزيز استقرار سعر الصرف.

إضافةً إلى ما سبق، توضح البيانات التالية الفارق في أسعار الدولار داخل السوق المصري خلال الفترة الأخيرة:

البنك أو المصدر سعر الشراء (جنيه) سعر البيع (جنيه)
البنك المركزي المصري 49.44 49.58
بنك نكست 49.63 49.73

هذه الأسعار تعكس اتجاهًا مستقرًا نسبيًا في سوق الصرف بعد فترة من التقلبات، وهو ما يعكس تحسنًا في مؤشرات السوق نتيجة تضافر العوامل الاقتصادية السابقة.

يفسّر تراجع الدولار أمام الجنيه عن عوامل متعددة متداخلة، تبدأ بتحكم البنك المركزي في سوق الصرف، وارتفاع عائدات أدوات الدين الحكومية، وصولًا إلى تدفقات العملات الأجنبية التي ارتفعت عبر تحويلات المصريين وتعافي الاقتصاد السياحي، وكل ذلك ساهم في تقليل الطلب على الدولار، وهذا المشهد يعكس حالة من الاستقرار النسبي التي تحتاج إلى متابعة مستمرة لتعزيز النمو الاقتصادي.