«تذكير مؤلم» حرب الجنوب 7 يوليو 1994 هل تبدأ مسيرة جديدة من الصراعات؟

7 يوليو 1994.. بداية الحرب على الجنوب ومسيرة 31 عامًا من الاستهداف تظل واحدة من أكثر اللحظات المأساوية التي شهدها التاريخ اليمني الحديث، حينما شنت قوى الشمال حربًا شاملة ضد شعب الجنوب، لتحويل حياة الملايين إلى معاناة مستمرة؛ فقد ارتبط هذا التاريخ بحملة استهداف ممنهجة لم تتوقف على مدار ثلاثة عقود متواصلة، تكالبت فيها التحديات على الجنوب ومقدراته وشعبه.

7 يوليو 1994.. بداية الحرب على الجنوب واستهداف مقدراته الاقتصادية

منذ إعلان الحرب في 7 يوليو 1994، نهجت قوى الاحتلال سياسات ممنهجة لاستنزاف الجنوب وتدمير قواعد قوته الاقتصادية، حيث شملت العمليات نهبًا منظمًا للثروات الطبيعية، واستهداف البنية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى تهميش الكفاءات الجنوبية وإقصاء القيادات من المفاصل الحيوية للدولة، ما أدى إلى تفكيك منظومة العمل والتنمية، وتحويل الجنوب إلى منطقة خاضعة للنهب السياسي والاقتصادي.

الاستبعاد الاجتماعي والإفقار كأدوات في 7 يوليو 1994.. مسيرة من تفكيك النسيج الاجتماعي

وبجانب الهجمات الاقتصادية، شهد الجنوب سياسات إفقار ممنهجة، تجلت في الإقصاء والتضييق على سبل العيش، فضلًا عن بث الفتن وتقويض الروابط الاجتماعية التي كانت تشكل عماد الوحدة الوطنية، حيث أصبح الجنوب يعاني من تمزيق نسيجه الاجتماعي وتفكك تماسكه الداخلي، في محاولة واضحة لكسر إرادة شعبه وتطويع تطلعاته السياسية والاجتماعية.

7 يوليو 1994.. بداية حرب استمرت 31 عامًا بين المعاناة والمقاومة المستمرة

رغم الحرب الظالمة التي بدأت في 7 يوليو 1994، لم تستسلم القضية الجنوبية لموجة القمع والتهميش، بل ظلت جذوة النضال مشتعلة، حيث قامت شرارة الحراك السلمي في 7 يوليو 2007 معلنة بداية ثورة شعبية ضد الاحتلال، وصولًا إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017 بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي الذي صنف القضية الجنوبية على جدول السياسة الإقليمية، مؤكداً على بناء جيش منظم وقوات أمنية لحماية الأرض والقضية؛ فلا تزال المسيرة مستمرة رغم كل التحديات وفصول الاحتلال والاحتجاج.

التاريخ الحدث
22 مايو 1990 توحيد الجنوب مع الشمال تحت مسمى الوحدة اليمنية
27 أبريل 1994 إعلان الحرب رسميًا على الجنوب من قبل النظام اليمني
7 يوليو 1994 اجتياح قوات الشمال عدن وبداية الاحتلال العسكري للجنوب
7 يوليو 2007 انطلاق الحراك الجنوبي السلمي ضد الاحتلال
مايو 2017 تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي
  • السياسات الاقتصادية: نهب الثروات وتهميش الكفاءات
  • السياسات الاجتماعية: الإفقار وخلق الانقسامات وإضعاف النسيج الاجتماعي
  • السياسات الثقافية: محو الهوية وفرض المناهج الموحدة واستبدال الرموز الجنوبية
  • المقاومة: انطلاق الحراك الجنوبي السلمي عام 2007 وتحول المقاومة إلى التحرر المسلح
  • السياسة: تأسيس المجلس الانتقالي وفرض الوجود السياسي والعسكري الجنوبي

لقد كانت ذكرى 7 يوليو 1994 محطة سوداء تُجدد الذاكرة حول معاناة الجنوب التي امتدت 31 عامًا من الاستهداف، إذ لم تمتد الحرب لجانب عسكري فقط، بل كانت أيضًا ثقافية وتاريخية واقتصادية، استهدفت طمس الهوية الجنوبية وتمزيق وحدتها الوطنية؛ هذا العدوان هو دليل صارخ على فشل مشروع الوحدة الذي كان أعلى راية لإخفاء نوايا السيطرة والتهميش، حيث استولت قوى الشمال على الأراضي والثروات، وبثّت فتاوى التكفير لترسيخ الحرب النفسية ضد الأهالي.

الاحتلال الذي بدأ في 7 يوليو 1994 ما زال يمتد آثاره إلى اليوم، إذ تسبّب في تسريح آلاف الموظفين والجنود الجنوبيين، وتحويل المدن الجنوبية إلى مراكز للنهب والقمع والتهميش، وذلك بدعم مباشر من قوى موالية للنظام الشمالي، الأمر الذي دفع بالمقاومة إلى الانطلاق أولًا في مسيرة سلمية، ثم صعدت حدتها إلى مقاومة مسلحة في مواجهة الغزاة والحافظين على الوجود الإقليمي لوطنهم.

تجسّد الحراك الجنوبي في مايو 2017، عندما أسّس الجنوب مجلسه الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي، والذي تصدّر نضال استعادة الدولة الفيدرالية وتصحيح المسار الأمني والعسكري والسياسي في مواجهة الاحتلال، تلك الخطوات وضعت أساسات واضحة لتقرير مصير الجنوب بإرادة محلية تعبّر عن تطلعاته ومستقبل أجياله القادمة.

في واقع 7 يوليو 1994، تكمن عبرة كبيرة لمشروع سياسي ظل يتقلب تحت شعارات الوحدة لكنه قدّم الجنوب كضحية حقيقية لاستراتيجية قمع طويلة الأمد، حيث تم تنفيذ مخططات مدروسة لطمس الهوية، وتحويل الأراضي الجنوبية إلى مناطق منكوبة اقتصادياً واجتماعياً؛ هذا كله لم يكن ليُمحى أو يُنسى، بل اتسعت رقعة الذاكرة الجماعية لتصبح أصل حضور فاعل نحو الاستقلال الكامل والعدالة التاريخية.

تؤكد مجريات الأيام أن الجنوب لن يتراجع عن مسيرته، حيث أصبحت الاهتمامات تتركز على بلورة استراتيجيات واضحة لاستعادة الدولة وجعلها حقيقة ملموسة، مدعومة بوعي الجيل الجديد وتحالفات سياسية عابرة للحدود، وتعكس إرادة لا تلين لكرامة متجددة لا يمكن قهرها مهما طالت سنوات الاحتلال، ويبقى الجنوب بتاريخ 7 يوليو 1994 شاهدًا على قوة إرادة شعبه.