«تحول تاريخي» عدوان 7 يوليو 1994 كيف تحولت إلى احتلال مكتمل الأركان

من مشروع وحدوي إلى احتلال مكتمل الأركان، تحوّل حلم الوحدة اليمنية إلى مأساة حقيقية في 7 يوليو 1994، حين هجمت قوات الشمال على الجنوب لتقضي على المشروع التوحيدي بعد أربع سنوات من بدايته رسمياً، ما أدى إلى سقوط طموحات ملايين اليمنيين الذين تصوروا مستقبلًا موحدًا يسوده السلام والاستقرار، ولكن ما حدث كان انقلابًا دمويًا على المجتمع الجنوبي وتفكيكًا لإرادته.

من مشروع وحدوي إلى احتلال مكتمل الأركان: تحويل الوحدة إلى واقع إقصائي

لم يكن عدوان 7 يوليو 1994 مجرد صراع عسكري، بل كان نهاية لمشروع وحدوي وسقوطه في دوامة الاحتلال القسري، إذ مُحيت مؤسسات دولة الجنوب وحلّت محلها سلطات فرضت السيطرة على الأرض والإنسان، واستُبعدت النخب الجنوبية من مواقع صنع القرار، الأمر الذي جعل الوحدة في الواقع مجرد غلاف ظاهر يخفي الاحتلال ويعمق الهوة بين الشريكين السابقين، حيث لم يعد الجنوب سوى منطقة مُهمشة ومقهورة، وأنهكتها سياسات الظلم والحرمان.

31 عامًا من المعاناة: انعكاسات عدوان 7 يوليو 1994 على الجنوب

عانى الجنوب لمدة تتجاوز ثلاثة عقود تحت وطأة الاحتلال الذي تمادى في تفكيك مؤسساته ونهب ثرواته، إلى جانب حملات الإقصاء التي أدت إلى تدهور حاد في الوضع الاقتصادي والخدمات الأساسية، مما وسّع الهوة الاجتماعية والسياسية مع الشمال. وبرزت على الساحة مطالب شعبية مُلحة لاستعادة الدولة التي ابتلعها الاحتلال، واعتماد خيار دولة اتحادية تسودها العدالة والكرامة، انطلاقًا من واقع الفشل المرير لمشروع الوحدة.

نحو تصحيح المسار: استعادة الدولة والذاكرة الوطنية للجنوب

بعد ما جرى في 7 يوليو 1994، باتت ضرورة إعادة ترتيب العلاقة بين شطري الوحدة أمرًا ملحًا، إذ تحوّل ما كان مشروعًا لوحدة وطنية إلى عدوان مدمر استهدف الهوية الجنوبية بأدوات متعددة من عسكرية إلى ثقافية واقتصادية، ومع استمرار الاحتقان وتفاقم الأوضاع، انطلقت جهود شعبية وحركات سياسية تدعو إلى استعادة الحقوق المغتصبة والدفع نحو حل عادل للقضية الجنوبية، مع الاستناد إلى قوة الحراك الشعبي واللحمة الوطنية في توحيد الصفوف.

في الحرب التي اندلعت عام 1994، وضعت قوات الشمال خطة استراتيجية لإسقاط دولة الجنوب ونهب ثرواته، معتمدة على عوامل عدة:

  • التغطية الإعلامية لتشويه هوية الجنوب وتبرير الاعتداءات
  • استخدام الفتاوى التكفيرية لدعم الاعتداء العسكري واستباحة الدم الجنوبي
  • فرض سياسات اقتصادية ضد الجنوب تستهدف تجفيف الموارد والبنى التحتية
  • تسريح آلاف الكوادر الجنوبية من الوظائف العسكرية والإدارية
  • تمكين عناصر موالية للنظام الشمالي للسيطرة على مفاصل الدولة جنوبًا

ظل الاحتلال مستمرًا بعد الحرب، ليعزز نظام الإقصاء ونهب الثروات في الجنوب، في ظل حملات مكثفة لتدمير الهوية والثقافة، كما أن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن في عام 2017 حمل لواء النضال لاستعادة الجنوب والحفاظ على ذاكرته الوطنية.

العام الحدث الرئيسي
1994 اندلاع الحرب وبدء الاحتلال في 7 يوليو
2007 انطلاق الحراك السلمي الجنوبي في ذكرى العدوان
2015 تحرير أراضي الجنوب من الحوثيين بدعم التحالف
2017 تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي

يحرص الجنوب على تجديد ذاكرته كل عام في 7 يوليو لوقف محاولات التهميش والطمس التي استمرت لعقود، بالإضافة إلى أهمية التمسك بالمشروع الوطني الجنوبي لبناء دولة مستقلة ذات سيادة، حيث يُنظر إلى ذكرى هذا اليوم على أنها محطة مفصلية لتذكير العالم بجرائم الاحتلال ورفض المتابعة في طريق الوحدة التي بدأت كمشروع وانتهت باحتلال ودمار.

في رحلته نحو التعافي، يمضي الجنوب بثبات في نضاله، متسلحًا بالذاكرة والوعي السياسي، ومتوحدًا في مواجهة التحديات، ليترجم حلمه القديم في استقلال حقيقي، حيث لا تزال ذكرى 7 يوليو تمثل دافعًا قويًا لمحطات التحرير القادمة، وانطلاقة جديدة تستحقها الأرض والشعب.