«تراجع مفاجئ» انخفاض سعر صرف الدولار في العراق هل يشهد الاقتصاد تحسناً مستداماً

أسعار صرف الدولار تشهد تحركات مهمة أمام الدينار العراقي نتيجة تداولات بورصتي الكفاح والحارثية التي أثرت على سعر العملة، حيث سجل سعر الدولار 143.350 دينارًا مقابل كل 100 دولار، ورغم محاولات الحكومة والبنك المركزي لتحقيق الاستقرار، يبقى سوق الصرف يعاني من تقلبات مستمرة تهيمن على المشهد المالي داخل العراق وتؤثر على الاقتصاد المحلي.

أهمية أسعار صرف الدولار وتأثيرها على الأسواق العراقية

تُعد أسعار صرف الدولار مؤشرًا أساسيًا يؤثر على الأوضاع الاقتصادية في العراق، حيث يلعب هذا السعر دورًا مباشرًا في تحديد تكلفة السلع والخدمات نتيجة اعتماد الاقتصاد العراقي الكبير على الدولار في معاملاته الداخلية، ومع تسجيل انخفاض ملحوظ في سعر الدولار عند افتتاح بورصتي الكفاح والحارثية، وصل السعر في محال الصيرفة إلى 142.250 دينارًا للبيع، و140.250 دينارًا للشراء مقابل كل 100 دولار، مما يبرز العلاقة بين حركة السوق الرسمية والموازية، والتي تعكس حالة من عدم الاستقرار في سوق العملة بسبب تغييرات مستمرة ومؤثرة.

يعمل البنك المركزي العراقي بجدية للحد من هذه التقلبات عبر أدوات مثل المنصة الإلكترونية ونظام التحويل المالي “سويفت”، لكن هذه الإجراءات لم تكفِ لوضع حد للتذبذب في أسعار صرف الدولار، حيث ما تزال الأسواق الموازية تلعب دورًا مؤثرًا في خلق فجوات بين السعر الرسمي والسعري الفعلي في السوق.

كيف أثرت قرارات مجلس الوزراء على أسعار صرف الدولار؟

في 7 شباط 2022، أصدر مجلس الوزراء قرارًا بتثبيت سعر صرف الدولار عند 1320 دينارًا للدولار الواحد بهدف تعزيز استقرار العملة العراقية ومواجهة تقلبات السوق الخارجية، لكن هذا الرقم بقي نظريًا لا يعكس الواقع الفعلي للسوق، حيث توجد فجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسعر في الأسواق ما بين البورصات ومحال الصيرفة والسوق السوداء. تسبب هذا التفاوت في موجة من التضييقات على الوسطاء والشركات التي تؤثر على سعر الصرف مما دفع الجهات الحكومية لمواصلة الضغط لتنظيم السوق.

يشدد العديد من الاقتصاديين على ضرورة إعادة النظر في استراتيجيات ضبط الأسعار، مؤكدين أن تحسين البنية التحتية المالية والتقليل من اعتماد العراق على العملات الأجنبية يمكن أن يساهم في الحد من هذه التقلبات، كما يؤيدون إعطاء المزيد من الحرية لآليات السوق الحرة لتحقيق توازن أفضل في التعاملات النقدية.

دور البنك المركزي ونظام التحويل المالي في تعزيز استقرار أسعار صرف الدولار

البنك المركزي يعد الجهة الرسمية المسؤولة عن ضبط السياسة النقدية داخل العراق، حيث قام بتفعيل منصات إلكترونية حديثة ونظام التحويل المالي “سويفت” للتحكم بشكل أكثر شفافية في حركة العملات الأجنبية، غير أن تدخلات السوق الموازية ما تزال تشكل عائقًا رئيسًا أمام تحقيق استقرار حقيقي في أسعار صرف الدولار. الفرق بين السعر الرسمي والسوق غير النظامية يعكس مستوى التحديات القائمة.

لذلك، ينبغي أن يركز البنك المركزي جهوده على الخطوات العملية التي تساهم في تقليل الاعتماد على السوق السوداء، وتعزيز السيولة المحلية من خلال:

• تفعيل المنصة الإلكترونية لتشمل جميع عمليات التداول المالي بشكل أوسع
• متابعة وتحليل تدفقات العملات الأجنبية عبر نظام “سويفت” بصورة دورية
• زيادة الرقابة على الأسواق الموازية ومحاسبة المخالفين فورًا
• التنسيق المستمر مع وزارة المالية لإعداد برامج استقرار نقدي تدعم الدينار العراقي
• الحفاظ على التواصل المستمر مع المستثمرين لضمان شفافية الأسعار وتحقيق التوازن المطلوب

الاستفادة من تجارب الدول التي تواجه مشكلات مماثلة في إدارة سوق العملات ستقدم فرصًا لتطبيق تقنيات مبتكرة تحسن من وضع العملة المحلية.

الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمي والأسعار السائدة تمثل تحديًا مستمرًا يستلزم جهودًا متضافرة من الحكومة والبنك المركزي لضبط السوق بما يخدم الاقتصاد الوطني، وتبقى العوامل الداخلية والخارجية متشابكة مع تأثيرات الأسواق الموازية التي تتطلب حلولًا تقنية ورقابية متقدمة لتحقيق استقرار مستدام في أسعار صرف الدولار.