«لحظة مأساوية» هاني مسهور 7 يوليو 1994 كيف سقط الضمير الإنساني في ذلك اليوم؟

7 يوليو 1994 هو يوم لامس فيه الضمير الإنساني أقسى محطاته في تاريخ الجنوب اليمني، حيث لم يكن مجرد سقوط دولة بل مأساة انتهك فيها الدين والسياسة كل القيم الأخلاقية، فقد تحوّل الدين إلى غطاء لاحتلال وقمع شعوب، وتكفير الجنوب بأكمله أمام صمت عالمي مخيف، لتبدأ بذلك صفحة سوداء في تاريخ شعب تعرّض للظلم والتهميش المستمر.

7 يوليو 1994.. لحظة سقوط الضمير الإنساني وجريمة سياسية وأخلاقية

في السابع من يوليو 1994، دخلت قوات شمالية العاصمة عدن لتبدأ مرحلة الاحتلال الوحشي، هذه اللحظة لم تكن مجرد معركة عسكرية لكنها جريمة تكفير شعب الجنوب بالكامل، لأول مرة في التاريخ الحديث تستخدم الفتاوى الدينية لتبرير العدوان، ما أدى إلى مجازر، قصف عشوائي، ونهب شامل للمؤسسات والثروات، كما شهد الجنوب تسريحًا قسرًا لآلاف الكوادر التي تمثل ركيزة الوطن وتنميته.

هذا اليوم كان بداية لحالة من الإقصاء والاضطهاد الممنهج، إذ جرى تهميش القيادات الجنوبية وتسليم مفاصل الدولة للموالين للنظام الشمالي، فيما قاد حزب الإصلاح حملات تحريض دينية موجهة للنيل من شرعية الحقوق الجنوبية، مما أضعف الإجماع الوطني وأرسل رسالة مفادها أن الضمير الإنساني لم يعد له مكان في هذه المعادلة.

يُضاف إلى ذلك صمت العالم أو تواطئ مؤسسات العدالة الدولية التي استسلمت لمبررات “الأمر الواقع”، لينطلق مشروع الاحتلال الذي دمّر الهوية الوطنية وهدم الدولة في مشهد أليم يفرض مراجعة شاملة للحسابات السياسية والأخلاقية.

7 يوليو 1994 في ذاكرة الجنوب.. تجربة النضال والتشبث بحقوقه

بعد هذه الخيانة السياسية التي وقعت في 7 يوليو 1994، تحوّل الجنوب من حالة الهزيمة العسكرية إلى مرحلة جديدة من الصمود والنضال، حيث انطلق الحراك السلمي في 2007 بقيادة المتقاعدين العسكريين، وكانت تلك انطلاقة لاستعادة الكرامة والحقوق من خلال الاحتجاج المدني المنظم والدعوة للإصلاح والحرية.

مع اندلاع حرب 2015 ضد الحوثيين، اجتمع الجنوب في مواجهة الغزو بهدف الحفاظ على الأرض والهوية، واستطاع بدعم التحالف العربي تحرير مساحات واسعة من أرضه، ليؤسس المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017 بقيادة عيدروس الزبيدي كصوت يمثل تطلعات الجنوب ومشروع استعادته لدولته، حيث اتجه الجنوب نحو بناء مؤسساته الأمنية والعسكرية والسياسية، رافضًا الهيمنة ومطالبًا بسيادته الكاملة.

المرحلة الأحداث والتفاصيل
7 يوليو 1994 بداية الاحتلال واقترانها بفتوى تكفير شعب الجنوب
2007 انطلاق الحراك الجنوبي السلمي بقيادة المتقاعدين العسكريين
2015 مقاومة الحوثيين والتحرير بالدعم العربي
2017 تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي

7 يوليو 1994.. لحظة سقوط الضمير الإنساني ورؤية مستقبل الجنوب المستقل

شهد هذا التاريخ المحزن سياسات ممنهجة من قوى الاحتلال لنهب ثروات الجنوب، تهميش الكفاءات، وتدمير هياكله الاقتصادية والاجتماعية بهدف طمس هويته الوطنية، مما مثّل خطراً داهماً على وجوده وتاريخه، وسعياً لتحويل الجنوب إلى منطقة مغلوبة على أمرها ومهمشة سياسياً واجتماعياً.

ويعتبر الجنوب اليوم ذاكرة حيّة لا يمكن محوها مهما حاولت قوى الاحتلال ذلك، إذ تتجدد مطالب الاستقلال وتحرير السيادة بناءً على وعي شعبي راسخ، مبني على تجارب القهر والنضال الدائم ضد الاحتلال، حيث يفرض المشروع الوطني الجنوبي نفسه لحماية الحقوق وترسيخ الدولة الحرة.

  • اعتراف العالم الدولي بالجريمة السياسية والأخلاقية التي حدثت في 7 يوليو 1994
  • مواجهة محاولات طمس الهوية الجنوبية عبر تعليم الأجيال الجديدة تاريخهم الوطني الحقيقي
  • تعزيز البناء المؤسساتي والسياسي والأمني في الجنوب تحت راية المجلس الانتقالي
  • التشبث بالذاكرة الوطنية كضمانة لعدم تكرار الانتهاكات والاحتلال
  • العمل على تأسيس دولة جنوبية ذات سيادة كاملة تحفظ كرامة الشعب وتاريخه

إن 7 يوليو 1994 يبقى شاهداً على أخطر لحظات انحدار الضمير الإنساني في الجنوب، لكنه أيضًا نقطة انطلاق لحراك مستمر من أجل العدالة والإنصاف، إذ أن إعادة الاعتبار لهذا التاريخ تفتح الطريق لتثبيت الحقوق الوطنية وتحرير الأرض من الاحتلال والضغوط السياسية التي استمرت لعقود طويلة.