«وجه جديد» ديفيد زيني قائد الشاباك الجديد في ظل تصعيد الأوضاع بغزة

ديفيد زيني، رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي الجديد، أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية الإسرائيلية، بتأييد كبير من معسكر اليمين الذي يصفه بالقائد الحازم وذي الخبرة العميقة، وتحفظ من اليسار الذي يرى في تعيينه إشكاليات قانونية حرجة، ويرتبط لاسمه تحذير دقيق سابق من هجمات أكتوبر 2023 المفاجئة.

جدل سياسي حاد حول تعيين ديفيد زيني رئيسًا لـ «الشاباك»

شهد تعيين ديفيد زيني، مديرًا لجهاز الشاباك الإسرائيلي، أجواء من الانقسام بين الأحزاب والجماعات السياسية داخل إسرائيل. اتخذ معسكر اليمين موقفًا داعمًا للتعيين، معتبرًا أن زيني يمثل شخصية عسكرية مدروسة وضرورية في ظل الظروف الأمنية الحرجة، بينما شككت المعارضة اليسارية بشرعية القرار، إذ أثارت المستشارة القانونية للحكومة مخاوف من تضارب المصالح وتأثير ذلك على معايير الحكم الرشيد.

قوبل القرار بانتقادات حادة نظرًا للتوقيت الذي جاء فيه والمنعكسات المتعلقة بتأثير الأجهزة التنفيذية على استقلالية المؤسسات الأمنية. من جانب آخر، يتركز الجدل أيضًا حول دور القيادة الأمنية في تحديد الخطط والسياسات الأمنية بعيدًا عن تدخل الحكومة المباشر، وسط اتهامات بمعالجة الأزمة بأسلوب حزبي يخدم مصالح بعيدة عن المصلحة العامة.

ديفيد زيني.. من نشأته المغربية إلى قيادة جهاز حساس

وُلد ديفيد زيني في القدس المحتلة عام 1974، وينحدر من أسرة ذات أصول مغربية استقرت لاحقًا في مدينة أشدود. كبر في محيط ديني حيث كان والده يشغل منصب حاخام محلي، هذا خلف أثرًا عميقًا على شخصيته وارتكز في مسيرته العسكرية على التدريب والالتزام.

بدأ زيني حياته العسكرية في وحدة النخبة “سييرت متكال”، وهي واحدة من أكثر الوحدات المرموقة داخل جيش الاحتلال، وتدرج في المسؤوليات حتى تولى أدوارًا قيادية مهمة، حيث انضم للوحدة الخاصة “إيجوز” ثم لواء جولاني، كما ارتقى بمناصب متعددة وصولًا إلى قمة الهرم الأمني بعد تكليفه بقيادة جهاز الشاباك. المنافسة الأمنية القوية تلقي بظلالها على حراك زيني، إذ إنه يحمل رؤية تُعزز الجاهزية الأمنية عبر التحذيرات المستمرة والاستباقية للهجمات.

تحذيرات ديفيد زيني وهجوم أكتوبر 2023

خلال التصعيد المفاجئ الذي شهدته حدود قطاع غزة، كان لديفيد زيني بصمة واضحة في تعزيز عمليات الاستعداد الأمني بعد توقعه سيناريو مشابه قبل أشهر من الهجوم. وقد أجرى زيني في مايو 2023 تقييمًا شاملًا لاستعدادات الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية، محذرًا من إمكانية تعرض إسرائيل لهجمات منسقة تشمل مختلف المناطق.

عندما وقعت هجمات أكتوبر، برز زيني كواحد من قادة العمليات الأمنية الذين انضموا للميدانيين في مناطق النزاع، وأثبتت السيناريوهات التي توقعها سابقًا دقة رؤيته لما يمكن أن تواجهه إسرائيل أمنيًا. حملت مشاركاته الميدانية رسالة واضحة حول اهتمام القيادة ليس فقط بتحليل المعلومات بل والتواجد الفعلي في قلب الأحداث.

الأزمة السياسية وتأثيرها على استقلالية الشاباك

تعكس قضية تعيين ديفيد زيني مشهدًا معقدًا من التوترات السياسية والأمنية في إسرائيل، إذ جاء هذا التعيين بعد إقالة رونين بار وسط صراعات داخلية تتعلق باستقلالية جهاز الشاباك عن تدخلات الحكومة. تلك الإقالة فتحت باب النقاش واسعًا حول نزاهة عمليات التعيين ومدى تأثير التحزبات السياسية على اتخاذ القرار.

قد يصبح دور الشاباك في عهد زيني جزءًا من صراع أكبر يتعلق بالتوازن بين السلطات التنفيذية والقضائية وتأثير هذا الصراع على الاستقرار المؤسساتي في إسرائيل. لا يزال الجدل مستمرًا في ظل عدم وجود توافق بين الأطياف السياسية حول إعادة ضبط العلاقة بين مكونات الحكومة وتأمين فعالية الجهاز الأمني بعيدًا عن المصالح الحزبية.

• معسكر اليمين يرى في تعيين زيني ضرورة أمنية لاستقرار إسرائيل.
• اليسار يشير إلى أن القرار تمت صياغته لأسباب حزبية وقانونية مثيرة للجدل.
• التحديات تتزايد خاصة مع تصاعد التوتر بين السلطتين القضائية والتنفيذية.
• زيني يسعى لتعزيز الجهاز الأمني بتوجيه عملي واستعداد استباقي للهجمات المفاجئة.

تعيين ديفيد زيني على رأس الشاباك يشكل مرحلة جديدة حاسمة للأمن الإسرائيلي، لكن هذا التعيين أيضًا يعكس أبعادًا سياسية عميقة يشوبها انقسام داخلي وأزمة دستورية متصاعدة، مما يضع مستقبل الجهاز تحت المجهر.