«تغييرات مرتقبة» احتجاجات عدن هل تم الاتفاق على رئيس وزراء جديد لحكومة الشرعية؟

سالم بن بريك هو الاسم الذي تصدر اهتمام الشارع السياسي في اليمن مع تصاعد الأزمات الاقتصادية والخدمية في العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة، حيث تم التوصل إلى توافق أولي لاختياره رئيساً لمجلس الوزراء بعد فشل الحكومة السابقة في السيطرة على الأزمات المعيشية، ويأتي ذلك في ظل تراجع قيمة الريال اليمني واحتدام الاحتجاجات بسبب انقطاع الكهرباء والماء وغياب الخدمات الأساسية مما زاد من هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الجنوب.

اختيار سالم بن بريك وتأثيره على الأزمة الاقتصادية اليمنية

اختيار سالم بن بريك رئيساً لمجلس الوزراء في الحكومة اليمنية يأتي كخطوة مفصلية في محاولة لإنعاش الاقتصاد المتدهور، فهو يمتلك خبرة طويلة في المجال المالي خاصة عبر توليه وزارة المالية مما يعطيه القدرة على إدارة الملفات المالية المعقدة التي تواجهها البلاد، لا سيما في ظل الضغوط الدولية والإقليمية التي تفرض تنفيذ إصلاحات هيكلية ضرورية لوقف الانحدار الحاد لقيمة الريال اليمني، ويُنظر إليه كمرشح قادر على تحسين الأداء المالي بإجراء تغييرات جوهرية في آليات الإنفاق العام التي لم تكن فعالة خلال الفترة الماضية.

لكن هذا الخيار، رغم أهميته، لا يخلو من التحفظات حيث يرى البعض أن وجود شخصية من داخل القطاع المالي وحده لن يكون كافياً للتعامل مع الأزمة الاقتصادية إلا إذا تواكب هذا التغيير مع إصلاحات شاملة في أداء الحكومة ومؤسساتها، فتغيير رئيس الوزراء يجب أن يصاحبه تفكير جديد في توزيع الموارد وترشيد النفقات ومحاربة الفساد المستشري، إذ أن استمرار السياسات القديمة دون تعديل سيُبقي اليمن غارقاً في أزمة عميقة.

الأسباب التي دفعت إلى استبدال أحمد بن مبارك بسالم بن بريك

تكشف المصادر أن الحكومة السابقة المرتبطة برئيس الوزراء أحمد بن مبارك عجزت عن السيطرة على تداعيات الأزمة الاقتصادية التي ضربت اليمن، خاصة مع انهيار العملة الوطنية وتفاقم تدهور مستوى المعيشة بين المواطنين، كما لم تُفعّل الإجراءات اللازمة لمواجهة انقطاعات الكهرباء والمياه المستمرة لساعات طويلة، وهذا الأمر تسبب في موجة غضب شعبي عارمة في محافظات الجنوب، ليكون ذلك السبب المباشر وراء التوافق السياسي على استبدال القيادة التنفيذية، علماً بأن الحكومة كانت تتلقى دعماً مالياً وسياسياً من دول التحالف العربي لكنها لم تستطع ترجمة هذا الدعم إلى تحسن ملموس.

التغيير الجديد يأمل أن يكون نقطة انطلاق لمواجهة أزمة تمس حياة الملايين، ولكن النجاح ليس مضموناً ما لم يترافق مع دعم سياسيو يمنيين بنهج إصلاحي حقيقي يتضمن تحسين مستوى الشفافية وتعزيز الكفاءة في إدارة الموارد، كما يجب أن تتبع خطوة التغيير عدد من الإصلاحات التي تعيد الثقة بين المواطن والحكومة والحلفاء الإقليميين والدوليين.

الفرص والتحديات أمام سالم بن بريك في قيادة الحكومة

يرى المتابعون أن سالم بن بريك يتمتع بمؤهلات تجعله قادراً على لعب دور محوري في تحسين الوضع المالي والاقتصادي في اليمن، ومن أهم الخطوات التي قد يتبعها لتحقيق ذلك قائمة شروط يجب اتباعها لإحداث فرق حقيقي في الأداء الحكومي وهي:

• تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة في المالية العامة وآليات الإنفاق لتقليل الهدر وتحسين توزيع الموارد
• معالجة أزمة انهيار الريال اليمني عبر سياسات نقدية واقتصادية مدروسة بالتعاون مع شركاء دوليين
• ضمان استمرارية الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء لتخفيف الضغط عن المواطنين في المحافظات المحررة
• تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لضمان وصول الدعم المالي إلى مستحقيه وعدم تبديد الموارد العامة
• توحيد الجهود السياسية والاقتصادية لتعزيز الاستقرار وتحقيق تنمية مستدامة في جميع المناطق المحررة

لكن عليه أيضاً أن يواجه تحديات كبيرة مثل مقاومة الفساد، وتداخل المصالح، وتفكك المؤسسات الحكومية، ونقص الموارد المتاحة، إضافة إلى ضرورة الحفاظ على الدعم السياسي من دول التحالف خاصة في مرحلة إعادة ترتيب أولويات التنفيذ الإصلاحي.

يبقى اختيار سالم بن بريك فرصة لتحريك المياه الراكدة في المشهد الاقتصادي اليمني إذا ما جُمع بين إرادته السياسية ودعمه الشعبي والدولي، لكن الأمر يحتاج إلى تعاون واسع من كل الأطراف لتحقيق تقدم ملموس في حياة المواطنين، فالاقتصاد اليمني لا يليق به سوى الإدارة الحصيفة التي توازن بين السياسة والمالية بخبرات متجددة وروحية إصلاحية مؤمنة بأهمية الدور الحقيقي بدلاً من التغيير الصوري.