«ثبات مفاجئ» سعر الدولار أمام الجنيه لماذا لم يشهد انخفاضًا رغم التراجع العالمي

رغم تراجعه عالميًا.. لماذا لم ينخفض سعر الدولار أمام الجنيه؟ تتساءل الأسواق والمراقبون عن الأسباب التي تجعل سعر الدولار في السوق المصرية يتجاهل تراجعه الكبير عالميًا أمام معظم العملات الرئيسية رغم الهبوط الحاد في قيمته منذ بداية العام، حيث يظل الدولار محتفظًا بمستوياته المرتفعة أمام الجنيه وسط ظروف اقتصادية معقدة في مصر تختلف عن الأسواق الخارجية تمامًا، مما يثير المزيد من التساؤلات.

لماذا رغم تراجعه عالميًا.. لماذا لم ينخفض سعر الدولار أمام الجنيه في السوق المصري؟

يرى الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح أن السبب الأساسي هو الطبيعة الخاصة للسوق النقدي المحلي التي لا تخضع للقوانين العالمية بشكل مباشر، فالدولار في مصر لا يتداول بحرية كاملة بل تحت رقابة البنك المركزي الذي يتبع سياسة مرنة في إدارة سعر الصرف تقف على توازن العرض والطلب مع الحفاظ على استقرار السوق ومعدلات التضخم، ما يعني أن تراجع الدولار عالميًا ليس كافيًا لانخفاض سعره أمام الجنيه المصري بسبب عوامل أخرى تخص الاقتصاد المصري بشكل خاص.

إضافة إلى ذلك، يبرز نقص المعروض من العملة الأجنبية في السوق المحلية بشكل مستمر نتيجة صعوبة زيادة تدفقات النقد الأجنبي، بالتزامن مع ارتفاع الطلب على الدولار من جانب المستوردين للسلع الأساسية وسداد الالتزامات الخارجية، وهذه المعادلة الصعبة تجعل انخفاض الدولار أمام الجنيه محدودًا رغم تراجعه العالمي الكبير، لأن الضغط على العملة الصعبة يظل قويًا ويحول دون تراجع الأسعار بشكل ملحوظ.

تراجع حاد في سعر الدولار عالميًا: تطورات تؤثر على الأسواق المالية

شهد الدولار الأمريكي خلال النصف الأول من عام 2025 هبوطًا نادرًا ووصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 1973، وهو ما جعل مؤشر “بلومبرج” للدولار الفوري يسجل خسائر متتالية لمدة ستة أشهر، وهذه هي أطول فترة تراجع له منذ ثماني سنوات، ويُعزى هذا الانخفاض الكبير إلى توقعات متزايدة لدى المستثمرين تشير إلى خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، بالإضافة إلى تباطؤ مؤشرات الاقتصاد الأمريكي التي تؤثر سلبًا على الطلب على الدولار، إذ اتجهت عمليات بيع واسعه لهدف زيادة تفضيل عملات مثل اليورو والين الياباني.

من الجدير بالذكر أن اليورو استغل حالة ضعف الدولار ليحقق ارتفاعًا غير مسبوق تجاوز 13.8% خلال النصف الأول من 2025، مسجلًا أقوى أداء له منذ سنوات طويلة، وهذا التضارب في تحركات الدولار عالميًا يعكس تحولات كبيرة في السيولة والتوقعات المالية للمستثمرين على المدى القصير والمتوسط.

الوضع في مصر وتفسير استقرار سعر الدولار رغم التراجع العالمي

على المستوى المحلي، سجل سعر الدولار أمام الجنيه مستوى ثابتًا نسبيًا عند 49.27 جنيه للشراء و49.40 جنيه للبيع وفق أحدث بيانات البنك المركزي المصري، وهذا الاستقرار النسبي ينبع من التدخل المستمر للبنك المركزي في السوق من خلال آلية سعر الصرف المرنة المصممة لدعم توازن النقد الأجنبي دون التسبب في تقلبات حادة تؤثر على الاقتصاد المحلي.

كما أظهرت إحصائيات البنك المركزي ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي إلى 48.525 مليار دولار حتى نهاية مايو 2025، مقارنة بـ48.144 مليار دولار في أبريل من نفس العام، وهو أمر يعزز القدرة على مواجهة تحديات الطلب المرتفع على الاستيراد وتعزيز الاستقرار المالي.

• البنك المركزي يدير سعر الصرف بما يضمن استقرار السوق والسيطرة على التضخم
• نقص المعروض من الدولار في السوق المحلية يرفع الطلب وبالتالي يدعم السعر
• الاحتياطي الأجنبي المستقر يدعم الموقف المالي للدولة
• ارتفاع الالتزامات الخارجية يدفع الطلب على الدولار نحو الثبات أو الزيادة

تَظهر هذه المعطيات أن السبب وراء عدم انخفاض سعر الدولار أمام الجنيه في مصر رغم تراجعه عالميًا يعود إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والمالية المحلية التي تعيد تشكيل قواعد السوق بشكل مستقل نسبيًا عن المؤشرات العالمية، ويظل البنك المركزي هو الضامن الرئيس لاستقرار سعر الصرف وتوفير السيولة اللازمة لتلبية احتياجات الاقتصاد، ما يحافظ على أسعار الدولار في سوق المال المصرية متوازنة ضمن حدود التصرف المحلية التي تصعب المزامنة مع تحركات الدولار على المستوى العالمي. مع بقاء الظروف الاقتصادية الخارجية متقلبة، يظل سعر الدولار أمام الجنيه المصري معرضًا لتغييرات محدودة ضمن إطار السياسات والظروف الوطنية.