«قيمة تاريخية» الحديد المصنوع قبل عام 1945 لماذا يثير اهتمام العلماء اليوم؟

فولاذ ما قبل الحرب يحمل قيمة استثنائية في عالم اليوم حيث لا تقتصر أهمية قطعة الحديد القديمة على مظهرها بل تمتد إلى أبعاد علمية وطبية وإنشائية كما أن الحديد المصنوع قبل عام 1945 يسمى بفولاذ ما قبل الحرب، وهذا النوع يتحلى بنقاوة إشعاعية عالية ما يجعله مطلوبًا من مؤسسات بحثية ووكالات الفضاء التي تحتاج لمواد خالية من التلوث النووي على وجه الخصوص

فولاذ ما قبل الحرب وعلاقته بتاريخ 1945 وتأثير التجارب النووية

تاريخ عام 1945 يمثل نقطة فاصلة في صناعة الحديد خاصة بعد تجربة “ترينيتي” النووية التي أُجريت في 16 يوليو ضمن مشروع مانهاتن السري في الولايات المتحدة، إذ أسفرت هذه التجربة عن إطلاق كميات كبيرة من النظائر المشعة في الغلاف الجوي مثل البلوتونيوم-239 والسيزيوم-137؛ وهو ما نجم عنه تلوث إشعاعي في الهواء عالميًا؛ وبما أن صناعة الحديد الصلب تعتمد على إدخال الهواء إلى الأفران الساخنة ضمن تقنية “بِسمر”، فإن الحديد المنتج بعد هذا العام يحمل آثاراً إشعاعية خفيفة غير ضارة للإنسان، لكنها تصعب استخدامه في تصنيع أجهزة دقيقة تقيس الإشعاع مثل عداد جايجر والأجهزة الطبية والبحثية

لماذا يأخذ فولاذ ما قبل الحرب صفة الندرة والقيمة العالية؟

السبب يكمن في أن قطعة الفولاذ التي أُنتجت قبل 1945 لم تتعرض لتلوث الإشعاع الجوي؛ بالتالي تُعتبر نقية إشعاعيًا تقريبًا، وهذا ما يجعلها مثالية للمعدات الدقيقة التي تحتاج إلى عناصر خالية من التداخلات الإشعاعية؛ ولذلك زادت قيمتها السوقية بشكل ملحوظ حتى إن الغواصين اتجهوا إلى البحث غير القانوني في حطام السفن الغارقة في أعماق البحار للحصول على هذه القطع النادرة؛ ففي عام 2016 مثلاً تم كشف سرقة ضخمة من الحديد من حطام السفينة الحربية HMS Exeter التي غرقت سنة 1942، وغالب التركيز كان على الفولاذ القديم فقط، متجاهلين معادن أخرى أعلى سعرًا مثل البرونز أو النحاس؛ وهذا يؤكد على أهميته الفريدة ضمن سوق المعادن النادرة

بدائل فولاذ ما قبل الحرب بين الواقع والتكلفة المرتفعة

تتوفر حاليًا تقنيات متطورة تسمح بإنتاج فولاذ خالٍ من الإشعاع داخل المختبرات، لكن هذه الإجراءات مكلفة للغاية وتتطلب وقتًا وجهدًا هائلين؛ لذا يظل اعتماد الباحثين على الحديد القديم من حطام السفن خيارًا عمليًا أكثر بسبب نقائه الإشعاعي وطبيعته المحفوظة لفترة طويلة تحت أعماق المحيط مما يمنعه من التلوث الإشعاعي الخارجي؛ وهنا قائمة توضح أسباب استمرار استخدام فولاذ ما قبل الحرب رغم التطور التقني:

  • نقاء إشعاعي شبه كامل لا يستطيع المضافات الصناعية تعويضه
  • تكلفة تصنيع فولاذ خالٍ من الإشعاع عالية جدًا مقارنة بالفولاذ القديم
  • توفر كميات مهمة من الفولاذ في حطام السفن التاريخية تحت البحار
  • فعالية استخدامه في معدات قياس الإشعاع الحساسة والأجهزة الطبية
  • صعوبة إنتاج نفس جودة الفولاذ بطرق حديثة وضمن وقت قليل

تغير مستقبل فولاذ ما قبل الحرب: هل هو قابل للانتهاء؟

يرى العلماء أن فصل عصر فولاذ ما قبل الحرب يبدو وشيكًا مع تحسن الوضع الإشعاعي في الغلاف الجوي نتيجة المعاهدات الدولية التي حدّت بدرجة كبيرة من التجارب النووية؛ مما يقلل الحاجة الملحّة لهذا النوع النادر، وبالطبع هذا سيؤثر على قيمته السوقية؛ لكن في الوقت الراهن، تظل كل قطعة من فولاذ ما قبل الحرب قطعة فريدة نادرة تقدّر كثيرًا ولا تزال تتحفز الباحثين والمختبرات لاستغلال مزاياها؛ الجدول التالي يوضح مقارنة بين أنواع الفولاذ في الاستخدام العلمي:

نوع الفولاذ تعريفه الاستخدامات المميزة
فولاذ ما قبل الحرب صُنع قبل 1945، خالي من التلوث الإشعاعي معدات قياس الإشعاع، الأجهزة الطبية، اختبارات حساسة
فولاذ حديث صُنع بعد 1945، يحوي تلوث إشعاعي طفيف الهياكل الهندسية، الأجهزة العادية
فولاذ مصنع معمليًا يُنتج بإجراءات خاصة خالية من الإشعاع، مكلف بحوث عالية التقنية ولكن بتكلفة مرتفعة

فولاذ ما قبل الحرب محفور في ذاكرة البحث العلمي كبريق نادر يجمع بين نقاء المادة وأثرها المباشر على دقة النتائج العلمية، وهذا ما لا يزال يجعل من الحديد المصنوع قبل عام 1945 هدفًا ثمينًا حتى وإن بدأ العالم يتجه نحو تقنيات حديثة قد تقلل من الحاجة له يوماً ما